السبت 18 أبريل 2015 / 18:30

فرصة "اليرموك" الضائعة


حولت تراكمات غياب الثقة بين مكونات المشهد السياسي الفلسطيني سجالات الاطراف الفلسطينية حول مخيم اليرموك ومصير سكانه الى حوار طرشان يفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الوصول لموقف موحد يتجاوب مع متطلبات إخراج المحاصرين من دائرة القتل اليومي .

قيادة منظمة التحرير لم تستطع بعد نسيان اصطفافات الفصائل الموالية لدمشق خلال حرب مخيمات لبنان التي جرت في ثمانينيات القرن الماضي والانقسامات الفلسطينية السابقة واللاحقة التي لعب النظام السوري دورا مباشرا فيها.

على الجانب الآخر تعيش الفصائل المعروفة بولائها للنظام السوري ذهنية الشك في نوايا القيادة الرسمية الفلسطينية وجدية حرصها على رمزية المخيم باعتباره عنوانا لقضية اللجوء .

في مثل هذه السجالات تسقط فرضيات من حسابات هذا الطرف أو ذاك ويبقى هناك إنصاف حقائق وبعض صوابية وجهات نظر يصعب التسليم بها أو أخذها على محمل الجد لأنها جاءت من طرف لا يحظى بالمصداقية في تصورات الطرف الآخر .

حاولت قيادة منظمة التحرير الاستفادة من اخطاء سابقة وهي تحاول تجنيب لاجئي اليرموك تبعات الانحياز لطرف على حساب طرف اخر من اطراف الحرب السورية فيما رأى الطرف الفلسطيني الآخر أن الحياد غير ممكن حين يصبح المخيم في ذهن "داعش" و"النصرة" ممرا الى قلب العاصمة .

رغم استحالة التوفيق بينهما لا يخل التصوران من مبررات تبدو مقنعة لاطراف وجهات خالية الذهن من التفاصيل الفلسطينية قد تطمح لإيجاد حلول سريعة تخرج سكان عاصمة الشتات الفلسطيني من دوامة الموت .

إلا أن الصورة تبقى ناقصة في حال الاكتفاء بقراءتها استناداً إلى وجهتي نظر قيادة منظمة التحرير وخصومها الذين اشتبكوا معها بالسلاح يوماً ما لتكريس رؤية قريبة من فهم النظام السوري لمسار القضية الفلسطينية.

تصريحات أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون التي وصفت مخيم اليرموك بأنه "معسكر إبادة" ودعوة رئيس وكالة الغوث بيير كراهينبول إلى إيجاد "ممر آمن" للجوء مؤقت عن المخيم تؤشر إلى هذا النقص وإن اكتفيا بقول أرباع الحقائق.

فمن غير الممكن لمشهد اللجوء أن يكتمل سواء كان في اليرموك أو غيره من المخيمات الفلسطينية دون التوقف عند حق اللاجئين في العودة الذي يكاد أن يغيب عن الخطاب السياسي الفلسطيني شبه الغارق في عثرات عملية السلام .

اتخاذ الاداء السياسي الفلسطيني منحى المطالبة بعودة لاجئي اليرموك لقراهم التي هجروا منها خلال نكبتهم أو السماح لهم بدخول مناطق السلطة الفلسطينية يؤشر على المسؤولية الإسرائيلية عن خلفيات "الإبادة" التي أشار إليها أمين عام الأمم المتحدة، ويضع المجتمع الدولي أمام الالتزامات التي تواجه منظمة التحرير وخصومها الفلسطينيين صعوبة الوفاء بها، إلا أن تشنج السجال حول أزمة اليرموك فوت على الأطراف الفلسطينية المختلفة فرصة التفكير بالضغط لتوريط المجتمع الدولي في تحمل المسؤوليات التي لا يكف عن محاولات التنصل منها، وحشر الجانب الإسرائيلي في الزاوية، والعودة إلى المربع الأول حين كانت قضية اللاجئين وحقهم في العودة جوهر النضال الوطني .