الأربعاء 22 أبريل 2015 / 10:15

تشويش مكشوف



نشر موقع إلكتروني مجهول قبل أيام مادة مضحكة، لا يمكن اعتبارها مقالة أو خبراً أو تقريراً إخبارياً، بل هي خلطة من "المعلومات" المفبركة التي جادت بها قريحة "كاتب" انتحل اسم ممثل مصري من أصل لبناني مات عام 1949.

الكاتب، الممثل، المتوفي واقعياً، الحي نظرياً تورط في الخلط بين المعلومات السياسية والأمنية وبين سيناريوهات الأفلام التي شارك في تمثيلها الفنان المرحوم الذي انتحل اسمه، فنشر مادة تتساوى فيها أخطاء المعلومات مع الأخطاء الإملائية والنحوية وتحمل وقائع متخيلة عن خلاف إماراتي – سعودي في شأن اليمن وعاصفة الحزم.

ووصل التحليل العبقري إلى الادعاء بأن موقف الإمارات من جماعة الإخوان المسلمين هو سبب الخلاف بين أبو ظبي والرياض، وكأن السعودية ترعى "الإخوان" أو تدعم تفشيهم في اليمن وفي المنطقة! ونسي الكاتب (الممثل) أن السعودية كانت أول من ساند ودعم مصر في ثورتها لاستعادة الدولة من حكم "الإخوان" في الثلاثين من يونيو، وقد اختلف السعوديون مع الأمريكان في هذا الموقف، وظل التوتر قائماً حتى أعادت الإدارة الأمريكية حساباتها واستعادت توازنها لتأخذ موقفاً يعترف بحق المصريين في الحفاظ على دولتهم وفي اختيار قيادتهم. كما نسي الكاتب (الممثل) أو تناسى دور الرياض في محاربة موجة التطرف الذي يرفع زوراً راية الإسلام سواء في معسكرات الأصولية السنية أو في خنادق الأصولية الشيعية.

يوحي الكاتب (الممثل) أيضاُ بأن هناك محاولة وساطة إماراتية بين الرياض وحليف الحوثيين في اليمن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ما يعني أن أبو ظبي التي تشارك في عاصفة الحزم تعمل لإجهاضها!! ثم كيف يستقيم الكلام عن "مليارات علي عبد الله صالح" مع واقع دولة تجاوزت منذ زمن بعيد حالة الكفاية إلى حالة الدعم والاسناد للأشقاء والانفاق على المشروعات التنموية في مشرق الوطن الكبير ومغربه؟!

هل تحتاج الإمارات إلى مليارات أحد؟

لم يكن الإماراتيون وراء التغيير الذي قاده المصريون لاستعادة دولتهم، لكن أبو ظبي رحبت بهذا التغيير ودعمته لأنه يعبر عن موقف جمعي لأكبر شعب عربي، ولم يكن الإماراتيون وراء التغيير الديمقراطي الأخير الذي خلص تونس من سطوة "الجماعة" لكن أبو ظبي رحبت بهذا التغيير احتراماً لخيار شعب عربي أصيل.

أما ما يفعله "الإخوان" وتفريخاتهم الأصولية في سوريا وليبيا فلا نظن أن أبو ظبي تتفرد في رفضه وإدانته، ولا نظن أن الرياض تقبله أو تتعايش معه، مثلما لا نظن أن عاقلاً يقبل الخراب للبلاد والعباد في أوطان لغة القرآن.

في ثنايا المعلومات المفبركة توصل الكاتب (الممثل) إلى استنتاج واحد صحيح يتعلق برفض الأمارات تفشي التنظيمات الأصولية فيها، وهذا موقف إماراتي معلن، وليس سراً يكتشفه عبقري، كما أنه موقف معلن في الأردن والكويت والمغرب ولبنان وغيرها من الدول التي تسعى للحفاظ على أمنها وعلى السلم الأهلي والمجتمعي فيها، ولا نظن أن موقف هذه الدول من الحركات الأصولية ومن التطرف مدفوع برغبة إماراتية.

ربما لكل هذه الأسباب نشر "التشويش المتعمد" باسم مستعار..