الروائي المغربي عبد النور المزين (المصدر)
الروائي المغربي عبد النور المزين (المصدر)
السبت 13 فبراير 2016 / 15:29

عبد النور مزين لـ 24: ترشيحي للبوكر يفتح المجال لكي يعرف القراء عملي

24 ـ القاهرة ـ أحمد علي عكة

بين الرواية والشعر والقصة يتنقل الأديب المغربي عبد النور مزين، كما تتنقل الفراشة بين الزهور المختلفة، ليقدم نصوصاً تعبر عن عالمه الخاص، فانحيازه دائماً ما يكون للفكرة المغايرة وطريقة تناولها المختلفة من خلال نص راقٍ، دون الانحياز لنوع أدبي معين، سواء كان هذا من خلال اللغة العربية أو الفرنسية مع محاولات للربط بينهما عبر الترجمة الأدبية.

رواية "رسائل زمن العاصفة" ترصد مرحلة مهمة من تاريخ المغرب تعرف بسنوات الجمر

المشهد الثقافي المغربي يعرف تطوراً من حيث ظهور حساسيات جديدة في الكتابة

الكتابة نهر يتدفق ويغتني بجداول الحياة والذاكرة وهي بهذا المعنى سابقة على الأشكال أو الأجناس

أعمل على رواية جديدة ونشر رواية أخرى بالفرنسية وأكتب نصاً شعرياً طويلاً وترجمة نص أدبي إلى الفرنسية

عبد النور مزين الذي وصلت روايته "رسائل زمن العاصفة" إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر 2016، كنوع من التتويج لمسار طويل من المتابعة الأدبية والكتابة بعيداً عن الاستعجال والاستسهال كما يقول، حيث نُشرت له أول قصة قصيرة سنة 1992 على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، ثم قام بنشر مجموعته القصصية "قبلة اللوست" سنة ، 2010 والديوان الشعري "وصايا البحر" سنة 2013، قبل أن تصدر رواية "رسائل زمن العاصفة" سنة 2015، للتعرف أكثر على ملامح مشروعه الأدبي والجديد الذي يقدمه خلال الفترة الحالية كان لـ 24 معه هذا الحوار:.

كيف ترى وصول روايتك "رسائل زمن العاصفة" إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر 2016؟
وصول رواية "رسائل زمن العاصفة" إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر 2016 جاء تتويجاً لمسار طويل من المتابعة الأدبية والكتابة، وأنا لا أزال طالباً بكلية الطب والصيدلة بجامعة محمد الخامس بالرباط، حيث أن أول قصة قصيرة نشرت لي كانت سنة 1992 على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أي قرابة ربع قرن من التراكم. كتبت فيها القصة القصيرة والشعر وكنت قليل النشر حقيقة. لكن بحلول 2010 قررت نشر ما تراكم من قصص وقصائد فجاءت المجموعة القصصية "قبلة اللوست" سنة 2010 والديوان الشعري "وصايا البحر" سنة 2013 قبل أن تصدر رواية "رسائل زمن العاصفة" سنة 2015 . الآن وقد وصلت "رسائل زمن العاصفة" إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر لهذا العام لا أنكر أني أشعر بسعادة غامرة نظراً لما لهذا التتويج من اعتراف معلن بالإمكانات الفنية والسردية للكتابة الروائية التي تتميز بها "رسائل زمن العاصفة"، مما يتيح لي فرصة حقيقية لتقديم الرواية إلى جمهور واسع سواء في المغرب أو العالم العربي أو على المستوى العالمي وهذا يشكل مصدر سعادة وفخر لأي روائي.

رواية "رسائل زمن العاصفة" ترصد مرحلة صعبة من تاريخ المغرب، لماذا اخترت هذه المرحلة بالتحديد؟
ترصد رواية "رسائل زمن العاصفة" مرحلة دقيقة ومهمة من تاريخ المغرب المعاصر، تعرف بسنوات الجمر، وهي المرحلة التي أسست في نظري اللبنات الأولى لنقاش سياسي عميق حول المشروع الاجتماعي الذي يجب أن يتبناه مغرب ما بعد الاستقلال. ولم يكن ليخلو هذا النقاش من اصطفافات أيديولوجية وفكرية وثقافية واجتماعية أدت في الكثير من الأحيان إلى موجة من الاحتجاجات الشعبية وحملات قمع واعتقالات أدى فاتورتها الكثير من المعتقلين السياسيين والشهداء، لكنها كانت في نظري مرحلة غنية ومفصلية في تلمس الطريق نحو بناء الديمقراطية ومحاولة إرساء دعائم أولية لدولة الحق والقانون. كانت الأجيال التي قدمت تضحيات بذلك الحجم تعيش تلك المفارقة الغريبة المتمثلة في حالة التردي العام لأوضاع الوطن العربي الغارق في فوضى التدمير الذاتي للقليل الذي تم تحقيقه على المستوى الاجتماعي والسياسي وبالتالي تواري حلم التغيير والتقدم خلف تلك السحب الداكنة في الأفق. فكان أن استبد اليأس وسادت تلك الحالة من الضياع والتيه والتشرد الفكري لدى كل الذين قدموا تلك التضحيات في حين أن المرحلة في رأيي بكل تعقيداتها وتضحياتها كانت مشتلاً لتغييرات اجتماعية مفصلية في المغرب أدت فيما أدت إليه الوعي العميق بماهية الانتماء إلى تربة الوطن ومعزى أن يذوب الفرد ليحيا الوطن، إذ لا حرية ولا معنى للحلم في غياب تربة الوطن. هكذا تشرع الرواية في نظري نوافذ جديدة للأمل وللحلم كبراعم، من تلك المشاتل الذي زرعتها وخصبت تربتها مرحلة الجمر، ستزهر لا محالة في المستقبل.

