الأربعاء 15 يونيو 2016 / 16:34

المكلا تستعيد حياتها الطبيعية...هروب القاعدة أنهى الاعتقالات والتشدد والقهر

آكاب بقيادة خالد باطرفي فرض نمطاً إسلامياً متشدداً من الحكم، حيث أمر النساء بتغطية كامل أجسادهن ووجوههن في الأماكن العامة. ومنع الرجال من التواجد في الأسواق والشوارع في أوقات الصلاة

وصف مراسل صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في مدينة المكلا اليمينة، صالح البتاتي، فرحة سكانها بخروج مقاتلي القاعدة من أنحاء المدينة قبل حوالي شهر، إثر هزيمتهم أمام قوات التحالف العربي، رغم تقديم عناصر القاعدة خدمات أساسية رغبة في التودد إليهم.

ولكن بعض سكان المدينة، قالوا أن الحياة في المكلا الساحلية شهدت وحشية طوال عام من حكم القاعدة في شبه الجزيرة العربية(آكاب)، وحيث احتجز المتشددون عدداً كبيراً من سكانها وحققوا معهم، دون وجود مبررات كافية، وأعدموا من اعتبروهم غير متعاطفين مع قضيتهم.

هروب
ويلفت البتاتي إلى أنه بعد مرور شهر على هروب آكاب أمام تقدم قوات التحالف العربي، بدت الصورة واضحة حول كيفية إخضاع التنظيم المتشدد للمدينة، التي مثلت جوهرة التاج بالنسبة إليهم.

ولم يسع آكاب الذي ادعى مسؤوليته عن مجزرة شارلي إيبدو في باريس العام الماضي، منذ تأسيسه، قبل سبع سنوات، في اليمن، للاستيلاء على مناطق هناك. وكانت المدينة التي يسكنها 300 ألف شخص، وتقبع عند سفح سلسلة من الجبال الساحلية، أكبر المناطق السكانية التي سيطر عليها التنظيم.

خدمات
ورغم ذلك، قال بعض السكان أن آكاب وفر مستوى من الاستقرار افتقدته المدينة في ظل حكومات عدة، وهو إنجاز سوف يساعد في بقاء بعض الموالين للتنظيم، رغم انسحابه. من هؤلاء محمد الكثيري، أب لستة أبناء، وهو يتذكر كيف سارع متشددو القاعدة لتقديم المساعدة عندما عصفت رياح شديدة بالساحل الجنوبي في نوفمبر( تشرين الثاني) الماضي.

وقال الكثيري:" قدموا لنا كل الخدمات الضرورية لحمايتنا، وهي إجراءات لم تقدمها حكومات سابقة، عندما اجتاحت فيضانات المكلا في عام 2008".

فراغ
ويقول البتاتي أن آكاب زحف نحو المكلا في إبريل( نيسان) 2015، وسط فراغ للسلطة جراء القتال المتواصل بين المتمردين الحوثيين وقوات التحالف العربي الداعم للرئيس الشرعي لليمن، عبدو منصور هادي.

وقال السكان أن آكاب وفر خدمات الكهرباء والماء وسحب النفايات، كما سويت بعض النزاعات القانونية.

ولكن آكاب بقيادة خالد باطرفي الذي أطلقه التنظيم من سجن المكلا الرئيسي، فرض نمطاً إسلامياً متشدداً من الحكم، وحيث أمر النساء بتغطية كامل أجسادهن ووجوههن في الأماكن العامة. ومنع الرجال من التواجد في الأسواق والشوارع في أوقات الصلاة.

سرقات
وتوفر لدى التنظيم ما يكفي من المال للإنفاق على المدينة، بعدما استولى على ما يقدر بمئة مليون دولار من فرع المصرف المركزي اليمني هناك.
  
وادعى التنظيم أن انسحابه من المكلا تم لإنقاذها من مزيد من القتال.

ولكن عددأً من سكان المدينة عبروا عن فرحتهم بخروجه. فقد أدى إغلاق مينائها ومطارها للحد من خدمات السفر والهجرة، كما أغلقت المدارس لان آكاب لم يسمح باختلاط البنين مع البنات داخل نفس المؤسسات.

ولذا تقول نجوى السوماحي، وهي أم لطفلين ومدرسة لغة إنكليزية في مدرسة حكومية:" كنا في غاية الفرحة عندما قرروا مغادرة المكلا".

لا تسامح
ويشير البتاتي إلى تشدد آكاب في فرض التعاليم الإسلامية، وعدم تسامحه مع المهملين لأدائها. ويتذكر رجل كيف أوشكوا على قتل مراهق بعدما رفض المشاركة في صلاة العشاء. ولكن بعض جيران الفتى أنقذوه ،بعدما أقنعوه بالانصياع لأوامر المتشددين.

كما اعتقل الصحافي أمير باودان بسبب مشاركته في تظاهرة ضد الإرهاب، ووضع في سجن انفرادي لمدة سبعة أشهر، وخضع لمراقبة عبر كاميرات فيديو، ولم يسمح له بإجراء مكالمات أو زيارات.

وقبيل دخول قوات التحالف العربي بقليل، نقل باودان مع آخرين إلى الشاطئ. وفيما أعدم آكاب بعض السجناء، أطلقوا سراح باودان مع آخرين، من دون أن يعرف السبب.

حياة قاسية
وأما الحياة بالنسبة إلى نساء المكلا فقد كانت قاسية خاصة. وقد تحدث عدد من سكان المدينة عن حادثة اتهمت فيها امرأة أحد عناصر آكاب باغتصابها. ولكن انتهى الأمر بإدانتها بالزنى، ورجمت حتى الموت.

وفيما لم تظهر أية مؤشرات لعزم آكاب على العودة إلى المدينة الساحلية، قال بعض المسؤولين اليمنيين، قبل أيام، أنهم أبطلوا مخططاً لتفجير كان المتطرفون ينوون تنفيذه. كما نفذ فرع داعش في اليمن هجومين ضد قوات أمنية. وقد نشرت الولايات المتحدة الداعمة لقوات التحالف العربي، فرقة صغيرة من القوات الخاصة للمساعدة في إبقاء السيطرة على المدينة.

ولكن برأي كاثرين زيمرمان، محللة في معهد إنتربرايز الأمريكي في واشنطن:" يحتاج دحر آكاب لجهد أكبر من مجرد نشر عدد صغير من الجنود. يجب العمل على تلبية توقعات السكان بشأن الخدمات التي يفترض بالحكومة تقديمها".

وتعبيراً عن سعادته بخروج المتطرفين، قال أحد سكان المكلا:" عادت الحياة إلى طبيعتها، وفتحت الأسواق والمولات وامتلأت بالمتسوقين".