الخميس 28 مايو 2015 / 19:03

يقتلون الحسين مرة أخرى!



تسمية العملية العسكرية ضد داعش في محافظة الأنبار من قبل قوات الحشد الشعبي بقيادة الإرهابي هادي العامري بـ" لبيك يا حسين" حتى وإن بُدلت إلى "لبيك يا عراق" لاحقاً بعد الانتقادات اللاذعة التي كيلت لها، تدلل تلك التسمية الطائفية البغيضة بوضوح شديد على أن إيران التي تدير قوات الحشد وتوجهها وترسم لها الخطط الأمنية والعسكرية في العراق، تريد عنواناً طائفياً للمعركة مع داعش، وغير داعش، من أبناء الطائفة السنية، فهادي العامري لا يجرؤ وهو التابع الذي يتلقى الأوامر من قاسم سليماني على تسمية عملية حشده الطائفي باسم "لبيك يا حسين"، فهذه التسمية إيرانية تماماً، وهي تأتي الآن في إطار الإعلان عن المرحلة الأخيرة من مخطط "فرسنه العراق"، أي إكمال السيطرة الفارسية على العراق وتطهيره من العرب السنة والذي بدأ في نهاية 2005.

من اللافت حقاً في مسألة هذه التسمية الطائفية والتي تسيء للحسين سيد الشهداء أكبر إساءة في أن يستخدم اسمه في حرب طائفية بين صفين من القتلة لا يمثل أي منهما السنة ولا الشيعة، اللافت هنا كان الاعتراض الشجاع والمبكر لمقتدى الصدر على التسمية والتي اقر بأنه سيساء فهمهما وسوف تأخذ بعدا طائفيا واقترح بدلا منها تسمية العملية بـ " لبيك يا انبار" أو "لبيك صلاح الدين"، فرأي مقتدى الصدر الذي يحظى بمكانة مهمة للغاية على المستويين الديني والسياسي في العراق، يؤكد أن الصف الشيعي العراقي يتجاذبه طرفان الأول وطني إن لم نقل عروبي، فيما الصف الآخر الذي تمثله عصابات الحشد الطائفية ومن يقف وراءها من أمثال نوري المالكي والعامري والمهندس وغيرهم يمثلون أذناب المشروع الإيراني "لفرسنة العراق"، وتطهيره من أبنائه السنة العرب عبر القتل والإبادة وتدمير مدنهم وقراهم.

ما زلت أعتقد أن موضوع التمدد الداعشي الكبير وبهذه السهولة من سوريا إلى العراق وتحديداً في المناطق السنية العراقية في محافظة ديالى وصلاح الدين ونينوى والآن الأنبار، هو مخطط مدروس من قبل إيران وأذنابها في العراق بالتعاون مع الجهد الاستخباري لإيران في توجيه تحركات تنظيم داعش ليتمدد في الجغرافيا السنية بالعراق بالتواطؤ مع قوات الجيش العراقي والتي أثيرت ومازالت حيال جهدها العسكري بمقاومة داعش شبهات التوافق مع رغبات هذه الأخيرة وشكلت من أجل هذا الأمر لجنة خاصة للتحقيق مع القادة العسكريين المتهمين بالتخاذل بشأن تسليم الموصل، إلا أن هذه اللجنة مازالت تعمل على الورق فقط، والمخطط كما بات واضحاً هو "إدخال" داعش للمناطق السنية ثم سحب الجيش النظامي وبعد ذلك دخول قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران ليس لتحرير تلك المناطق، بل لاحتلالها والتنكيل بأهلها وتدميرها وبالتالي تركها على أن يصار بعد ذلك على إحلال سكان بدائل تتحدث بعض المصادر على أنهم ليسوا عراقيين، بل هم إيرانيون وتم توطين بعضهم في بعض القرى بمحافظة ديالي، وسيتم ووفق المخطط إسكان الدفعات الأخرى في محافظة الانبار وبخاصة بمحاذاة الحدود العراقية – السعودية، بمعنى آخر ستكون هناك "جيوب إيرانية خطرة ومدربة" على طول الحدود العراقية مع الأردن والسعودية.

في المعلومات أيضاً تتحدث المصادر العراقية عن أن إيران ستستخدم في معركة "لبيك يا حسين" وهنا أصر على التسمية الحقيقية المعبرة عن الحقد الطائفي، صواريخ سكود المدمرة لتضرب مدن الأنبار بحجة إبادة داعش، وهذه الصواريخ وفي حال استخدامها وكما هو معروف لا "تبقي ولا تذر" فهي توقع خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات وفي البني التحتية، وهو الهدف المطلوب "إيرانيا"، أي دفع أبناء مدن محافظة الأنبار وقراها على تركها ليصار بعد ذلك على تنفيذ مخطط "التوطين الإيراني" فيها.

من أكثر الأمور غرابة أن يترك العراق مستباحاً لمشروع إيران التدميري بهذا الشكل المستفز دون أن يجد من يقف بوجهه من العرب؟
فالعراق ليس جغرافيا فقط بل قدرات اقتصادية هائلة، وثروات طبيعية ضخمة، وطاقات بشرية خلاقة، بالإضافة للإرث الحضاري الذي يعد قيمة مضافة نوعية له، وكان عبر التاريخ المعادل الموضوعي والعنيد للطموحات الفارسية التوسعية، واليوم وبكل حزن يسقط "كتفاحة نيوتن" في يد إيران تحت سمعنا وبصرنا، انه لأمر مخجل أكثر منه محزن.

سندفع ثمن هذا التقاعس أو التخاذل مع العراق لعقود طويلة قادمة إن لم نخطط بأسرع وقت ممكن لإنقاذه، أي بمعنى آخر إنقاذ أنفسنا ومستقبلنا.