لاجئة سورية (أرشيف)
لاجئة سورية (أرشيف)
السبت 25 أبريل 2015 / 16:05

تقرير: دور المرأة بتحقيق السلام في مناطق الصراع

24 - إعداد: ميسون جحا

في العاصمة الأردنية، عمان، وقبل قرابة عام، اجتمعت ناشطات من 11 دولة عربية للبحث عن وسائل لدعم دور المرأة في صنع السلام، ولضمان حماية النساء من جميع أشكال العنف أثناء الحروب والظروف الطارئة.

وتم ذلك المؤتمر برعاية الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع برنامج التنمية الدولي (يو إن دي بي)، واشترك فيه أنصار حقوق المرأة وأكاديميون وزعماء دول في المنطقة عانت من صراعات وزعزعة للاستقرار خلال الأعوام الأخيرة.

وخلال أيام المؤتمر الثلاث، عمل نشطاء إقليميون مع خبراء في حقل محاربة التمييز ضد المرأة، ومع خبراء من معهد دراسات حقوف الإنسان في جامعة كولومبيا، على دراسة التحديات والفرص التي تواجه النساء في زمن الصراعات وما بعدها، فضلاً عما تتعرض له المرأة في حالات طارئة. كما بحث أولئك الخبراء سبل العمل على تحقيق المساواة بين الجنسين، ووجوب مشاركة المرأة في مفاوضات السلام، وتطوير المجتمع المدني وخطط العمل المدني وكل ما يتعلق بالمرأة وحقوقها في المنطقة.

الأردن ملاذ آمن
كما يعرف الجميع، أصبحت الأردن، بعد اندلاع الثورة في سوريا، ملاذاً آمناً للاجئين الهاربين من الصراع الدموي، مما كان له أثره الاقتصادي الكبير عليها، والذي عبر في أكثر من مناسبة عن التزامه بحماية اللاجئين وخاصة النساء والأطفال، والدعوة لعقد المؤتمرات الدولية والتوصل لاتفاقيات تصون حقوق المرأة وتحقق لها السلام والأمان.

وفي هذا السياق، قالت مساعدة الأمين العام للجامعة العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة: "يدعو إطار العمل العربي الاستراتيجي حول المرأة والسلام والأمن، والذي طورته جامعة الدول العربية، إلى وضع برامج تحمي المرأة وتضمن لها مشاركتها في إعادة بناء المجتمعات وإعادة تأهيل السكان الذين عانوا من ويلات الحرب والتشرد والنزوح. وإن الهدف من المشروع هو ضمان المشاركة الفاعلة في المجتمع المدني، ولحماية حقوق النساء عند اتخاذ جميع القرارات، وعند صياغة جميع الاتفاقيات الإقليمية والدولية ذات الصلة بالأمن، وضرورة حماية النساء من جميع أشكال العنف".

وقالت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي إلى الأردن جوان رونيكا: "تركز مبادرة الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية على تعزيز إمكانيات التعامل مع الأزمات في مرحلة حساسة في المنطقة العربية. ولعبت النساء دوراً كبيراً في بناء مجتمعاتها، وستبقى عنصراً فاعلاً من أجل إعادة الاستقرار وتحقيق السلام في مناطق الصراعات".

تحقيق السلام
وترى الدكتورة مساعد الأمين العام ومديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج التنمية الدولي سيما باخوس: "نعمل على ضمان المساواة للنساء العربيات في تنفيذ عمليات السلام والأمن، ومن بينها عملية التعافي بعد انتهاء الحروب، والمرحلة الانتقالية، ومن المفيد تأهيل النساء للعب دور كبير في تحقيق السلام في المستقبل، ودوام الاستقرار في المنطقة. وسوف يكون تدريب النساء بمثابة استثمار مفيد ويأتي في فترة حساسة، وخاصة عند الأخذ بعين الاعتبار عدد الدول في المنطقة التي تشهد عمليات إصلاح دستوري، فضلاً عن العمل على تسريع الجهود من أجل بناء أنظمة ديموقراطية جديدة".

كما دعا المشاركون في المؤتمر من المجتمع المدني، الهيئات الدولية والمجتمع الدولي لتأييد دور النساء كعناصر فاعلة في تحقيق التغيير عند إعادة بناء السلام عوضاً عن مخاطبتهن كضحايا، ولضمان الاستماع لأصواتهن والتعرف على أولوياتهن عند صياغة اتفاقيات ما بعد الصراعات، لأن ذلك يعد شيئاً أساسياً للنساء اللاتي عانين من ويلات الحرب وتبعاتها.

وقالت مؤسسة هيئة مركز كرامة لمناصرة حقوق النساء في زمن الحروب هبة عثمان: "من المؤكد أن النساء هن الفئة الأكثر تأثراً بالعنف، ورغم ذلك يتم تهميشهن وإقصاؤهن خلال فترات السلام والمراحل الانتقالية. وتعمل الحكومات العربية والمجتمع المدني يداً بيد لإنهاء العنف ضد النساء في مرحلتي الصراع وما بعد انتهائه. ويوفر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 وجميع القرارات ذات الصلة  إطار عمل لهذه القضية. ونحن اليوم بحاجة لدعم الكلمات والوعود بأفعال دولية، والتي لا بد من دعمها من قبل شركاء وطنيين وبرامج عمل وخطط ميدانية".

