الجمعة 30 يناير 2015 / 00:34

جين هاكمان .. 84 عاماً من الفن

24 - محمد هاشم عبد السلام

ولد الممثل الأمريكي المتميز، "يوجين آلان هاكمان"، المعروف باسم جين هاكمان، في الثلاثين من يناير عام 1930، بسان برناندينو، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية.

على مدى حياته المهنية، التي امتدت لقرابة خمسة عقود من الإبداع الفني الراقي، منذ منتصف الستينات وحتى مطلع هذا القرن، قدم جين هاكمان الكثير من الأعمال السينمائية والمسرحية والتليفزيونية المتميزة، وفي رصيد هاكمان السينمائي، الذي يحتفل بميلاده الرابع والثمانين، تسعة وتسعين فيلماً وعشر مسرحيات تقريباً.

نشأته
ولد جين هاكمان في سان برناردينو، بكاليفورنيا، لـ "ليدا هاكمان" و"يوجين عزرا هاكمان"، وهو الثاني في الترتيب بعد شقيقه الأكبر "ريتشارد". ووالدته، التي ولدت في كندا، ذات أصول إنجليزية اسكتلندية، أما والده فمن أصول بافارية ألمانية، كانت عائلته دائمة التنقل، إلى أن استقرت بولاية ألينوي، ببيت جدته لأمه، وهناك افتتح والده مطبعة صغيرة، أصدرت جرائد محلية ودعائية.

قد مرت طفولة هاكمان دون أي متاعب أو صعوبات تذكر، باستثناء بعض الشجارات بين والديه، التي انتهت لاحقاً بانفصالهما عام 1962، وهجران الأب لأسرته، وقد توفيت والدته في وقت متأخر من نفس العام جراء حريق تسببت فيه أثناء تدخينها.

تلقى جين دراسة عادية وكان مثالاً للالتزام والانضباط، الأمر الذي دفعه وهو في سن السادسة عشر لمغادرته منزله والانضمام إلى قوات مشاة البحرية الأمريكية، حيث خدم لأكثر من أربع سنوات كعامل تشغيل لأجهزة الراديو والاتصال الإذاعي، وبعد تركه الخدمة، انتقل هاكمان إلى نيويورك، حيث تنقل بين عدة وظائف هامشية للتعيش من عائدها.

مرحلة الستينات
في عام 1956 دخل جين هاكمان "مسرح باسادينا" الشهير في كاليفورنيا، حيث درس المخرج يوسف شاهين التمثيل، ليدرس باستديو الممثل، وهناك، عقد صداقة وثيقة مع مغمور مثله، اشتهر فيما بعد، وهو الممثل داستن هوفمان، وبسبب التعنت والمعاملة الغريبة التي عاملهما بها زملائهما، وتشكك الجميع في نجاحهما لاحقاً، تركا المدرسة، ربما كانت تلك المعاملة هي الحافز بالفعل في تصميم هاكمان على تحقيق النجاح، فترك المدينة كلها، وانتقل للعيش في نيويورك وتجربة حظه بالعمل هناك، وكان هذا في مطلع الستينات.

وقد ظل هاكمان يتنقل بين وظائف متدنية وعادية ويجرب حظه في عدة أدوار لا تذكر سواء بالسينما أو المسرح، خاصة المسرحيات التي كانت تعرض على هامش برودواي، وفي عام 1961، كان أول دور بطولة له، بالمعنى المتعارف عليه، في المسرح، الأمر الذي فتح أمامه باب السينما، فأخذ يعمل فيها لسنوات بعدة أدوار متفاوتة المساحة والأهمية، حتى عام 1967، عندما ظهر كممثل مساعد في دور "باك بارو" بأحد أشهر الأفلام الهوليوودية "بوني وكلايد"، الذي ترشح عنه لأول مرة في حياته لأوسكار أحسن ممثل مساعد، وقد تتالت عليه الأدوار منذ ذاك الفيلم فعمل بالمسرح وبالتليفزيون أيضاً، والأغلب الأعم في السينما، لكن الأفلام لم تكن دائماً بنفس مستوى الجودة.

السبعينات
في عام 1971 ترشح هاكمان مرة أخرى لأوسكار أحسن ممثل مساعد عن دوره في فيلم "لم أغن أبداً لوالدي" (1970)، لكنه فاز بها في العام التالي كأحسن ممثل، وذلك عن الفيلم البوليسي "الرابط الفرنسي"، وقام فيه بدور مُحقق مدينة نيويورك، الذي يُوقِع بعصابة تهريب مخدرات كبرى، ويحول دون وصول شحنتها القادمة من فرنسا.

مع ذلك التحقق الكبير انطلق هاكمان يؤدي العديد من أدوار البطولة في كثير من الأفلام المتباينة المستوى بين الجيد والقوي مع العديد من المخرجين، من بينهم فرانسيس فورد كوبولا، وقد ترشح عنها أيضاً لعدة جوائز مهمة، ومع منتصف السبعينات، أقدم هاكمان على خوض مغامرة التمثيل الكوميدي، وقد أبلى بلاء حسناً وحقق سمعة طيبة في تلك الأدوار، والتي كان أشهرها الفيلم الذي حمل عنوان "فرانكشتاين الصغير".

من منتصف وحتى نهاية عقد السبعينات لم ينشغل هاكمان بأداء العديد من الأدوار، ورفض الكثير مما عُرِض عليه بالسينما أو المسرح أو التليفزيون، واكتفى بأداء دور بطولة في فيلم واحد كل سنة تقريباً، وقد تنوعت تلك الأدوار بين الكوميدي والتاريخي والحربي والجريمة والإثارة، في الوقت نفسه، خاض هاكمان تجربة العمل بأفلام متعددة الأجزاء، فأقدم على العمل في "الرابط الفرنسي" الجزء الثاني، واشترك كذلك في "سوبر مان" الجزء الأول والثاني.

