الخميس 26 مارس 2015 / 17:06

عاصفة الحزم: رسالة أمل قوية



راهن الصغار على تبدل الأدوار، وعملوا جاهدين على تغيير قوّة التوازن بالمنطقة وبدأت الأطماع تأخذ بعداً أكثر وضوحاً منذ الثورات التي اصطلح على تسميتها إعلامياً بالثورات العربية ولم تكن إلا باباً مفتوحاً على مصراعيه لأجندات أخذت خطوات على الأرض تمهد لتقسيم الوطن العربي على أساس طائفي.

ومنذ بداية ثورات "الخريف العربي"، حاولت إيران وبصورة سافرة أن تؤسس لنفسها موطئ قدم في كل منطقة تعاني من فراغ سياسي وأمني بسبب ثورات الخراب تلك، وفي كل دولة ترتخي فيها يد الدولة تبدأ إيران بالتوغل فيها ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية التي تحدد العلاقات بين الدول، فأمدت ودعمت ومولت وساندت خلاياها في المنطقة للسيطرة، بهدف تنفيذ مشروعها التمددي الإيراني، وصبغت تحركاتها بصبغة دينية من أجل إحداث التقسيم في سياق المخطط التآمري على المنطقة العربية بإشعال الصراعات الطائفية، وتوظيفها من أجل التقسيم والتفتيت والتجزئة، التي مهدت لها الفوضى الخلاقة، الأرضية اللازمة مع خطاب إعلامي مسموم يخدم المشروع ومن يقف خلفه.

السعودية من أهم دعائم قوة الوطن العربي وهي ومصر تمثلان بالنسبة للوطن العربي طوق النجاة في أي طوفان سياسي وصمام الأمان والعمود الفقري للبقاء، لاسيما بعد انهيار جيوش دول عظمى مثل سوريا والعراق. 

السعودية ومصر هدفان لا يهدأ التآمر عليهما من أجل إضعاف قوتهما وإحكام السيطرة على الوطن العربي كاملاً، والانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن ليس المقصود به اليمن وأمنها واستقرارها فحسب ولكنها رسالة للسعودية وبالتالي الأمن الخليجي، والسيطرة عليه من قبل ميليشيات مسلحة يشكل تهديداً مباشراً للمنطقة، إضافة إلى أهمية باب المندب حيث أن السيطرة عليه تشل اقتصاديات دول عدة أهمها مصر التي يعتمد اقتصادها على عائدات قناة السويس.

وباب المندب الذي يعد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية، وإن كانت إسرائيل قد بسطت لها نفوذاً عليه من خلال علاقتها بأثوبيا، إلا أن الانقلاب الحوثي ودور إيران في دعمه لا يستبعد مطامع أخرى لإسرائيل، الظهير الخلفي لكل المطامع والمستفيد الدائم من كل فوضى أو صراع أو اقتتال أو توتر في المنطقة. 

إيران تحارب بالوكالة وإسرائيل تحارب بالبدلاء، ولكن كل الأوراق أصبحت واضحة، فما فشلت فيه إيران في البحرين وعن طريق حزب الله وبالتحريض الطائفي، قامت به بصورة أكبر في اليمن وهذه المرة بتصميم على الهدف واستغلال للفرصة التاريخية المؤاتية التي لن تأتيها بسهولة مرة أخرى، لذا ألقت بكل ثقلها لتحارب السعودية عن طريق الحوثيين، ورفض الحوثيين أي حوار سياسي وتعنتهم في أن يكونوا شركاء في توافق سياسي من أي نوع يعبران عن الهدف الحقيقي خلف تحركاتهم المحكومة من المصدر الإيراني ويكشفان عن الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها من الانقلاب.

دول الخليج دول سلام، لا تعادي ولا تعتدي، ولا تشكل تهديداً لأي من دول الجوار ولا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، والخطاب الممول الذي يصور دول الخليج بما يخالف ذلك الواقع هو خطاب مزيف الهدف منه زعزعة الثقة في دولة لها ثقلها العربي والإقليمي والعالمي هي السعودية.

المنطقة العربية تواجه تحديات في أمنها ووحدتها واستقرارها وتهديد شعوبها، والحروب اليوم تدار عن طريق الجماعات المسلحة التي تمولها وتدربها وتدعمها دول إقليمية، ولا يمكن الرهان على أي تحرك من أي نوع يمس أمن دول الخليج، وبقاؤها صامدة في وجه التحديات والأطماع اليوم هو تحد تاريخي نجحت فيه دول الخليج.

وتشكل عاصفة الحزم رسالة قوية لإيران والدول الإقليمية التي تحاول أن تنال من أمن الخليج بتطويقها بالعنف والميليشيات عبر داعش في الشمال والحوثيين في الجنوب.

عاصفة الحزم بداية قوية، تأتي في إطار قانون دولي وبناء على طلب من الرئيس اليمني الشرعي اليمني لتدخل ينهي الانقلاب على الشرعية، وهي إنعاش للشعوب العربية وأملها في إرادة عربية موحدة تقف في مواجهة الأطماع الخارجية وتضع لها حداً لإعادة البناء لما انهار.

لا يمكن المراهنة على ما ستسفر عنه الأيام المقبلة ولكنها ضربة جاءت في موعدها وتزامناً مع عقد القمة العربية لوضعها أمام الواقع المصيري بضرورة التحالف العسكري لمواجهة الأخطار المحدقة ووضع حد للدول العربية صاحبة المواقف المتناقضة التي لا تخدم الأمن العربي المشترك.