جوانب مضيئة
ومن جهة أخرى، حققت المرأة في دول خرجت من صراعات وحروب تقدماً واضحاً، بحيث أصبحت لها مشاركة فاعلة في حكومات وبرلمانات ومجالس محلية على أساس نظام الكوتا، فضلاً عن عضويتها في هيئات دولية. ولكن بحسب خبراء وناشطون في مجال حقوق الإنسان، لا بد من بذل جهود أكبر لتوفير فرص التعليم والعلاج للفتيات، ولدخول عدد أكبر من النساء إلى برلمانات جميع دول العالم، وخاصة في المناطق الفقيرة، وحيث تكون النساء هن أكثر المتضررات من الفقر والجهل والتخلف.

وعلى سبيل المثال، في جنوب قارة آسيا، وطبقاً لإحصائيات أجريت في عام 1990، تلتحق بالمدارس الابتدائية 47 فتاة فقط في مقابل كل 100 فتى. وبحلول عام 2012، أي بعد أكثر من عشرين عاماً، كانت تلك النسبة ما زالت على حالها.

وفي شبه الصحراء الأفريقية، وأوقيانوسيا وغرب آسيا، ما زالت الفتيات الصغيرات يواجهن عراقيل من أجل الالتحاق بالمدارس الابتدائية، والثانوية.

كما تشغل النساء في شمال أفريقيا وظيفة واحدة من بين كل خمسة وظائف مأجورة في قطاع غير زراعي. وبينت إحصائيات تمت في 46 بلداً أن النساء يشغلن أقل من 30% من مقاعد البرلمانات الوطنية.

وعند الالتقاء بأول مرة قاضية ومن ثم عضواً في البرلمان الصومالي، والاستماع لنضالها الطويل من أجل تبوء هذه المكانة في بلد عانى من حرب أهلية طويلة، قد تشعر كل امرأة بالفخر بوجود مثل هذه المرأة الشجاعة في برلمان الصومال.

خضرة حسين
تدعى تلك النائبة الصومالية خضرة حسين محمد، وهي لا تزال شابة لم تتعد الثامنة والعشرين من العمر، وصنعت، كما يقولون، معلماً تاريخياً عندما أصبحت أول امرأة قاضية تتعامل مع مختلف أنواع الدعاوى القضائية، ومنها جرائم سرقة وعنف ذي علاقة بالعنف والإرهاب.

تقول: "ألتقي من خلال عملي بشتى أنواع البشر، فأنا أرى عدة قضايا جديدة يومياً، وهذا بحد ذاته يقلل التمييز ضد النساء المحاميات.
ويطبق برنامج الأمم المتحدة للتنمية مشروعاً لدعم إجراء تحول رئيسي في الثقافة القانونية والمهنية في القطاع القضائي. وتعد خضرة من بين عدة مشاركين نشطين في البرنامج الذي يهدف لتطوير نظام قضائي شامل، ولتشجيع مشاركة النساء في مهنة القضاء. ويشجع البرنامج النساء على دراسة القانون، ولتوفير فرص العمل أمامهن في القطاع القضائي كخريجات مؤهلات لشغل مناصب كقضائيات ومحاميات.

وبعد تخرجها من كلية القانون في جامعة هرجيسا بالصومال، والتي تأسست بدعم برنامج الأمم المتحدة للتنمية، انضمت خضرة لرابطة محامي الصومال. وهيأت تلك المنظمة الدولية فرصة لخضرة للالتحاق ببرنامج متقدم للتدريب على المحاماة.

تقول خضرة: "شكل برنامج التنمية الدولي أهم عنصر نجاح في حياتي، فقد سهل لي سبل التعليم والتدريب والتطور في مهنة المحاماة".

والتحقت تلك الشابة الصومالية الطموحة بمكتب المحقق العام، كمتدربة لمدة عام تقريباً، قبل أن يتم تعيينها كأول قاضية في الصومال، وبوظيفة محقق في الجرائم، أيضاً، وهي مهمة صعبة على الرجال في الصومال، فما بالك عندما تشغلها امرأة شابة.

وفي الآونة الأخيرة، التحقت 32 امرأة في القطاع العام بالصومال، بالمقارنة مع خمسة موظفات فقط تم تعيينهن في عام 2008، وذلك بفعل المساعدة التي يقدمها برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، وتعمل هؤلاء حالياً في مختلف قطاعات الشأن العام، كالخدمة المدنية والتعليم والمجالس البلدية.

ولكن منذ عام 2008، وحتى اليوم ارتفع تدريجياً عدد النساء العاملات في حقل القضاء بالصومال، حتى أصبح يوجد حالياً 75 امرأة قاضية ومحامية في هذا البلد الذي يشهد تطوراً علمياً واقتصادياً واجتماعياً، وإن كان بوتيرة بطيئة.