جانب من حزب العمال الكردستاني يخططون لهجوم ضد داعش(نيويورك تايمز)
جانب من حزب العمال الكردستاني يخططون لهجوم ضد داعش(نيويورك تايمز)
الخميس 13 أغسطس 2015 / 19:25

نيويورك تايمز: لماذا تهاجم تركيا الأكراد الذين يحاربون داعش؟

24 - إعداد: مروة هاشم

تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز"، في مقال نشرته على موقعها الإلكتروني، عن السبب الذي يقف وراء محاربة تركيا للأكراد الذين يحاربون تنظيم داعش الإرهابي، مشيرة إلى أنه في اليوم ذاته الذي أعلنت فيه تركيا أنها ستساعد في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، شنت القوات التركية حملة جوية ضد إحدى الجماعات التي تلعب دوراً محورياً في وقف تقدم تنظيم داعش في المنطقة.

بينما كانت الولايات المتحدة تسعى منذ وقت طويل للحصول على مساعدة تركيا في دحر تنظيم داعش الإرهابي فإن الأحداث الراهنة منذ إبرام الاتفاق مع تركيا تكشف عن الكتلة المتشابكة للمصالح المتباينة في المنطقة

منذ إعلان تركيا حربها على الإرهاب في 24 يونيو(حزيران) الماضي، شنّت تركيا العديد من الضربات الجوية ضد عناصر الجماعة الكردية الانفصالية المعروفة باسم "حزب العمال الكردستاني"، المُدرجة بشكل واسع بأنها "جماعة إرهابية"، ولكن هذه الجماعة الكردية تحديداً وحلفاؤها في سوريا الذين يعملون بشكل وثيق مع القوات الأمريكية، يقومون بالفعل بطرد ميليشيات تنظيم داعش الإرهابي من المناطق التي يسيطرون عليها.

وبحسب نيويورك تايمز، بينما كانت الولايات المتحدة تسعى منذ وقت طويل للحصول على مساعدة تركيا في دحر تنظيم داعش الإرهابي، فإن الأحداث الراهنة منذ إبرام الاتفاق مع تركيا، تكشف عن الكتلة المتشابكة للمصالح المتباينة في المنطقة.

الولايات المتحدة والأكراد
وأشارت الصحيفة إلى التنسيق الذي يتم ما بين المقاتلين الأكراد والقوات الأمريكية منذ شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، حيث قام أعضاء الميليشيات المعروفة باسم "وحدات حماية الشعب الكردية" بنقل الاستخبارات وإحداثيات أهداف الضربات الجوية المحتملة لمركز العمليات الأمريكية على بعد مئات الأميال، ولذلك ساعدت الضربات الجوية الناتجة الأكراد في الاستيلاء على امتداد واسع من الأراضي الممتدة على طول الحدود التركية من الأراضي التي يستولى عليها تنظيم داعش الإرهابي.
وبحسب المسؤول التركي البارز إدريس نعسان، فإن طائرات التحالف لعبت دوراً ضرورياً ومحورياً لتحقيق الأكراد لتلك الانتصارات.
وترى نيويورك تايمز أن وحدات حماية الشعب الكردية تُعد الحليف الأكثر فاعلية للولايات المتحدة في سوريا الذي يحارب ضد تنظيم داعش الإرهابي. وعلى الرغم من اعترافهم بالتعامل مع وحدات حماية الشعب الكردية، فإن المسؤولين الأمريكيين اتخذوا على عاتقهم عدم الافصاح عن تفاصيل مدى التقارب ما بين القوات الأمريكية والقوات الكردية؛ نظراً لعلاقة الأخيرة بحزب العمال الكردستاني المحظور.

حلفاء ولكن بشروط
وفيما يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة وتركيا، تقول الصحيفة: "سعت الولايات المتحدة للحصول على مساعدة تركيا في دحر تنظيم داعش الإرهابي منذ العام الماضي، وعلى الرغم من أن تركيا عضو في الناتو منذ عام 1952 وتعتبر برأي المسؤولين الأمريكيين عاملاً محورياً في إضعاف تنظيم داعش في سوريا، فإن تركيا كانت مترددة في المشاركة في الحرب ضد داعش.

وعندما وافقت تركيا أخيراً على المساعدة، وضعت بعض الشروط التي تتضمن إقامة منطقة خالية من داعش والأكراد في سوريا على الحدود التركية، وذلك في مقابل السماح للولايات المتحدة بشن عمليات عسكرية ضد داعش من قاعدة إنغرليك الجوية وقواعد أخرى في تركيا، ولكن (ضمن إطار عمل معين)، كما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتلفت نيويورك تايمز إلى أن المسؤولين الأمريكيين كانوا حريصين على عدم الإساءة إلى تركيا، وبالإضافة إلى ذلك قاموا بدعم حملتها ضد حزب العمال الكردستاني، حيث قال مبعوث الرئيس أوباما الخاص بالتحالف الدولي لمحاربة داعش، بريت ماكغورك، في تغريدة له على تويتر: "نحن نحترم تماماً حق حليفتنا تركيا في الدفاع عن النفس".

الأكراد وتركيا .. الشك والعنف
تنوه نيويورك تايمز إلى أنه برأي المحللين السياسيين كان قرار تركيا بالانضمام إلى الحرب ضد داعش يرجع إلى حد كبير إلى التهديد الذي تشكله المكاسب السريعة لوحدات حماية الشعب الكردي داخل الأراضي السورية، لاسيما أن الأكراد في جميع أنحاء المنطقة لديهم سعى تاريخي للحصول على دولة مستقلة، وهو الأمر الذي تعارضه الحكومة التركية بشدة.

وفي هذا الشأن، صرح أردوغان من قبل: "لن نسمح أبداً بإنشاء دولة جديدة على حدودنا الجنوبية في شمال سوريا".

وتضيف الصحيفة: "في الوقت الراهن، تتعمد تركيا استهداف المتمردين الأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني بصورة أكبر بكثير من استهدافها لمقاتلي تنظيم داعش الإرهابي، وفي الحملات الأخيرة التي تقوم بها تركيا لإلقاء القبض على المشتبه بتورطهم مع الإرهاب، تم القبض على 847 من أعضاء حزب العمال الكردستاني في مقابل 137 شخص فقط يشتبه في صلتهم بتنظيم داعش الإرهابي، وفي الوقت نفسه قصفت تركيا مواقع لحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا وشمال العراق، بدعوى أن الميليشيات يمكن أن تهاجم المناطق التركية عبر الحدود".

أردوغان ودوافعه السياسية

وختاماً، تؤكد نيويورك تايمز على أن الضربات الجوية التركية نجحت بالفعل في إنهاء وقف إطلاق النار الذي استمر قرابة عامين ما بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، كما تسببت في اندلاع جولات من الاحتجاجات والاشتباكات ما بين قوات الأمن التركية والمسلحين الأكراد في جميع أنحاء تركيا. وفي هذه الأثناء، تُعد العمليات التركية ضد تنظيم داعش الإرهابي بطيئة للغاية ومن الصعب تطويرها.

وبحسب الصحيفة، فإن الاستراتيجية التي يتبعها الرئيس أردوغان تنطوى على دوافع سياسية؛ إذ فقد حزبه السياسي (العدالة والتنمية) الأغلبية البرلمانية بسبب نجاح حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، ومن خلال قصف حزب العمال الكردستاني، يسعى أردوغان إلى استعادة أصوات الناخبين القوميين الذين يعارضون فكرة الحكم الذاتي الكردي.