الأربعاء 22 يونيو 2016 / 20:36

كلثوميات رمضانية

حبيبي لما يوعدني تبات الدنيا ضحكالي
ولما وصله يسعدني ما افكر في اللى يجرالي

" وجدت في أوروبا مسلمين بلا إسلام ووجدت في بلدي إسلاماً بلا مسلمين ".
طارت الجماهير المسلمة فرحاً على مدى عقود من الزمن وهي تردد هذه الجملة المنسوبة إلى الزعيم محمد عبده أثناء زيارته أوروبا، مفتخرة بإنجاز لم يكن لهم الفضل في إنجازه ولا كان للإسلام شأن به، بل إن قائلها قد أخطأ كثيراً بهذا التشبيه والذي احتكر فيه كل الصفات الحسنة والتي وجدت في فطرة الإنسان، واحتاج إلى ألوف السنين لتهذيبها في الإسلام ومعتنقيه فقط، ليبدي استغرابه من إمكانية أن تحوي الدول غير المسلمة مجتمعات عالية الأخلاق محبوبة الطباع .

ولما طبعه يتغير وقلبي يبقى متحير
مع الأفكار ابات في نار وفي حيرة تبكيني
وبعد الليل يجينا النور وبعد الغيم ربيع وزهور

من قال إن الإنسان بحاجة إلى دين يخلق طباعاً حسنة فيه فهو مخطئ وبحاجة إلى إعادة فهمه للنفس البشرية ولرسالة الأديان، ومن يعتقد بأن الشخص المتدين ومهما كان دينه هو إنسان مهذب في تصرفاته مؤدب في أخلاقه فهو مخطئ، ومن يجزم بأن المتدين أفضل درجات في ميزان حفظ الحقوق الإنسانية والتصرف بنبل وشهامة أكثر من الملحد فهو يغوص عميقاً في بحر الجهل، من أين جاءت هذه الأفكار الغريبة عنا وعن البشرية ولماذا هذا الظن الخاطئ بأن الله قد خلق وحوشاً في هيئة أجساد بشرية، وبأن الدين هو السبيل الوحيد لترويض هذه المخلوقات؟ فما الدين إلا عامل جذب لفعل الخير وعامل نهي وترهيب ولكنه ليس البذرة الوحيدة والمحركة لمنظومة الأخلاق الإنسانية وعلى مر كافة الأديان السماوية وغير السماوية كان السبب الرئيسي لنشوء أي دين جديد هو تقديم أجوبة حول سبب الخلق وهو السؤال المحير والذي لن يجد له العقل البشري المجرد من أي اتصال بالمنظومة الدينية الجواب ومهما بلغ تقدمه وتطوره.

حبيب قلبي وقلبي معاه بحبه في رضاه وجفاه
اوريه الملام بالعين وقلبي على الرضا ناوي
بيجرح قد ما يجرح ويعطف تاني ويداوي

عفواً يا سادة فما وجده محمد عبده في أوروبا هم أناس هذبتهم الحضارة بينما ما وجده في بلده الأم هم مسلمين لم يحسن الدين من طباعهم، عذراً يا سادة خلقني الله إنساناً وأرفض أن تدنسوا هذه النعمة بأقاويلكم وأرفض أن تجروا المسلمين ومعتنقي باقي الأديان إلى إنشاء فوارق عميقة بين البشرية بينما تحاول فطرتنا البشرية وحضارتنا التي ما زالت تهذبنا على مر ألوف الأعوام أن تنشئ المزيد من الجسور بيننا. عفواً يا من تبحثون عن حربا تشعلون أتونها وعن معركة تقرعون فيها طبولكم وعن مجزرة جديدة تبررون فيها إيمانكم الزائف مستغلين كلمات الله، عفواً يا سادة فالدين لله والأرض للجميع .