الأحد 15 مايو 2016 / 11:20

تقرير: مَن قتل مصطفى بدر الدين... أربعة سيناريوات

24- إعداد: رنا نمر

اعتبر نداف بولاك وهو زميل "ديان وجيلفورد جليزر فاونديشن" في معهد واشنطن لسياساة الشرق الأدنى وماثيو ليفيت وهو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد نفسه مقتل مصطفى بدر الدين أكبر خسارة لحزب الله منذ 2008.

بغض النظر عمن يقف وراء عملية القتل، فإن خلاصة القول هي أن مقتل بدر الدين تشكل ضربة كبيرة لحزب الله من الناحية العملية والعقلية

في 13 مايو (أيار)، أكد حزب الله مقتل أحد أبرز شخصياته العسكرية مصطفى بدر الدين الذي لاقى حتفه وفقاً لبعض التقارير في انفجار وقع في دمشق ليلة الثلاثاء. ونظراً إلى دور هذا الرجل كرئيس لـمنظمة الأمن الخارجي للحزب وقواته في سوريا، يقول الكاتبان إن مقتله يشكل أكبر خسارة لحزب الله منذ اغتيال رئيس الجهاز العسكري السابق عماد مغنية في عام 2008. وقد عرف الرجلان بعضهما البعض حق المعرفة، إذ إن "بدر الدين هو ابن عم عماد مغنية وشقيق زوجته الأولى: وقد قاد الاثنان العمليات العسكرية لـلحزب طوال سنوات".

ولبدر الدين (المعروف أيضاً بـ "ذو الفقار") تاريخ طويل في صفوف الحزب يعود إلى أوائل ثمانينيات القرن الماضي، عندما شارك في سلسلة من الهجمات الإرهابية في لبنان والكويت استهدفت سفارات الولايات المتحدة، وثكنات البحرية الأمريكية، وغيرها من المواقع. وبعد هروبه من السجن الكويتي خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت في بداية التسعينيات، عاد إلى لبنان وارتفع بسرعة في صفوف الحزب الله، الأمر الذي ساعد الحزب على إنشاء بعض وحداته الأكثر سوءاً للسمعة. وحتى أن أحد زملائه العملاء وصف بدر الدين بأنه "أكثر خطورة" من مغنية، الذي كان "معلمه في الإرهاب" منذ فترة طويلة.

ترقية بدر الدين
وفي عام 2008، وبعد مقتل مغنية في انفجار وقع في دمشق، تمت ترقية بدر الدين إلى منصب رئيس عمليات حزب الله، التي تشمل عمليات الجماعة في الخارج. ومع ذلك، بقي بدر الدين شخصية غامضة في لبنان حتى عام 2011، عندما سمّته محكمة خاصة، بعد تأخر طويل، كمتهم رئيسي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وفي العام نفسه، شهدت مكانة بدر الدين مزيداً من التعزيز كونه أحد الركائز العسكرية لحزب الله، عندما استلم المسؤولية عن وجود حزب الله في سوريا. ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، التي فرضت عليه عقوبات بسبب مختلف العمليات التي قام بها، شمل منصبه الجديد حضور الاجتماعات بين الأمين العام للحزب حسن نصر الله والرئيس السوري بشار الأسد، وتنسيق نشر المقاتلين في البلد المجاور، والتخطيط لبعض عملياتهم في الحرب.

أعداء كثيرون
وهذه الخلفية أكسبت بدر الدين، في رأي الباحثين، العديد من الأعداء، الأمر الذي يثير السؤال حول من الذي يقف وراء قتله. وفي كل مرة، يُقتل أحد كبار المسؤولين في الحزب الله بطريقة غامضة، فإن إسرائيل هي المشتبه بها الأساسي في عملية الاغتيال، وهذه المرة ليست استثناء - حيث تُشير بعض التقارير إلى أنها قد تكون وراء الحادث بالفعل.

إسرائيل
وصحيح أن الكثيرين من صناع القرار في إسرائيل سيكونون سعيدين للتخلص من بدر الدين، ولكن نظراً لشهرته، فمن الصحيح أيضاً أنهم سيفكرون طويلاً وملياً قبل اتخاذ قرار لقتله، لأن خطر التصعيد سيزداد بعد اغتيال شخصية رفيعة المستوى كبدر الدين، حتى لو حصلت سراً.

ولا يريد المسؤولون الإسرائيليون تصعيد الموقف على الجبهة الشمالية في الوقت الراهن. والاحتمال الآخر هو أن إسرائيل كانت تستهدف عملية لنقل الأسلحة وقتلت بدر الدين عن طريق الخطأ، أو أنها كانت تحاول منع هجوم وشيك من قبل الحزب الله، ولكن هذه [كلها] تكهنات في الوقت الراهن.

الثوار السوريون
ومن المشتبه فيهم المحتملين أيضاً الجماعات المتمردة في سوريا. فدور بدر الدين في تلك البلاد جعل منه هدفاً ذا قيمة عالية بالنسبة لهم، لأن الحزب هو المسؤول عن مقتل آلاف السوريين. وفي حين أنه من غير المرجح أنه قد قُتل في الخطوط الأمامية، إلا أن وحدات الثوار قد تكون هي التي قصفت موقعه وراء هذه الخطوط.

حكومات عربية
والمشتبه فيها الأقل احتمالاً هي حكومات عربية تدعم الثوار، وستكون سعيدة بسبب مقتل بدر الدين ولكنها تتمتع بقدرة محدودة على تنفيذ مثل هذه العملية في دمشق بصورة فعلية.

حزب الله
وحتى حزب الله نفسه هو من المشتبه بهم المحتملين نظراً للشائعات حول الأداء الضعيف لبدر الدين، وإهماله، وعدم استقراره، وتهوره في السنوات الأخيرة. وإذا كانت قيادة الحزب معنية بقتله بالفعل وأكدت أنه لن يترك منصبه بهدوء، فقد تكون قد قررت أنه من الضروري التخلص منه.

البديلان المحتملان
وبغض النظر عمن يقف وراء عملية القتل، فإن خلاصة القول هي أن مقتل بدر الدين تشكل ضربة كبيرة لحزب الله من الناحية العملية والعقلية. وسيحتاج الحزب الآن إلى إرسال مسؤول آخر رفيع المستوى للإشراف على العمليات في سوريا - أي شخص من ذوي الخبرة العسكرية الواسعة والمعرفة العميقة في ساحة المعركة في سوريا. وهناك اثنان من البدلاء المحتملين هما إبراهيم عقيل وفؤاد شكر، وكلاهما شغل مناصب في أعلى هيئة عسكرية في الحزب الله ("المجلس الجهادي") ويشاركان بالفعل في ساحة المعركة في سوريا.

ويشكل الحادث أيضاً ضربة كبيرة لصورة الحزب كتنظيم لا يمكن هزيمته ولا غبار عليه. وإذا كان من الممكن قتل بدر الدين في سوريا، فلا يوجد أي قائد من حزب الله في مأمن هناك.