السبت 3 أكتوبر 2015 / 18:27

عباس ونتانياهو.. خطابا اليأس والفراغ!

استمع العالم إلى خطابين.. الأول لمحمود عباس، وقد تم إضفاء قدر كبير من التشويق عليه قبل إلقائه، والثاني لنتانياهو حيث التوقع المسبق برد شديد اللهجة على خطاب عباس الذي سبقه بأربع وعشرين ساعة.

ووقع الخطابان ضحية للاستنتاجات المسبقة، والمبالغات في التوقع، فجاء الخطابان بعيدين تماماً عن مقدماتهما، وهذا هو حال السياسة في منطقتنا وزماننا..

خطاب عباس..
الجزء الأول من الخطاب والذي هو بمساحة كبيرة تزيد عن الثلثين كان عرضاً مبللاً بالدموع، للواقع القائم بين السلطة وإسرائيل، وسرداً لوقائع مختارة من نماذج التنكيل المستمر والمتمادي بالشعب الفلسطيني، دون أن يخلو الأمر من سؤال المستمعين، بربكم هل هذا يجوز؟
كان الذين يتابعون خطاب عباس، ينتظرون ما وعد به، وهو القنبلة، وحين انتهى الخطاب تنفس أمثالي الصعداء لأنني اخاف من القنابل..

 وغضب آخرون لأنهم لم يشاهدوا القنبلة وهي تنفجر لتمزق الصمت والرتابة الذين أحاطا بالقضية الفلسطينية في زمن غياب التقدم السياسي، ولقد نَقل خطاب عباس بصيغته التي يقال إنها عدّلت قبل إلقائه بقليل الجدل من سؤال ما هي القنبلة يا ترى، إلى سؤال آخر، هل تم تفكيك القنبلة أم تم تأجيل تفجيرها، والجواب لا يمكن استنتاجه بدقة وفق قواميس السياسة الفلسطينية، غير أن إجماعاً نشأ حول خطاب عباس، تماثل فيه تقويم الأصدقاء والأعداء، وهو وصفه بالخطاب اليائس الذي لم يُرى فيه أي باب لأمل يثلج القلوب باحتمال تقدم سياسي، خصوصاً وأنه جاء في وقت أدار العالم كله ظهره للملف الفلسطيني بحجة أن الملفات الأكثر التهابا وفي مقدمتها الملف السوري أخذت كل الاهتمام وبوسعنا تعزية أنفسنا بالقول حتى إشعار آخر.

خطاب نتانياهو...
كان أكثر الخطب التي ألقيت في الجمعية العامة، مدعاة للملل والتثاؤب وحتى الاستخفاف، كان ثلثا الخطاب نفياً غير موفقاً لفشله في معركة الملف النووي الإيراني، كان يتحدث أمام قوم أيدوا بالإجماع الاتفاق، ويكرر قرائن باغتة محاولاً إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وما جعل الخطاب مجالاً للسخرية، أنه وهو يدين أصحابه بالغ في النفاق لهم، حين أفرد مساحة معقولة للإشادة بأمريكا ومتانة تحالفها مع إسرائيل وكأن الذي وقع الاتفاق ميكرونيزيا أو ساحل العاج.

وحين وصل إلى الموضوع الشرق أوسطي، ظهر جلياً أن جهداً كبيراً بذل لتدبيج لغة معتدلة للخطاب، فمن يصدق أن نتانياهو يوافق على قيام دولة فلسطينية ولو منزوعة السلاح، ومن يصدق أنه يحافظ على الوضع القديم في المسجد الأقصى والمعركة على أشدها بداخله ومن حوله.
ومن يصدق بأنه مستعد لمفاوضات للتوصل إلى حل وليس إلى مفاوضات من أجل المفاوضات.

إن اصدق وصف ظهر من إسرائيل لخطاب نتانياهو بكافة فصوله، أنه خطاب اللاشيء واللالزوم، أي أنه بالضبط خطاب الفراغ من المعاني والمؤشرات.