الكاتب المصري سامح فايز (المصدر)
الكاتب المصري سامح فايز (المصدر)
الأحد 1 مايو 2016 / 10:01

شاب مصري ينقل الثقافة من المدن الكبرى إلى القرى النائية

24 ـ القاهرة ـ أحمد علي عكة

أدرك الكاتب المصري سامح فايز أن الثقافة هي الطريق الأمثل لمواجهة التطرف والإرهاب، كما رأى أن جميع الفعاليات الثقافية في مصر تتواجد في المدن مع غياب شبه كامل للأنشطة الثقافية في القرى والكفور والنجوع المصرية في جميع المحافظات، ما جعله يدشن مبادرة التيار الثقافي البديل (ثقافة القرية)، والتي لاقت نجاحأ كبيراً خلال ساعات من إطلاقها.

24  كان له هذا الحوار مع فايز للتعرف أكثر على ملامح مبادرته التيار الثقافي البديل.

من أين جاءت لك فكرة مبادرة التيار الثقافي البديل؟
الفكرة تراودني منذ كنت طالباً فى الجامعة عام 2003 لكن لم تكن لديّ إمكانات متاحة لتنفيذها في ذلك الوقت، حتى عملت في الصحافة الثقافية منذ عامين، تفتحت السبل وأصبحت أملك المصادر والمعرفة بالجهات التي تدعم مثل هذا المشروع.



هل لك أن تشرح لنا تفاصيل المبادرة ؟
التيار الثقافي البديل (ثقافة القرية) مشروع قائم على تقديم تيار ثقافي بديل يغير الواقع من أسفل بشكل حقيقي عن طريق الوصول للناس في أماكنهم من خلال استهداف القرى والكفور والعزب والنجوع أو بمعنى أدق الأماكن المحرومة من الثقافة فعلياً، وذلك عن طريق مساعدة وتدريب أهل القرية أنفسهم بمعنى أن أغلب الجمعيات الأهلية والمؤسسات الثقافية تتوجه للقرى لعمل مشاريع تنموية أو خدمية لمدة معينة ثم تترك أهل المكان دون تدريبهم على إكمال المسيرة بأنفسهم، بالطبع ذلك مفيد، لكن تدريب أهل القرى وعمل صلات بينهم وبين باقي المبادرات الثقافية سيكون سبباً في استمرار الخدمة داخل هذه القرى.

كل ما يقدمه التيار الثقافي البديل لأهل القرى هو توصيلهم بالجهات التي تملك صناعة الثقافة في مصر والمبادرات الثقافية الخاصة الأخرى وإقامة نوادي سينما وعروض مسرحية وندوات ولقاءات فكرية، كل ذلك داخل القرية بمعنى أن تذهب الثقافة إليهم فنخرج بها بالفعل من الغرف المغلقة إلى القرى المحرومة ثقافياً، وذلك عن طريق تفعيل دور أهل القرية، لأن خطأ المؤسسات الحكومية الثقافية أنها حبست الثقافة داخل جدرانها فلم تخرج الثقافة منها ولم يقربها أهالي القرى.

لماذا اخترت قرية "كفر غطاطي" بمحافظة الجيزة كبداية لإطلاق المبادرة ؟
كفر غطاطي هى القرية التي ولدت بها، وحتى الآن أعيش فيها ولم أغادرها رغم أنها تفتقد للكثير من الخدمات الآدمية من مرافق وطرق ومدارس ومستشفيات، فهي لا تعرف هذه المسميات إلا فى أضيق الحدود. لم أغادرها لأننى كنت أدرك دائماً أن هناك دوراً لي تجاهها لم يأت بعد، قريتي لا توجد بها مكتبات أو أية فعاليات ثقافية وكنت أسير على قدمي عدة كيلومترات يومياً فقط لأشتري الصحف والمجلات، لأن قريتي لا يوجد بها حتى مجرد بائع صحف، في نفس الوقت المبادرة لا زالت في مراحلها الأولى، وكان من الأفضل أن أطبقها فى مكان أعرفه حتى يكون ذلك سبيلاً لتجاوز المعوقات التي من المتوقع أن تواجه المشروع، أيضاً بسبب عدم وجود أي نشاط ثقافي فى القرية فقد بدأت حياتي عضواً فى جماعة دينية من هذه الجماعات التي تسيطر على القرى في غياب المؤسسات الخاصة والحكومية، وتسببت نشأتي داخلها في خلخلة فكرية فى حياتي عانيت منها لسنوات حتى أتخلص من التشوهات التي تربينا عليها أطفالاً، واحتجت لسنوات أيضاً حتى أدرك أن الله نراه في الحب وليس العنف والتطرف.