باعتبارك تكتب الشعر والقصة والرواية، فإلى أي الأجناس الأدبية تشعر بالانتماء أكثر؟
الكتابة نهر يتدفق ويغتني بجداول الحياة والذاكرة، وهي بهذا المعنى سابقة على الأشكال أو الأجناس. فالنهر لا يختار مسبقاً منحدرات الجبال لينحت في الصخر مجرى ويرسم في الهاوية شلالاً، ولا يختار النهر السهول والهضاب ليعزف في مجراه لحن السنابل ويمتح من غنج الأقحوان. النهر يكتب الحياة كيفما جادت الأرض أمامه بتضاريس لشلال هادر أو لعزف نشيد على صدر سهل أو عناق ساقية. هكذا تكون حالة الكتابة لدي محدداً مهماً لشكل صياغتها، لكني أكاد أجزم أن للشعر سراً ينام في قلمي يسيل مع المداد تارة خالصاً وتارة كتلك النقوش الساحرة التي تتسرب دوماً لتزيد زربية الكتابة جمالاً وبهاءً.

بعد النجاح الكبير لرواية "رسائل زمن العاصفة"، هل ستتخلى عن كتابة الشعر والقصة؟
الشعر بالنسبة لي حالة نفسية لا فرار لي منها إلا مسافة عشق لوصال جديد، وهو بالتالي عطر الكتابة المركز وهو في السرد ملح الكتابة أيضاً. الرواية شكل من الكتابة له آلياته ودواعيه أيضاً كما للقصة دواعيها وبالتالي وإن كنت أجدني أقرب إلى التعبير عبر الأشكال الروائية وقد كانت "رسائل زمن العاصفة" دليلاً على ذلك، لكني سأظل وفياً للشعر والقصة أيضاً كلما اقتضت ضرورة الكتابة والحالات النفسية ذلك.

هناك الكثير من الأدباء دخلوا الأدب من خلال باب الطب، باعتبارك أحدهم هل ترى علاقة ما بين الأدب والطب؟
إن عالم الطب يعتبر بالنسبة لي العالم الأقرب إلى عمق النفس البشرية لما يتيحه من اقتراب هام من عوالم الناس الحقيقية في الحياة وفي الحلم أيضا، في توازناتها وفي اختلالاتها، في حالات الفرح والألم أيضاً. هكذا يصبح هذا العالم معيناً مهماً من التجارب المختلفة التي نعيشها كل يوم من بين أجمل حالات الصدق القليلة أيضاً.

ماهي ملامح مشروعك الأدبي ؟
كما قلت سابقاً أجدني أقرب إلى الكتابة الروائية بالرغم من اهتمامي العميق أيضاً بالشعر كتابة وقراءة وكذلك بالقصة القصيرة وذلك باللغتين العربية والفرنسية، وهكذا يكاد يتجسد مشروع الكتابة لدي في كتابة الرواية والشعر والقصة باللغتين العربية والفرنسية مع محاولات للربط بينهما عبر الترجمة الأدبية.

كيف ترى المشهد الثقافي بالمغرب حالياً ؟
المشهد الثقافي في المغرب يعرف تطوراً مهماً، لا من حيث كم النصوص التي ترى النور كل سنة وفي مختلف المجالات الثقافية فحسب، ولكن أيضاً من حيث ظهور حساسيات جديدة في الكتابة أمنت لها الثورة الرقمية والتكنولوجية وخاصة شبكة الانترنت إمكانات واسعة للتعبير عن تجربتها وانتشارها الواسع. فالرواية والشعر والقصة على سبيل المثال تعرف تراكماً مهماً في المغرب يضيف غنى جديداً للكتابة المغربية ويغني بلا أدنى شك الأدب العربي بشكل عام،. ونفس الشيء يمكن أن ينسحب على مجالات السينما والفن التشكيلي والموسيقى أيضاً.

ماهو جديد عبد النور مزين ؟
حالياً لا زلت منكباً على إتمام الرواية التي بدأتها منذ أشهر، وهي بعنوان أولي "العودة إلى دار البارود" بالإضافة إلى البدء في إجراءات نشر رواية أخرى بالفرنسية، وهي شبه منتهية حالياً. وهناك كذلك نص شعري طويل بنفس سردي لم أحدد بعد جنسه الأدبي. هذا بالإضافة إلى اشتغالي حالياً على ترجمة نص أدبي إلى اللغة الفرنسية.