الخميس 16 يوليو 2015 / 15:06

عدن.. حصاد "السهم الذهبي"

عُود من الخشب يُسَوَّى، في طرفه نصل يُرمى به عن القوس.. الحَظُّ والنصيب.. وما يفوز به الظافر.. هذا تعريف "السَّهم" في بعض المعاجم العربية، وهو اسم العملية التي أطلقها التحالف العربي لتحرير محافظة عدن اليمنية من أيدي الحوثيين، وما هي إلا أيام معدودة حتى "ظفر" أبطال التحالف بـ "نصيبهم" في اليمن السعيد، مثبتين جدارة، ومشكلين باكورة نجاح قريب باستعادة المدينة واليمن كاملة ممن يحاولون الاستيلاء عليها.

بدأت قوات يمنية مدربة في السعودية، أول أمس الثلاثاء، عملية برية وجوية وبحرية تشارك فيها مقاتلات وبارجات التحالف أطلق عليها اسم "السهم الذهبي لتحرير عدن"، وتمكنت المقاومة اليمنية من تحقيق انتصار مهم ونوعي، حيث سيطرت بدعم التحالف العربي على مطار عدن الدولي، ومعسكر بدر، وجزيرة العمال، ومدينة خور مكسر بالكامل، إلى جانب محاصرة مدن التواهي، وكريتر، والمعلا، والقلوعة.

ثلاث مراحل أساسية
انطلقت عملية تحرير عدن من ثلاثة محاور رئيسية، وتمثلت هذه الجبهات في "الجسر المؤدي إلى المعلا، ومحور العصيمي ومحور الصولبان"، ومن هذه المحاور تم التوجه للمطار من خلال جبهتين، أسهمتا في ضرب الحوثيين وتراجعهم من تلك المواقع التي يسيطرون عليها، وسقط في قبضة الحشد العسكري الكثير من أسرى الحوثيين الذين يجري التعامل معهم ونقلهم إلى مواقع آمنة.

وعن جبهة خور مكسر، قال قائد عملية التحرير في عدن العميد الصبيحي، بأن معركة خفيفة جرت مع دخول اللواء المساند بالمقاومة الشعبية وطيران التحالف، وانهارت معها دفاعات الحوثيين، وفروا من المواجهة بعد أن شاهدوا زحف الحشد الموالي للشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلى خط أبين العلم.

كما قدمت قوات التحالف بقيادة السعودية دعماً عسكرياً نوعياً، متمثلاً في عملية إنزال مظلي لأنواع مختلفة من الأسلحة شملت صواريخ "لو" بنوعيها الموجهة والمحمولة، المخصصة لتدمير الدروع والدبابات العسكرية، إضافة إلى "آر بي جي"، ورشاشات مختلفة الاستخدام.

وجاءت هذه الأسلحة لتمكين المقاومة من تقليص مدة الحرب وسير المعارك لصالح المقاومة، التي تسيطر على أربع جبهات، خاصة أن هذه الأسلحة قادرة على مواجهة المدرعات والدبابات العسكرية التابعة لميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، التي تتخذ من الأحياء السكنية مواقع لها تحسباً من قصف طيران التحالف، بعد أن نجحت المقاومة في دفع هذه الميليشيات للتراجع في عدة محاور رئيسية في العاصمة المؤقتة.

بدوره، قال المتحدث الرسمي لمجلس المقاومة الشعبية في عدن، علي الأحمدي، إن النتائج العسكرية على الأرض، وما تحقق من انتصارات ميدانية، لعبت الدور الأكبر في دكّ جميع آليات الميليشيات الإجرامية طوال الأشهر الماضية، مما سهل مهمة المقاومة في عدن على حسم المعركة، والذي سبقه دعم لوجستي وقصف تمهيدي.

مكاسب
ومن أبرز ما أسفرت عنه العملية، مقتل قائد الحوثيين في خور مكسر، ناصر علي السالمي المكنى بـأبي عارف، إلى جانب العشرات من الحوثيين وعناصر الحرس الجمهوري السابق الموالين للرئيس اليمني المخلوع صالح.

كما شكلت استعادة المقاومة لمدينة خور مكسر أهمية بالغة، بسبب سيطرتها على مداخل المعلا والتواهي وكريتر، وهو ما يعني حصار المليشيات في هذه المناطق وإجبارها على الاستسلام.

ودفعت الانتصارات المتتابعة للمقاومة خلال الأيام الأخيرة باليمنيين في عدن إلى الالتحاق بالمقاومة، حيث خرج مئات المواطنين فور سماعهم خبر وصول المقاومة إلى المدينة بأسلحتهم، لتعقب عناصر المليشيات وملاحقتهم وتأمين مناطقهم.

ومن مظاهر الانتصار أيضاً انسحاب عناصر المليشيات الحوثية من جبهة جعولة وبير أحمد باتجاه محافظة لحج، فيما سلم 30 مسلحاً من الحوثيين وقوات صالح أنفسهم للمقاومة الشعبية، بعد محاصرة مواقعهم في مناطق متفرقة بمدينة عدن.

وجاءت مساهمة التحالف العربي في أشكال مختلفة، منها الإمداد بالسلاح والذخيرة(حيث سلم 40 عربة مصفحة)، والغطاء الجوي، وضرب مراكز القوة ومستودعات السلاح التي تسيطر عليها الميليشيات، إضافة إلى تقديم الغذاء في فترات متتالية.

في انتظار البشرى السارة
وأكد أمين سر المجلس الأعلى للحراك الجنوبي، فؤاد راشد، أن عدن باتت "في كل اتجاهاتها محررة ما عدا مناطق كريتر والمعلا والقلوعة والتواهي، وأعتقد أن يوم العيد سيحل وعدن أضحت بيد المقاومة الجنوبية"، وأشار القيادي الجنوبي إلى أن "هذا النصر يستند إلى دواعي الإيمان التي يتسلح بها المقاوم الجنوبي تجاه غزاة قدموا من شمال الشمال يستبيحون الأرض والدم الزكية".

وأكد القيادي بالحراك الجنوبي أن "المعركة القادمة والمهمة، والتي ستكون سريعة أيضاً، هي قاعدة العند (الواقعة في محافظة لحج) والتي ما زالت بيد ميليشيات الحوثيين وصالح ويتم تضييق الخناق عليهم الآن والمعاصرة من جميع الجهات".

من معاني "السهم" أيضاً في المعجم العربي، من ناحية المساحة، أنه جزء من أربعة وعشرين جزءاً من القيراط، وننتظر أن تشكل عملية تحرير عدن باكورة لتحرير اليمن بمجملها وإعادة تحقيق الإرادة الشعبية ونزعها ممن يسعى لتفتيتها.