الجمعة 27 نوفمبر 2015 / 20:03

حبال بوتين ورقبة أردوغان.. والإخوان يطالبون

الطائرة الروسية التي سقطت بصواريخ تركية، أسقطت معها طموحات أردوغان، وجعلته في موقع المدافع عن نفسه، ومثل رجل انتكست خطته بشكل مخيف، وتغيّر كل شيء أمامه فجأة، وأضحى بين ليلة وضحاها محاصرًا.

الوضع على المشهد التركي يزداد تعقيدًا خاصة بعد أن تحوّلت الشكوك الهامسة، حول دعمها للإرهاب، وتوفيرها للغطاء للإرهابيين إلى اتهامات مباشرة، يوجهها رئيس دولة، وليست من باب الاتهامات العامة حول التسبب في ولادة الظاهرة أو نحوه، وإنما تعيين شكل المشاركة، بتعاطي تجارة النفط مع داعش، وتسهيل المرور والعبور للمنضمين للجماعات الإرهابية بكل أنواعها وأشكالها، خاصة تلك التي تعتمد عليها تركيا.

الرئيس الروسي منذ اللحظة الأولى، صوّر حالة الرعب التركية، فقال إنّ تركيا أبلغت أمريكا والناتو بأنها أسقطت طائرتنا قبل أن تبلغنا، وعلق ساخرًا، بدا الأمر وكأننا نحن من أسقطنا طائرة تركية وليس العكس، أردوغان حاول بكل السبل أن يبرر، ولكنّه عظم صورة الرعب، قائلاً "لقد اتصلت ببوتين هاتفيًا لكنه لم يرد"، وكأنّ أردوغان رئيس يقضي سنته الأولى في دروب الديبلوماسية، ولا يعرف أساليب التواصل في مثل هذه الحالات!

البعض يقول، إنّ تركيا استغلت الحادثة، لكي تضع نفسها تحت حماية الناتو، أردوغان، خائف من مفاجآت بوتين، فبوتين ابتلع القرم في أيام، واجتاح أوكرانيا، في ساعات، ودخل إلى سوريا دون استئذان من أحد، ويستدلون لذلك بأنّ الطائرة حلقت لأقل من 20 ثانية داخل المجال الجوي التركي حسب الرواية التركية، بالطبع، دون أن تشعر، قدمت تركيا لروسيا فرصة تاريخية، ليس لكبح تركيا للأبد وحماية الأسد بمصدات صواريخ وأسلحة من كل نوع فقط، ولكنّ للاحتفاظ بحق الرد القاسي، والتأكيد بالصوت العالي: تركيا تدعم الإرهاب.

من ناحية، فإنّ تركيا كانت سعيدة باستقبالها السياح الروس الذين توقفوا عن الذهاب لشرم الشيخ، ولكنهم الآن سيمتنعون عن الذهاب لتركيا أيضًا، وربما تكون دول الخليج التي لا يحبذها أردوغان هي المستفيدة، وبعد أن زار لافروف القاهرة عوضًا عن أنقرة من الواضح أنّ الأمور عادت بخير بين موسكو والقاهرة، وأنّ شرم الشيخ ستحفل بالسياح من جديد بعد العقود المليارية لبناء المحطات النووية.

على أية حال، من الواضح أن أردوغان أدخل نفسه في ورطة، وهاهو يدافع عن نفسه، ويقوم إخوانجية الخليج وأوراق أردوغان السياسية في المنطقة، بمحاولة زج المنطقة في حروب أردوغان، وووضع دول الخليج في مواجهة مسلحة مع روسيا، لأجل عيون أردوغان.

بالطبع أردوغان يحظى بحماية الناتو وأمريكا، ولا يحتاج –في هذه المرحلة دول الخليج-، ولكن مجرد سعي الإخوانجية لوضع دولهم في مواجهة روسيا لصالح عيون أردوغان الذي وضع نفسه في فخٍ روسي، وفي موقف لا يحسد عليه. وهذا يؤشر للمشكلة العويصة التي يعانيها هذا الفكر في بناء المواقف المستقلة والمرتبطة بمصالح دولهم، هم يقدمون مصلحة الانتماء الإيديولوجي على الانتماء الوطني، ففي الوقت الذي تنمو العلاقات الاقتصادية مع روسيا، يريدون من الخليج خسارة كل شيء، ووضع رقبته بجانب رقبة أردوغان التي حولها الحبال!