سماحة ونصرالله(أرشيف)
سماحة ونصرالله(أرشيف)
الخميس 14 يناير 2016 / 22:11

"سماحة" السيد نصر الله

أطلقت المحكمة العسكرية في لبنان اليوم الخميس، سراح الوزير السابق ميشال سماحة. الوزير، متهم فقط بنقل بضع كيلوغرامات من المتفجرات لحساب النظام السوري من أجل القيام بتفجيرات أثناء زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الشمال. أي، تفجير خلال زيارة رجل دين مسيحي لمناطق الغالبية فيها من الطائفة السنية. التهمة اقترنت بفيديوهات توثق ما كان ينوي فعله سماحة. هناك مشهد وهو يأكل "الصبير"، يضحك، ويُخبر كيف سيقتل مدنيين لمصلحة قاتل المدنيين الأول بشار الأسد.

إطلاق سراح الإرهابي ميشال سماحة لا يخرج من سياق لبناني مُستمر منذ العام 2005. منذ بدأ حزب الله مسلسل اغتيالاته لكل من يخالفه. توازياً مع العمل الحربي للحزب داخلياً، كان يتسلل شيئاً فشيئاً إلى المؤسسات. وضع يده بهدوء على الكثير من القطاعات بينما كان الجميع غافلاً عن سياسته، أو غير قادر على مواجهته. قبل 2005 كان رئيس مجلس النواب، زعيم حركة أمل نبيه بري هو المتواجد في مؤسسات الدولة. بعدها، صار يخرج شيئاً فشيئاً، أو تم إخراجه بذكاء، حتى في القريب مُمكن أن يُخرجه الحزب من الحركة نفسها.

الفعل الحربي، والسلاح المرفوع بوجه اللبنانيين كان الوسيلة لتثبيت تغلغل الحزب في الدولة اللبنانية. مطار بيروت، تحت سيطرته، منه يدخل ويُخرج ما يريده من سلاح، ومنه يراقب الآتي والمغادر من خصومه إذا ما أراد الانقضاض عليهم. المرفأ في يده، منه وفيه يقوم بتهريب ما يريد، لصالح أبناء نوابه وشيوخه. في كل وزارة لديه ما لديه من محسوبين يؤمنون له كل ما هو بحاجة إليه. في المؤسسة العسكرية، لا داعي للكثير من التفكير، إذ لطالما كانت تبني سياستها بما يتناسب مع الحزب الإلهي، أو أقله لا يجعله يحرد. حرد الحزب صعب كثيراً. قبل سنوات، أخطأ ضابط طيار في الجيش اللبناني ونزل بمروحيته في منطقة يسيطر عليه الحزب. ما كان من عناصر إلا أن أردوه قتيلاً. إلى الآن المؤسسة العسكرية لم تستطع أن تقول شيئاً عن قتل إبنها. الضابط الطيار سامر حنا ليس سوى مثال لواقع حال كئيب جداً، ومخيف جداً.

المؤسسة العسكرية بحذ ذاتها لم تحم الشهيد سامر حنا. كيف لها اليوم أن تقف في وجه ميشال سماحة. لا بل أكثر من ذلك. المؤسسة العسكرية، المحكمة العسكرية، هي التي بادرت إلى إطلاق إرهابي كميشال سماحة إلى الحرية. يعني، الصحيح من الآن وصاعداً أن هذه المؤسسة لا تراعي مصالح حزب الله، بل هي تعمل من أجله، في خدمته سياسياً وعسكرياً. بإمكان قائدها أن يصبح رئيساً للجمهورية أيضاً بعد كل ما قدمه من أوراق اعتماد للحزب، ما المانع؟ لا شيء يمنع سوى صدور قرار إيراني للحزب بذلك.

الحديث عن إطلاق مجرم كميشال سماحة، لا يجب أن يغفل واقع حزب الله نفسه في البلد. لبنان، لم يعد محكوماً من أحد سوى من الحزب، وما يريده هو الذي يمرّ، مهما كان فاضحاً. الإرهابي الأوّل في لبنان ميشال سماحة يُخرجه حزب الله من السجن. هذا ليس فضيحة، هو إعلان احتلال كامل لكل ما تبقى من مؤسسات يُمكنها أن تُغيّر شيئاً من واقع الحال. لا رئيس جمهورية ولا حكومة تعمل ولا مجلس نواب قادر على الاجتماع. الآن ينضم إليهم القضاء بإعلان خضوعه التام لإرادة السلاح وحزبه.

المضحك في كل هذا الموضوع، أن أفرقاء 14 آذار لم يستطيعوا انتخاب رئيس للجمهورية، فقرروا كل واحد منهم أن يطرح من يخدم حزب الله في نهاية المطاف. سعد الحريريـ وهو يبحث عمّا يسميه الحفاظ على الحد الأدنى من المؤسسات قرر ترشيح سليمان فرنجية "شقيق" بشار الأسد الأصغر كما يُلقب نفسه. حليفه الآخر، سمير جعجع، قرر دعم خصمه وحليف حزب الله الأوّل ميشال عون للوصول إلى بعبدا، وتحت مسمّى لحمة المسيحيين وأهميتها وطنياً. صار خصم حزب الله الأول، أي 14 آذار، يعمل من أجل الحزب أيضاً. إنضم إلى باقي المؤسسات والأفراد والجمعيات التي يديرها حزب الله كيفما يشاء. ماذا عساهم يقولون اليوم؟ استنكار الحد الأدنى، أكثر من ذلك لا يمكنهم أن يفعلوا.

حين كشف وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي مخطط علي مملوك ـ ميشال سماحة بحق لبنان واللبنانيين، عُقد العزم أكثر من أي وقت مضى على اغتياله. قتلوا وسام الحسن وها هو سماحة يعود إلى أكل "الصبير" في منزله في الأشرفية أو في منزله الآخر في المتن، وسيضحك كثيراً، وهو يحيك مؤامرة أخرى، هذه المرّة سيفعلها علانية ومن دون مواربة، فهو في دولة يحتلّها ولي أمره، والكل صار في خدمة ولي أمرٍ واحد، الميليشيا المسلحة المتمددة من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن وغيرها من أماكن تريدهم طهران أن يتواجدوا فيها لتنفيذ مخططاتهم.

في الحكومة اللبنانية الموجودة اليوم، أصدقاء كُثر لوسام الحسن. من رأسها إلى العديد من وزرائها. ماذا سيفعلون؟ هم الآن في لحظة غضب. غداً تهدأ الأمور والتواجد في منصب خير من التواجد في المنزل. يبقى لهم، استحياء، أن يعلنوا خضوعهم لإرادة حزب الله وكفى المؤمنين شرّ القتال.

خرج ميشال سماحة من السجن. ميليشيا لبنانية خرجت عن الدولة منذ زمن وهي تمارس القتل في لبنان وخارجه. سوريا خير مثال. خرجت المؤسسة العسكرية عن حيادها. خرجت 14 آذار عن كذبتها. كل شيء خرج من عقاله. وحده حزب الله، قوّة الاحتلال التي دخلت ولن تخرج في القريب العاجل. هذا الثابت الوحيد.