مقاتلات التحالف (أرشيف)
مقاتلات التحالف (أرشيف)
السبت 28 نوفمبر 2015 / 15:20

إندبندنت: الغارات على سوريا ستغذي الآلة الدعائية لداعش

24 - إعداد: مروة هاشم

حذرت الرئيس التنفيذي لمؤسسة "إنترناشونال أليرت" التي تعمل على إيجاد حلول سلمية للصراعات في العالم، هارييت لامب، في مقال رأي نشرته اليوم السبت صحيفة إندبندنت البريطانية، من أن الضربات الجوية السورية ستمنح تنظيم داعش الإرهابي اليد العليا في الدعاية الإعلامية التي يستخدمها ببراعة، مشيرة إلى النتائج العكسية للقصف الجوي التي ستلحق الأذى بالمدنيين السوريين الذين يقطنون المناطق التي يسيطر عليها داعش، فضلاً عن خلق المزيد من اللاجئين وزيادة الضغط على الدول المجاورة.

وتلفت كاتبة المقال إلى أن القصف الجوي لسوريا يعني رؤية المدنيين السوريين لعائلاتهم وهي تتعرض إلى القتل على أيدي عدو مجهول، الأمر الذي يترك لتنظيم داعش الإرهابي حرية اختيار تحديد هوية ذلك العدو، محذرة من أن مثل هذا الشيء سيؤدى بلا شك إلى انضمام الكثير منهم إلى صفوف داعش لمحاربة الغرب.

فعل غير محسوب
وتتفق لامب مع رئيس الوزراء البريطاني بأن "مثل هذا التعقيد لا ينبغي أن يكون ذريعة لعدم التدخل"، بيد أنها تؤكد على أن هذا التعقيد يُعد حقيقة مهمة يجب التعامل معها وعدم إغفالها.

تقول لامب "ربما يتحول قرار قصف داعش في سوريا رداً على هجمات باريس إلى فعل غير محسوب للتعامل مع مشكلة قريبة جداً من منازلنا، لاسيما أن معظم مرتكبي الهجمات كانوا من فرنسا وبلجيكا، وعلى الأرجح أن هذا القرار مدفوعاً بالعاطفة وليس التفكير المنطقي. ونتيجة للمآسي المروعة التي طرقت أبوابهم، يعتقد الأوروبيون أن عليهم القيام بشيء ما للرد، ومن ثم يتجهون بسهولة إلى العمل العسكري كما لو كان الخيار الوحيد".

جماعة الشر والموت
وترى لامب أن الغارات الجوية وحدها غير قادرة على هزيمة "جماعة الشر والموت" التي لديها امتداد عالمي، ذلك أن معرفة العدو هي مفتاح النجاح وفقاً لما يراه المؤلف صن تزو في كتابه المهم "فن الحرب"، وتتساءل: "هل نعرف بالفعل تنظيم داعش؟ ومن يقف وراء التنظيم الذي سوف نقصفه؟".

وتضيف لامب "الأراضي التي يسيطر عليها داعش لا يقطنها فقط المتطرفون والإرهابيون المتعطشون إلى الدماء، لاشك أنهم هناك، ولكن هؤلاء الداعشيين موجودين أيضاً في باريس وبروكسيل ولندن. إن هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش هم الأشخاص أنفسهم الذين كانوا يعيشون في ظل سيطرة صدام حسين أو بشار الأسد أو حتى الجيش السوري الحر. إن الجزء الأكبر من الأراضي التي يسيطر عليها داعش تمتلئ بالمدنيين العاديين الذين يعتمد بقاؤهم على قيد الحياة على قبولهم للتعامل والتعايش مع أي قوة تمتلك زمام الأمور في ذلك الوقت".

