الإثنين 26 يناير 2015 / 23:06

صحيفة أمريكية: صعود داعش "ألهم" التنظيمات المتطرفة

24- إعداد: ميسون جحا

مع خفوت الأصوات التي نادت" كلنا شارلي"، برزت حقيقتان حول الهجومين الإرهابيين اللذين وقعا في باريس، أولهما تتمثل في الرد القوي والاستثنائي على العنف الذي طال مجلة ساخرة ومتجر يهودي، والذي بدا من خلال خروج ٣,٧ مليون شخص في مسيرة مناهضة للعنف، إلى نشر غير مسبوق لعشرة آلاف جندي فرنسي لحماية المؤسسات اليهودية، وحتى طباعة 3 ملايين نسخة من مجلة شارلي إيبدو.

ومن جهة أخرى، ومع ظهور تفاصيل عن الهجوم، تأكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا النوع من العنف هو الطبيعة الجديدة للإرهاب الجهادي، وفقاً صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

أوجه التشابه
وبحسب الصحيفة، فأنه عند النظر إلى الأحداث الأخيرة في باريس أو أوتاوا أو سيدني، لا بد من ملاحظة أوجه التشابه الواضحة فيما بينها، إذ كانت عبارة عن هجمات وعمليات اختطاف نفذت بأجهزة غير فائقة التقنية، ونفذها متشددون محليون لا تربطهم علاقات مباشرة وقوية بتنظيم إرهابي كبير.

ورغم إعلان القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مسؤوليتها عن قتل محرري شارلي إيبدو، يبدو أن دور التنظيم اقتصر على ذكر اسم المجلة على موقعه الإلكتروني، وربما تقديم بعض التدريب والمال للأخوين كواشي قبل بضعة سنوات.

ولم تشمل تلك الحوادث عمليات تفجير انتحارية أو هجمات معقدة على أهداف كبرى كمطار هيثرو أو وول ستريت، إذ تمخضت جميعها عن إيقاع عدد قليل من القتلى بالمقارنة مع أحداث سابقة.

تحديات جديدة
ووفقاً للصحيفة، من شأن مثل تلك الهجمات أن تشكل تحدياً للحكومات الغربية وشعوبها لعدة أسباب، ومنها الصراعات المعقدة القائمة خارج حدود الدول المتضررة، والتي تحرض المتشددين، وكذلك المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تشكل خلفية لهذا التشدد، فضلاً عن صعوبة التعرف على المهاجمين المحتملين، والرفض الشعبي العام للعنف. 

وكان ظهور داعش ونجاحه في الاستيلاء على مساحة كبيرة من الاراضي العراقية والسورية، أدى لارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية، وبث الحماس في نفوس راديكاليين إسلاميين، فبعد قرابة عقد ونصف من إخفاقات القاعدة، ساعد الاستيلاء على الموصل والسيطرة على أراض تمتد من ريف حلب وصولاً إلى الرمادي، في منح المتشددين شعوراً قوياً بأن التاريخ بدأ ينحاز إلى جانبهم.

متشددون محليون
ولفتت الصحيفة إلى أن منفذي الهجمات لم يكونوا من المقاتلين الأجانب العائدين، بل كانوا متشددين أرادوا أن يصبحوا جزءاً من المهمة، ولكن من داخل أوطانهم، وربما يشير حادث إطلاق النار الأخير بمنطقة فيرفيير في بلجيكا، والذي قيل أن مقاتلين عائدين من سوريا تورطوا في تنفيذه، إلى أن تحدي المقاتلين الأجانب أقرب مما تصوره بعضهم سابقاً، ولكن حتى هذا الوقت، يأتي التهديد الأكبر من أولئك الذين يسعون للصعود على أكتاف ظاهرة داعش، ولكن لم يجندهم التنظيم.

وأضافت الصحيفة أنه حتى قبل اجتذاب داعش لاهتمام المتشددين، كان التوجه الإرهابي الجديد بدا واضحاً، رغم أن الهجمات كانت أقل عدداً، وشملت الحوادث الأولية إطلاق الميجور نضال الحسن النار في ثكنة هوود في الولايات المتحدة وقتله ١٣ جندياً، وكذلك مقتل 7 في حادث إطلاق نار في تولوز ومونتابون بفرنسا في عام ٢٠١٢، على يد متشدد، وكذلك طعن الجندي البريطاني لي ريغبي عام ٢٠١٣، على يد مجموعة من المتشددين، كما أن الأخوين تساناييف الذين شنا الهجوم على ماراثون بوسطن ينتميان إلى هذه الطائفة من المتشددين، أي الذين عملوا بمعزل عن توجيه خارجي، واستخدما أبسط أنواع القنابل التي يمكن تخيلها.

أحداث مؤسفة
وأشارت "بوليتيكو" إلى أنه على الرغم من شعور الجميع بالأسف عند وقوع تلك الهجمات، فإن حقيقة التراجع الكبير في أعداد الوفيات بكل حادث، عما كان عليه الحال عند وقوع هجمات مدريد ولندن وتفجيرات ٩/١١، يعد نجاحاً حققته أجهزة مكافحة الإرهاب.

وذلك لا يعني أن الإرهابيين تخلوا عن محاولاتهم شن هجمات كبرى، فالقاعدة في اليمن تركز على تطوير قنبلة يمكن إدخاها إلى طائرة من دون اكتشافها، ولا يمكن للولايات المتحدة التخلي عن حذرها الشديد في هذا الشأن.

ومن أجل إبطال أهداف هذه الجماعات، وإن كان الأمر ينطوي على صعوبات جمة، يرى خبراء في مكافحة الإرهاب، أنه من الأجدر إقناع متشددي داعش أن لحظتهم العالمية لم تصل، إذ كان الرئيس أوباما محقاً في تجنب الوقوع بمصيدة التدخل الأعمق في العراق، والذي سيقود إلى مزيد من الراديكالية، ومن هنا لابد من مواصلة الضربات الجوية، واستمرار عمليات الائتلاف الدولي وتدريب القوات العراقية ودعمها، وكل ذلك يتطلب وقتاً ومزيداً من الطاقة المكرسة حالياً لهذه المهمة.