الإثنين 28 سبتمبر 2015 / 20:38

شكراً للبابا

ألقى البابا فرنسيس بابا الفاتيكان خطاباً في مقر الأمم المتحدة، جعلنا نقف خاشعين أمام هذا الخطاب الديني المعتدل والمتزن والمشبع بالقيم الإنسانية العالية، والمفعم بالروح الأخلاقية. تحدث الرجل عن العدل والمساواة بين الأديان والشعوب والأعراق، تحدث عن المبادئ السامية التي يجب أن تجمع سكان هذه الأرض، لدرء الأخطار وردع الأهواء وقطع دابر الحروب والكوارث البشريةالتي دمرت الحضارة وأبادت ما أبدعه صناع التاريخ من فلاسفة ومفكرين ورسل سلام..

تحدث الرجل عن الطائفية والشوفينية التي شوهت المشهد الإنساني وعكرت صفو العلاقات ما بين الإنسان وأخيه الإنسان في كل مكان.. تحدث وهو يرسم ابتسامة عفيفة على محياة السمح، منتقداً رجال الدين في كل الأديان وما فعلوه في العالم وما أشعلوه من ضغائن خربت المعنى الحقيقي للأديان السماوية السمحاء..

تحدث الرجل عن الجشع البشري واللهاث خلف المكاسب المادية، ما دمر الزرع والضرع وأفقر دولاً وشعوباً واستعبد الملايين من الناس.. تحدث الرجل بلغة بليغة، وصافية، نقية نقاء الماء البارد والثلج، عن انحراف الدور الديني وتحوله إلى معول هدم وتكسير عظام وتهشيم مقام.. تحدث الرجل عن الخطاب الديني المطلوب والمفروض أن يكون لجمع الناس جميعاً على كلمة سواء تحفظ الود بين الأديان وتحمي البشرية من التطاحن والتشاحن وانقضاض البعض على البعض، وقتل القوي للضعيف.

الحقيقة كنت أتمنى أن يسمع البعض منا ممن يحملون لواء "الدين" ويصغوا إلى ما قاله البابا فرنسيس، لنتعلم جميعاً أن المشكلة ليست في الأديان، وإنما في من يحملون رسالتها ويدعون أنهم الأوصياء على الدين، المحتكرين لتعاليمه. ما قاله البابا يجب أن يعطينا دروساً في التعاطي مع الدين، نحن الذين حبانا الله بدين جاءت دعوته من أجل الإنسانية جمعاء، وجاءت تعاليمه من أجل ردم التفرقة، وكسر شوكة العصبية الدينية، ورفع الستارة السوداء الجاهلية، لنرى نور الإسلام وما دعا من أجله لكي يصبح الناس اخوة متحابين، متوادين من أجل بناء حضارة الإنسان من دون أوهام تاريخية ومن دون صور مقلوبة ومن دون تشويه أو تسويف أو تخريف أو تجويف.