ما الصعوبات التي واجهتكم لتدشين أول مكتبة عامة بقرية خلال المبادرة؟
حتى الآن لا توجد صعوبات بالمعنى المعروف، ربما لأن المشروع لا يزال في بداياته لكننا ننتظرها، لأنها متوقعة خاصة أننا نعمل في قرية تسيطر عليها الجماعات الدينية وتقديم مثل هذه الفعاليات الثقافية، ربما يلقى رفضاً في البداية، خاصة أنهم يتعاملون مع الفن والثقافة على أنهما من المحرمات لكننا على يقين أننا سنتجاوزها.

ماذا عن ردود الأفعال تجاه مبادرة "التيار الثقافي البديل"؟
ردود الأفعال كانت غير متوقعة بالمرة، فقد كانت إيجابية جداً إذ أعلنت 30 جهة ومؤسسة ثقافية دعم المشروع فى أول 48 ساعة من إطلاقه بين دور نشر حكومية وخاصة ومؤسسات ثقافية وجمعنا تقريباً 5 آلاف كتاب بعد 12 ساعة من إطلاق المبادرة.

هل كنت تتوقع التفاعل الإيجابي والسعي للمشاركة من قبل دور النشر الخاصة والمثقفين في مصر ؟
رد الفعل السريع كان غير متوقع، لكن كنت أثق أن دور النشر والمشهد الثقافي المصري سيستجيب للمبادرة بمرور الوقت لكنه لا يعرف طريق القرى الأكثر احتياجاً، هنا يأتي دور التيار الثقافي البديل، فنحن نملك السبيل لعمل صلات بين جميع الأطراف سواء عن طريق معرفتنا بهذه الأماكن وتواصلنا مع شباب يعيشون فيها أو تواصلنا مع المؤسسات الثقافية التي لم تتأخر في تقديم خدماتها.

إلى أين ستتجه المبادرة بعد قرية "كفر غطاطي" ؟
أعلنت قرى بأربع محافظات مصرية استعدادها لاستقبال المبادرة وتأسيس مكتبات عامة فيها، وذلك في جنوب سيناء والمنيا وأسوان وسوهاج، لكن ذلك سيكون في مرحلة لاحقة بعد التأكد من نجاح المشروع على الأرض في قرية كفر غطاطي، وهو ما سيستغرق عاماً كاملاً يبدأ في شهر يونيو (حزيران) 2016 وحتى شهر يونيو (حزيران) 2017.

هل تعتقد أن هذه المبادرة ستكون بديلاً لقصور الثقافة التي لا تؤدي أي دور فعلي في الريف المصري، خاصة القرى والنجوع ؟
المبادرة ليست بديلاً لمؤسسات ثقافية موجودة بالفعل، لكنها بديل للآليات الخاطئة المستخدمة في إيصال الثقافة لمستحقيها، قطاعات وزارة الثقافة المصرية أعلنت دعمها للمشروع فور الإعلان عنه والهدف الأساسي من التيار الثقافي البديل هو تفعيل الدور الحقيقي لقصور الثقافة التي أنشئت خصيصاً لتتواجد فى الأمكان المحرومة ثقافياً.

ماذا عن طموحك المستقبلي بالنسبة لمبادرتك "التيار الثقافي البديل" ؟
طموحي المستقبلي أن يتحول مشروع التيار الثقافي البديل لمؤسسة خدمية كبيرة مستقرة تملك مواردها المادية والبشرية، في مصر توجد مؤسسات تقدم الطعام والملبس والعلاج لكن لاتوجد مؤسسة بمثل ضخامة وموارد هذه المؤسسات تقدم الثقافة. وأن نكون أيضاً سبباً ليدرك الناس في القرى والكفور والنجوع أن خلاصهم الحقيقي فى المعرفة أياً كانت درجتها، وأن الفقر ليس فقط الفقر المادي، بل إن هناك فقراً أخطر وهو فقر العقل، ذلك الذي إن ترك هكذا فى مهب الريح أصبح سهلاً طيعاً فى أيدي التطرف أياً كان مسماه الفكري.