الجمعة 29 أبريل 2016 / 18:23

محمد بن سلمان "والثورة على عصر النفط"

الأمير محمد بن سلمان هو عنوان "ثوري وتاريخي" يصل إلى حد ما لمستوى جده عبد العزيز بن سعود

مازالت العديد من وسائل الإعلام في العالم تتابع بالتحليل والتقييم الرؤية التي قدمها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي والمسماة "رؤية السعودية 2030"، فما قدمه الأمير الشاب والطموح يعد ثورة حقيقية على "الاقتصاد الريعي" المعتمد بشكل شبه كامل على عائدات النفط، كما تعد الرؤية بالمفهوم الفني الاقتصادي أكبر مشروع اكتتاب في تاريخ الاقتصاد العالمي من خلال بيع أقل من 5% من قيمة شركة أرامكو النفطية العملاقة التي تعد أكبر شركة بترول بالعالم، والتي تبلغ تقديرات قيمتها المبدئية بأكثر من 2 تريليون دولار، والتي ستكون جزءاً من صندوق الاستثمارات العامة الذي ستشكل ممتلكاته ما نسبته 10 % من القدرة الاستثمارية العالمية، حيث من المتوقع أن يكون من أكبر الصناديق السيادية الاستثمارية في العالم.

 هذه الرؤية اعتمدت بصورة أساسية على ركيزتين:
الأولى: إن عهد "الدولة النفطية" قارب على الانتهاء وإن الضرورة تقتضي الإسراع في التفكير بالبديل والاقتصاد البديل والتحرر من "إدمان النفط" وهو مصطلح صائب ولربما صادم لبعض الدول النفطية وغير معهود في التداول السياسي والاقتصادي.

الثانية: إن البديل هو الاقتصاد الحر المعتمد على جلب الاستثمارات وتنويعها.

يمكن القول إن هذه الرؤية جاءت بعد دراسة معمّقة لواقع مستقبل النفط في العالم وللنفط السعودي بشكل خاص حيث أشارت العديد من الدراسات إلى أن مستقبل النفط لن يتجاوز الخمسين إلى ستين عاماً، أي أن عصر نضوب النفط من المتوقع أن يبدأ في عام 2066 إن لم يكن قبل ذلك، بالإضافة إلى دخول مصادر جديدة للطاقة البديلة كالصخر الزيتي، وتحديداً من إنتاج أمريكا التي تمكنت من إيجاد تقنيات استخراج وإنتاج قللت من الكلف الإجمالية لإنتاجه وجعلته منافساً جدياً للنفط.

ورغم كل ما سبق تبقى تحديات ما بعد النفط أكبر بكثير من المتوقع، ومن أبرزها الكيفية التي يجب التعامل فيها مع البعدين السياسي والاجتماعي، وأقصد هنا أنه وبرغم الصعوبة في صياغة خارطة الطريق لمرحلة ما بعد النفط يبقى موضوع "الانفتاح السياسي" ورديفه الانفتاح الاجتماعي عاملان أساسيان في "إنضاج" المناخ الاستثماري المناسب الذي من شأنه جذب الاستثمار وتوطينه.

لا أعتقد أن الأمير محمد بن سلمان مهملاً لهذين العاملين، وأتصور أنه يملك برنامجاً استراتيجياً لخلق بيئة "سعودية ثورية" تجعل من المجتمع الشبابي السعودي الذي يشكل أكثر من 70% من مجمل سكان السعودية، قوة فاعلة في إنتاج مجتمع معرفي على غرار مجتمعات ناجحة مثل كوريا الجنوبية والهند وسنغافورة.

الأمير محمد بن سلمان يدرك تماماً كيف يصل لذلك لكنه في الوقت ذاته يأخذ بنظر الاعتبار "قيمة العامل الزمني" في إنضاج مشروع التحول السعودي، وهو مشروع هائل بكل المعايير وبحاجة لعقول تنفيذية فذة وطاقات بشرية متميزة يجب العمل على إعدادها وتدريبها منذ اللحظة.

باختصار يمكن القول إن سمو الأمير محمد بن سلمان هو عنوان "ثوري وتاريخي" يصل إلى حد ما لمستوى جده عبد العزيز بن سعود، فهو عنوان لبناء كيان متجدد ومتحضر للمملكة العربية السعودية "في طورها الرابع".