رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)
الجمعة 27 مارس 2015 / 14:14

صحيفة أمريكية: لماذا قد يقبل نتانياهو بصفقة إيرانية؟

24. إعداد: ميسون جحا

نشرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، اليوم الجمعة، تحليلاً سياسياً تناولت فيه السلوكيات والمواقف غير المنطقية واللا مسبوقة التي اتبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من أجل الفوز في الانتخابات العامة التي أجريت قبل عشرة أيام في إسرائيل، و تمكن ناتانياهو من خرق كل قواعد البروتوكول السياسي في خلال بضعة أسابيع، عندما تدخل بين الرئيس الأمريكي والكونغرس.

وفي يوم الأربعاء الماضي، تفاقم الضرر الذي أحدثه خطاب ناتانياهو أمام الكونغرس، عندما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن إسرائيل لم تكن تتجسس على محادثات القوى ٥+ ١ وحسب، بل كانت تنقل معلوماتها إلى خصوم الرئيس في الكونغرس.

وفي ذات الوقت، قضى نتانياهو على جهود سياسية أمريكية وأوروبية دامت سنوات ، عندما صرح بأنه سيعارض حل الدولتين مع الفلسطينيين، كما أحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي صدمة لدى كل من الشعب والإدارة الأمريكية عندما حذر من خطر المواطنين العرب الذي مارسوا حقهم في التصويت، وذلك في نفس الوقت الذي كانت فيه أمريكا تحتفل بمرور نصف قرن على مسيرة سلمى، ومنح السود في أمريكا حق التصويت.

فوز انتخابي مكلف
وذكرت بوليتيكو بأنه اليوم وبعد تحقيقه فوزاً انتخابياً مكلفاً، سعى نتانياهو لسحب بعض كلماته الباهظة الثمن، قائلاً لمحاور من محطة إن بي سي (دهش مما سمعه)، وبأنه لم يوقف قط دعمه لحل الدولتين، ومن ثم ليجتمع مع مجموعة من رؤساء بلديات عربية قائلاً لهم "أنه يعتذر إن كان قد جرح مشاعر أي من المواطنين الإسرائيليين العرب عبر تحذيره من اختياراتهم الإنتخابية".

ولكن، كما تقول الصحيفة، حقق رئيس الوزراء الإسرائيلي نجاحا "محدوداً" في مداواة الجراح التي سببتها كلماته، إذ رفض زعيم "القائمة المشتركة"، العربية، والذي حققت قائمته فوزاً غير مسبوق في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، قبول الاعتذار، كما لم يبال البيت الأبيض بتكرار تعهد نتانياهو بحل الدولتين، وفي الواقع، فإن احتمالات المصالحة مع الولايات المتحدة في إطار اتفاق سلام إسرائيلي ـ  فلسطيني تبدو ضعيفة.

وتشير بوليتيكو إلى أنه مما يدعو للعجب، وبالنظر لتركيز ناتانياهو معظم نشاطه السياسي على تحذير العالم من الحرب مع إيران، وبالتهديد سابقاً بشن تلك الحرب بنفسه، فإن القضية التي يوحي بأنه سوف يعدل موقفه بشأنها هي الصفقة النووية مع طهران.

خطاب ناري
وتلفت الصحيفة إلى أنه قد يكون هذا التحول غير محتمل في أعقاب الخطاب الناري الذي ألقاه ناتانياهو أمام الكونغرس، والذي أعلن خلاله من أن صفقة وشيكة مع طهران "لن تسد الطريق أمام امتلاك إيران لقنبلة، بل ستمهد الطريق لإنتاج قنبلة".

وربما يفيد استعراض سجل تصريحات ناتانياهو في هذا الشأن. فقد قلل ناتانياهو علانية من هجماته الكلامية ضد إيران، بعد وقت قصير من بدء المحادثات مع القوى 5+1، وباستثناء تصريحات إيهود باراك الزئبقية والداعية للقتال، عندما كان وزيراً للدفاع، أصبحت بيانات ناتانياهو أكثر ندرة واعتدالاً.

ومما يدعو للسخرية أن ذلك التوجه وصل إلى ذروته في خطابه أمام الكونغرس، والذي رغم احتوائه على عدد من الإنذارات المتشائمة، فإنه خلا من تهديد نتانياهو بشن الحرب ضد إيران من جانب واحد، في حين أشار باراك أوباما ذات يوم بأن إسرائيل سوف تتصرف بمفردها، قال ناتانياهو أن إسرائيل ستقف بمفردها إن لزم الأمر، وحيث أوحى هو نفسه في خطاب سابق للخيار بين تشديد العقوبات أو حرب إقليمية، وبات اليوم نتانياهو يطرح خيار" صفقة سيئة" أو "صفقة أفضل". وحتى لو لم يقدم رؤيته لصفقة أفضل فيما عدا جملة من الأمنيات الطيبة.

مخاطر انتخابية
وتقول بوليتيكو أنه، بالإضافة لكل ما سبق، لن يكون لتعديل نتانياهو موقفه من إيران مخاطر انتخابية. وكشفت استطلاعات للرأي أجريت قبل خطابه أمام الكونغرس، أن واحداً من عشرة إسرائيليين يعتقدون بأن الخطر النووي الإيراني يشكل قضية انتخابية أساسية، وذلك بالمقارنة مع إسرائيليين إثنين من كل عشرة أبدوا اهتماماً بالصراع مع الفلسطينيين، وقرابة نصف المشاركين في الاستطلاعات قدموا الاقتصاد على باقي القضايا الملحة في الداخل الإسرائيلي.

وتختم بوليتيكو تحليلها السياسي بالقول أن تركيز ناتانياهو في موسمه الانتخابي على إيران، وحتى مواجهته مع الرئيس أوباما، تبدو بأنها كانت انحرافاً عن مسار القضايا التي تشغل بال الرأي العام، كالاقتصاد، والتي ليس له أن يقول فيها شيئاً أو يعدلها.

كما لا يتوقع أن يدخل نتانياهو في سجال مع الجيش أو الاستخبارات الإسرائيلية، والتي أظهرت تقارير حديثة أن معظم مسؤوليهما يعارضون شن هجوم إسرائيلي ضد إيران، وأنهم أكثر قلقاً من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وتفاصيل الاتفاق بين إيران والقوى 5+ 1.