الخميس 21 يوليو 2016 / 08:50

العلاقات الأمريكية ـ التركية نحو مرحلة عاصفة

24- زياد الأشقر

كتب نيك دانفورث في مجلة فورين بوليسي الأمريكية أنه مع محاولة الإنقلاب التي شهدتها تركيا في نهاية الأسبوع، كان المسؤولون الأمريكيون حاسمين في رفضهم الأساليب غير الديموقراطية للمخططين.

الولايات المتحدة تعتمد اليوم على تركيا وقاعدتها الجوية في انجيرليك في الحرب على داعش

وعندما سئل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في وقت متقدم الجمعة عندما كانت المحاولة الإنقلابية تفصح عن نفسها، رد بتقديم دعم غامض "للإستقرار والسلام والإستمرارية". لكن قبل أن يحسم مصير الانقلاب، بعث الرئيس باراك أوباما برسالة لا تقبل الشك داعياً جميع الأطراف إلى دعم "الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في تركيا". وبعد إجهاض المحاولة الإنقلابية، ذهب كيري أبعد الإثنين عندما حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن القمع في مرحلة ما بعد الإنقلاب يمكن أن يشكل تهديداً للديموقراطية التركية. وقال لنظيره التركي إن "حلف شمال الأطلسي لديه متطلبات بالنسبة إلى الديموقراطية".

أوباما يقظ
ولاحظ الكاتب أن رد أوباما كان يقظاً ومثيراً للإعجاب، كما كانت تعليقات كيري عن حلف شمال الأطلسي "الناتو" أقوى بكثير مما توقعه المراقبون. لكن أفعال أمريكا الماضية تتحدث عن نفسها بصوت أعلى من كلماتها الراهنة. إن نظرة على علاقات أمريكا بتركيا خلال النصف الثاني من القرن الماضي تظهر بوضح أن الديموقراطية تحديداً لم تكن من متطلبات العضوية في الناتو. وأياً كان ما قاله أوباما ليل الجمعة، يفترض التاريخ أنه مع بزوغ صباح السبت، كانت واشنطن ستجد طريقة للعمل مع الرابح في أنقرة. ومع عودة أردوغان المنتقم الآن لتسلم الدفة، فإن مرحلة عاصفة ستتحكم بالتأكيد بالعلاقات الأمريكية-التركية. لكن التاريخ يعطي سبباً ضئيلاً للرئيس التركي كي يخشى اتخاذ واشنطن موقفاً حازماً حيال الديموقراطية طالما أن المصالح الأمريكية في المنطقة تبقى رهناً بتعاونه.

تاريخ
لقد بدأ تحالف أمريكا مع تركيا فور إنتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما أمدت واشنطن أنقرة بالدعم العسكري والإقتصادي من أجل توفير الحماية في مواجهة تهديد الإتحاد السوفياتي. ولم تكن تركيا ديموقراطية آنذاك، لكن السياسيين الأمريكيين لم يكونوا يشعرون بالهلع طالما ظل الرئيس التركي "رجلاً من النوع القوي". وفي محادثة لها دلالتها عام 1948، سأل مسؤول أمريكي رئيس جهاز الأمن الوطني التركي عما إذا كان يعتقد أن السلوك غير الديموقراطي للبلاد يمكن أن يعرض استمرار الدعم الأمريكي للتوقف. وكان جواب المسؤول التركي الذي ضحك أنه "طالما أن المساعدة مستمرة، فإن الولايات المتحدة مقتنعة تماماً بأن تركيا ديموقراطية".

مسلسل الانقلابات
وأجرت تركيا انتخاباتها الحرة الأولى عام 1950. وفي خطوة فاجأت المسؤولين الأمريكيين، فإن الحكومة تنحت بشكل سلمي بعدما خسرت. وبنتيجة ذلك انضمت تركيا إلى الناتو عام 1952 في لحظة بدا فيها مستقبلها لامعاً كديموقراطية واستحقت موجة من التصريحات حول الطابع الديموقراطي للحلف في واشنطن وأنقرة على حد سواء.

وخاف الكولونيلات الذين قادوا إنقلاب عام 1960 من أن يواجهوا معارضة قوية من الولايات المتحدة لأسباب سياسية أكثر مبدئية. وفي محاولة كي يفرغوا أية مشاكل من مضمونها، أعلنوا في بيانهم الأول التزامهم الثابت بعضوية الناتو.

وفي الإنقلاب الثاني عام 1971، كانت الأمور أقل دراماتيكية وغلف بعبارات مناهضة للشيوعية مما جعل احتمالات اعتراض واشنطن أقل.
وتمتع إنقلاب 1980 بدعم واسع من الشعب التركي، مما جعل رد الفعل الأمريكي المتسامح مفهوماً أكثر.

أنجيرليك
ويخلص الكاتب إلى أنه على رغم أن الإتحاد السوفياتي قد ولى، فإن الولايات المتحدة تعتمد اليوم على تركيا وقاعدتها الجوية في انجيرليك في الحرب على داعش. وهذا الاعتماد يجعل من الصعب معارضة إجراءات أردوغان غير الديموقراطية قبل الانقلاب وسيقيد قدرة واشنطن على اعتراض أنقرة طالما بقي هذا التهديد.