الثمانينات
خلال عقد الثمانينات تراوحت أدوار هاكمان بين البطولة المطلقة أو الأدوار الثانوية، وبرغم تزايد وتيرة الأفلام التي عمل بها هاكمان خلال الثمانينات، إلا إنها لم تتجاوز معدل الفيلمين فقط في السنة، وذلك مع حرصه على تنوع أدواره وعدم تكرارها ومحاولة التجديد قدر الإماكن، وقد أتيحت له تلك الفرصة باشتراكه في فيلم "هوسرس" (1986) كمدرب كرة سلة يصل بإحدى الفرق المدرسية المغمورة للفوز بأهم البطولات، وقد اختتم هاكمان العقد بترشحه لجائزة أوسكار أحسن ممثل عن دوره في فيلم "احتراق المسيسبي" (1989)، والذي حصل عنه أيضاً على جائزة الأسد الفضي بمهرجان برلين.

التسعينات
في أوائل التسعينات تعرض هاكمان لمتاعب صحية بالقلب أدت لإبعاده عن العمل لبعض الوقت، وبعد تعافيه السريع عاد هاكمان للسينما وقام بأداء عدة أدوار بسيطة، حتى أدى دور الشريف السادي في فيلم "غير المتسامح" (1992)، والذي فاز عنه بثاني أوسكار له كممثل مساعد أمام البطل والمخرج كلينت أيستوود، ومنذ ذلك الفيلم وحتى نهاية التسعينات وهاكمان يؤدي العديد من الأدوار المتنوعة والمتميزة التي وقف فيها أمام العديد من النجوم في دور البطلة أو كممثل مساعد، مثل توم كروز وليوناردو دي كابريو وراسل كرو ودينزل واشنطون وروبين ويليامز وويل سميث وكلينت إيستوود وشارون ستون وناثان لي.

مطلع القرن
منذ مطلع القرن، بدأ القدير جين هاكمان يقلل من ظهوره في السينما، وحتى من مساحة أدواره، فمنذ عام 2000 وحتى 2004، لم يقدم للسينما سوى أحد عشر فيلماً فحسب، وكان آخر أفلامه "مرحباً بكم في موسبورت"، حيث قام فيه بدور رئيس سابق للولايات المتحدة، ولم تكن تلك بالطبع المرة الأولى التي يقوم فيها هاكمان بذلك الدور، وفي العام 2003 توّج جين هاكمان في حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب، بجائزة "سيسيل بي، ديميل" التكريمية، وذلك لـ "مساهمته البالغة في مجال السينما".

تقاعد وتفرغ أدبي
يعتبر هاكمان من الممثلين القلائل جداً في تاريخ السينما العالمية الذين اتخذوا قراراً باعتزال مهنتم، وقد اتخذ هاكمان ذلك القرار في نهاية عام 2004، وقد أعلنه على الملأ بأحد البرامج التليفزيونية الواسعة الانتشار، والغريب في الأمر، وعلى عكس ظن الجميع، لم يعدل هاكمان عن قراره منذ ذلك الحين، بل وقلل كثيراً جداً من ظهوره في أي محفل عالمي.

ومن المعروف عن جين هاكمان أنه من المهتمين بالأدب والكتابة الأدبية، لا سيما الرواية، وقد أصدر هاكمان العديد من الروايات وذلك منذ عام 1999، وكانت آخر رواية له بعنوان "مطاردة"، وهي رواية بوليسية صدرت عام 2013.

جوائز وترشيحات
نال جين هاكمان العديد من الجوائز والترشيحات، التي توجت أدائه المهني المتنوع على امتداد مسيرته الحافلة، فقد فاز هاكمان بثلاث ترشيحات للأوسكار، اثنان كأحسن ممثل مساعد، عن دوره في فيلم "بوني وكلايد" (1967)، وفي فيلم "أنا لم أغن أبداً لوالدي" (1970)، وترشح وحيد لأحسن ممثل عن دوره في "احتراق المسيسبي" (1988)، وقد وفاز هاكمان بجائزة الأوسكار لأحسن ممثل عن دوره في "الرابط الفرنسي" (1971)، ولأحسن ممثل مساعد عن دوره في "غير المتسامح" (1999).

وقد ترشح هاكمان خمس مرات لجوائز "الجولدن جلوب" كأحسن ممثل وأحسن ممثل مساعد، وفاز بها أربع مرات، كما ترشح لجوائز "البافتا" كأحسن ممثل وأحسن ممثل مساعد ثلاث مرات، وفاز بها مرتين، وفاز أيضاً بجائزة "الأسد الفضي" في مهرجان برلين السينمائي عن دوره في "احتراق المسيسبي" عام (1989).

حياته الخاصة
تزوج جين هاكمان من "فاي مالتيس"، واستمر زواجه بها قرابة ثلاثة عقود، وأنجب منها ثلاثة أبناء، ولد وابنتان، وقد انفصل عنها في منتصف الثمانينات، وقد تزوج هاكمان مرة ثانية في أوائل التسعينات بزوجته الحالية "بيتسي أراكاوا"، ولم ينجب منها.

والمعروف عن جين هاكمان، إلى جانب ولعه بالأدب والكتابة الروائية، ممارسته لرياضية ركوب السيارات، ومشاركته الفعالة في العديد من السباقات الرياضية التي تقام بأمريكا لتلك الرياضة، وقد فاز بعدة جوائز في بعضها، وهو من هواة قيادة سيارات الجاجور الرياضية.