الخميس 31 مارس 2016 / 15:42

د.علي بن تميم: نعيش في الإمارات ربيعاً حقيقياً منذ سنوات

عرضت قناة "العربية" الجزء الثاني من حوار برنامج "روافد" مع أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، الكاتب الإماراتي، الدكتور علي بن تميم، والذي واصل فيه طرح أفكاره حول العديد من القضايا الثقافية والفكرية التي تشغل العالم العربي في هذه المرحلة.

وتوقف د. علي بن تميم عند تراجع هامش التعبير الحرّ في الثقافة العربية، والدور الذي لعبه الاستعمار في ذلك، وظهور الاستسهال في النصوص الأدبية لغياب النقد، كما تناولت الحلقة المشهد الأنثوي القوي في الأدب والثقافة.

وتحدث بن تميم أيضاً عن المؤسسات والمشاريع التي أشرف على بعضها وترأس بعضها الآخر وأدارها، مثل مشروع كلمة للترجمة، وجامع  الشيخ زايد الكبير وجائزة الشيخ زايد للكتاب، كما ناقش اهتمامات الشباب الأدبية ومنظومة القيم العالمية الإماراتية، وغيرها.

مجلس بغداد
وبدأ بن تميم النقاش متوقفاً عند الاستعمار ودوره في عزل المثقف العربي عن روحه الماضية، بحيث أصبح الماضي له غريباً حين يقرأه اليوم، وقال: "يجب أيضاً أن نلتفت إلى المستنيرين والإحيائيين في بدايات القرن المنصرم، الذين واجهوا معضلة كبيرة في أحياء التراث وربط العرب بنصوصهم التنويرية".

وأضاف بن تميم: "نعيش اليوم على حافة منحدر جبلي في علاقتنا بالماضي الذي كان في القمة، وهنا العملية لا تحتاج للقراءة فقط بل لإحياء كامل لهذه الأمة التي وصلت في ضيق الأفق مبلغاً كبيراً"، الأمر الذي كان مختلفاً بشكل يثير الحسرة في المجتمعات العربية الماضية مقارنة باليوم، فيقول بن تميم: "في بغداد كان المجلس الواحد يستضيف اليهودي والمسيحي والزنديق والملحد والشيعي والسني، وكل هؤلاء يتحدثون ويسهمون في الإبداع والعمران وحركة الفكر، ولا يشكلون فقط الحوار الشكلي، بل هم في صميم الدولة".

وكان لمحاور د. علي بن تميم أحمد علي الزين، رأي آخر في الأسباب، معتبراً أن الاستعمار وحده لا يتحمل المسؤولية، وهو ما عقب عليه بن تميم قائلاً: "بالطبع، الأمية سبب، والفقر سبب، والخوف من الأنظمة، أدى للابتعاد عن تعزيز الفكر الناقد، وكل هذا جعل النظر للتراث والثقافة بذخاً".

الاستسهال والهبوط .. نجاح المرأة
وبسؤاله عن غياب النقد وهبوط المستوى الأدبي في وقتنا الراهن، قال بن تميم: "لا شك أن النقد اسهم في هذه العزلة، حين أسرفت النقدية في الغموض فأعرض القارئ عنها، وهناك معضلة على المستوى الإبداعي، فرغم كثرة النصوص نرى تقلص الحس الإبداعي، لكن في الوقت ذاته النقد ليس نبتاً شيطانياً، فالعلاقة بينه وبين النص الإبداعي طردية، وللأسف نجد غياباً للإبداع الكبير رغم أن بعض الأصوات تطرح نفسها بقوة".

ورأى بن تميم في دول المرأة بقوة على الساحة الإبداعية والثقافية، خاصة في الإمارات، دليلاً مشرفاً على نجاح التعليم في تفكيك الخطابات الذكورية، وقال: "الإبداع ليس فحولياً، وكثير من النساء العربيات هن نماذج رفيعة جداً، فمثلاً في الإمارات تترأس المجلس الوطني الاتحادي امرأة، هي د. أمل القبيسي، وأعتقد أن هذا من أزهى التجليات".

وأضاف بن تميم: "المرأة نجحت عموماً، ولكن هناك أنظمة أخرى استعملت المرأة كواجهة وليس اعترافاً بدورها، وعلينا أن ننور المجتمعات بضرورة حضور المرأة ودورها".

كلمة .. الشباب
وعن تجربة مشروع كلمة للترجمة، قال د. علي بن تميم: "تجربة كلمة تعتبر مشروعاً تنموياً بالأساس، فلو تأملنا الترجمة كنقل لمعرفة الآخرين لوجدناه تنويرياً بامتياز، وانطلق المشروع قبل سنوات أي قبل الربيع العربي، حين بدأت الإمارات ربيعها الخاص بالفكر والعلم، حين دعا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تأسيس برنامج متقدّم للترجمة".

واضاف بن تميم: "على القراء أن يدركوا أن الترجمة أفق زاخر تتنوع فيه القيم والمقاربات الجسدية والدينية والفكرية، وهذا يذكرنا أن مشاريع الترجمة مشاريع شجاعة، كونك تدفع بالجديد والمختلف من قيم الآخرين داخل المجتمع"، مؤكداً أن ما هذا إلا دعوة لتلاقح الأفكار والرؤى.

وعن الشباب قال د. علي بن تميم: "أظن أننا حين ننظر للرواية نجد أسماء شابة إماراتية، وإن كان ينقصها الوعي بالرواية وقواعدها وتاريخها، لكنها وجدت منظومة قيم عالمية في الإمارات، مما سيجعل أهدافنا من الأنشطة الثقافية تتحقق فيهم".

وذكر بن تميم بالطريق الطويل والجاد الذي تقطعه الإمارات في رحلة التنوير والثقافة، فقال: "عنونة السنوات أمر مهم ومميز جداً في الإمارات، ففي السنة الماضية كنا نعيش سنة الابتكار، واليوم نحن في عام القراءة، لتعزيز الإبداع والكتابة".

بياض مسجد الشيخ زايد .. منارة الكتب
وفي حديث مليء بالاعتزاز والمحبة، روى د. علي بن تميم عن علاقته الفريدة بجامع الشيخ زايد الكبير، وبدأ حديثه قائلاً: "كان يقال قديماً لكل مدينة جامعها، والأبيض لون الصفاء، وهو من أكثر الألوان قرباً، وترى الجامع عند مدخل أبوظبي كأنه يلوح لك للدخول في صلب الحضارة الإسلامية والعربية".

وأضاف بن تميم: "الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان يريد جامعاً يحقق المعمار الأصيل ولا ينقطع عن تطور البلاد في الوقت ذاته، وفي المنارة تستقر مكتبة فريدة من نوعها جمعت خيرة الكتب المتخصصة التي لا يوجد مثلها إلا في هذه المنارة، في العمارة الإسلامية والتراث وعلوم الإسلام فيما يزيد عن 8 لغات، ومن بينها القديم والنادر جداً، بتوجيه من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان".

وعن جائزة الشيخ زايد للكتاب، قال د. علي بن تميم: " الجائزة تمثل عنصراً أساسياً في صناعة الكتاب في دولة الإمارات، وجاءت لتتيح حوافز تشجيعية للإبداع وعززت من حضورها استناداً لحملة من الإجراءات وضعتها وصولاً للفائزين، ولم تلتفت فحسب للمبدعين، بل لصناع التنمية والثقافة وجعلت من يستحق على قدم المساواة في قمة التكريم".