الإثنين 26 يناير 2015 / 17:35

إيران.. حين تخدعنا وتقول ما لا تفعل



أذكر قبل سنوات حين طالب رئيس البرلمان الإيراني علي رفسنجاني من المملكة العربية السعودية أن تتوقف عن قتال الحوثيين بحجة "الأشهر الحرم"، وكانت بلده إيران في ذاك الوقت تُسيّر آلات حربها في الشوارع لتفرم الإيرانيين المحتجين على بعض السياسيات هناك ..

يومها كتبت مقالاً بعنوان "إيران تنهى عن الحق، وتدعو إلى الباطل" للإشارة إلى مفارقة مضحكة ليست بغريبة على إيران التي تجد في نفسها الحق وفي الآخرين ما هو أبعد من الباطل والكفر أيضاً. وإلا كيف ينهى رفسنجاني عن قتال السعوديين مع المتسللين إلى أرضهم (أي المعتدين عليهم)، ويبرّر لنفسه ولبدله أن تقتل شعبها الأعزل! ذاك الذي لم يحمل سلاحاً ولم يكن طارئاً على الدولة ولم يجر خلفه مطامع دول معادية ..؟!

اعتدنا في العقد الأخير على مثل تلك المفارقات المضحكة، والمبكية في بعض حالاتها، فالسياسة الإيرانية أصبحت لا تشبه سوى نفسها، وتتكرر بشكل عجيب، وتبدي ما لا تضمر، وتقول ما لا تفعل. وخير دليل على ذلك الادعاء بدعمها للعرب وهي التي تحتل أراضٍ عربية وتصر على رفض جميع الحلول التي من شأنها إنهاء هذا الاحتلال.

من المفارقات أيضاً، أن نرى إيران تستميت في الدفاع عن دول ومدن عربية بحجة دعم المقاومات العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن أجل استعادة القدس وفلسطين كلها. لكنها من وراء ذلك، تريد استعادة أمجاد فارسية تدّعيها، بل وتسعى للتمدد في الجغرافيا العربية وفرض هيمنتها عليها، فما يحدث في سوريا والعراق يعكس واقع الطموحات الإيرانية بشكل واضح لا يقبل القسمة على الشك!

ومن المفارقات كذلك أن نرى هذا السخاء المفرط للدولة الإيرانية في صرفها، لا على أبناء شعبها ومشاريعها التنموية الداخلية، بل صرفها على (الخارج) بما يشمله من أحزاب ومؤسسات وجمعيات تعمل كحارس للدولة الإيرانية خارج حدودها، وتكلّف إيران ما لا يمكن تخيّله أو تصوّره، فهل كل ذلك من أجل الحرص الإيراني على المصالح العربية وكرمها وحسن نواياها تجاهنا نحن العرب؟!

ما يحدث في مملكة البحرين، ألا يبرهن أيضاً على تلك النزعة التوسعية التي تستند إلى الطائفة والمذهب وتؤجج النفوس والحروب، وتفرّق بين أبناء الوطن الواحد بناء على المعتقد أو الطائفة؟!

قبل أيام فقط، ضربت إسرائيل في سوريا، وقتلت عسكريين إيرانيين، فماذا كان رد إيران على ذلك؟ وهل سترد أصلاً؟ ألم تهدد من قبل بعد اغتيال مغنيّة القيادي في حزب الله ولم تفعل؟!

هذه مفارقات كثيرة تدل على تخبّط كبير في السياسة الإيرانية، وتستدرج إيران إلى منطقة لن تستطيع فيما بعد العودة أو الخروج منها أكان نحو الأمام أو حتى الخلف، لأن كل ما تفعله يعزز حقيقة كونها دولة عدوّة للعرب، ساعية لتفتيت العالم العربي، وهي بذلك لا تختلف كثيرا عن جميع الدول الطامعة والطامحة لاحتلالنا بل ورمينا خارج أسوار الأرض وجدار التاريخ..