نتائج عكسية
وتوضح كاتبة المقال أن بقاء أي قوة في السلطة يعتمد في الوقت نفسه على مدى تعامله مع السكان وتوفير احتياجاتهم، فعلى سبيل المثال تعتبر جبهة النصرة الفرع التابع لتنظيم القاعدة، مصدراً مهماً لتوفير مساعدات الإغاثة في المناطق السورية الخاضعة لسيطرتها. وبرع تنظيم داعش في الترويج لأعماله الوحشية المروعة وتأمين سيطرته على المناطق التي استولى عليها، بيد أنه يتحكم أيضاً في التعليم وتوفير الخدمات الأساسية بما في ذلك المساعدات.

وتقول لامب إن "القصف الجوي من على بعد آلاف الأقدام للمناطق التي يسيطر عليها داعش، من دون القدرة على توضيح أهدافه وتصوراته على أرض الواقع، يُعد أمراً خطيراً وسوف يأتي بنتائج عكسية، إذ أنه سوف يلحق المزيد من الأذى بسكان يعانون بالفعل من الضرر والانكسار. وعندما يشاهد هؤلاء المدنيين مقتل أفراد أسرتهم وأصدقائهم على أيدي عدو مجهول – يحدده داعش كما يشاء – لن يتردد الكثير منهم في الانضمام لصفوف داعش في معركته ضد الغرب".

الآلة الدعائية
وتنوه كاتبة المقال إلى أن الضربات الجوية سوف تخلق المزيد من اللاجئين، وستؤدى إلى الضغط على الدول الهشة المجاورة في المنطقة التي لا يمكنها التعامل بالفعل مع هذه المشكلة. بالإضافة إلى أن الضربات الجوية وتداعياتها الدامية ستغذي الآلة الدعائية لداعش سواء في سوريا أو في المجتمعات الغربية، فضلاً عن عدم معرفة من سيأتي لملء الفراغ الذي سيتركه داعش إذا تم دحر التنظيم الإرهابي.

وتدعو كاتبة المقال إلى التصالح مع الواقع الصعب بأنه "لا يوجد حل سريع لمشكلة داعش"، ولا يوجد حل واحد أيضاً، إذ أن القصف الجوي ليس الخيار الوحيد. وبدلاً من العمل العسكري، ثمة حاجة إلى استراتيجية طويلة الأمد تدرك وتواجه الأسباب التي تجعل داعش يحظى بالدعم في المقام الأول، سواء في كل من العراق وسوريا أو حتى في الغرب.

الربيع العربي
وتؤكد لامب أن الأسباب تختلف من مكان إلى آخر، ذلك أن الشاب السوري الذي فقد كل شيء في الحرب سوف ينضم إلى داعش لأسباب مختلفة عن الشابة البريطانية التي تسافر إلى سوريا تحت دعوى "الجهاد"، كما تختلف أيضاً عن الأسباب التي تدفع عامل أمي بضواحي تونس إلى القتال في صفوف التنظيم.

وتشير كاتبة المقال إلى أن أكثر من ثلاثة آلاف من التونسيين سافروا إلى سوريا للقتال في صفوف داعش، ويرجع ذلك إلى أن شباب الضواحي التونسية الفقيرة – الذين شاركوا في الربيع العربي لاعتقادهم في إمكانية خلق حياة أفضل – يشعرون اليوم بالخداع من قبل النخب السياسية فضلاً عن تجاهل الدولة لهم. ومن ثم فإن الشعور بخيبة الأمل والاستياء في أوساط هؤلاء الشباب جعل منهم هدفاً وفريسة سهلة للجماعات المتطرفة مثل داعش، وهو ما دفع الآلاف منهم للسفر إلى سوريا والانضمام إلى داعش.

خيارات زائفة
وتختتم كاتبة المقال قائلة: "في كثير من الأحيان يتم مواجهتنا بخيارات زائفة: هل نشارك في الضربات الجوية أم لا؟ بينما ينبغي على بريطانيا اتباع نهج يتحلى بالصبر في مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين والإقليميين والمحليين لتقديم المساعدة الإنسانية الكافية إلى جميع المحتاجين، والحد من حوافز وفرص انضمام المزيد من المقاتلين إلى داعش، والأهم من ذلك تطوير استراتيجية طويلة الأمد وواقعية لاستعادة الاستقرار والسلام في سوريا".