الإثنين 26 سبتمبر 2016 / 15:34

الإيديولوجيا لا الإسلام تنشر التطرف... جدارن ترامب لن توقفها

يرى مبرز أحمد، محلل في مركز الديانات والجيوسياسات، أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب، قرر أن يبني تطلعاته لتحقيق الأمن الداخلي الأمريكي، عبر شيطنة مجموعة محددة من الناس بدلاً من فهم جذور التطرف الإسلامي، ودراسة مستوى الخطر الذي يمثله للعالم.

تلك الإيديولوجيا التي تقدم نفسها كانعكاس" حقيقي" للإسلام، هي لا شيء أكثر من كونها وجهة نظر مدفوعة سياسياً، من أجل نشر الكراهية والعنف في العالم

ويلفت أحمد إلى اعتبار ترامب حادث التفجر الأخير في نيويورك، وإلقاء القبض على الفاعل أحمد خان رحامي، وهو أمريكي من أصل أفغاني، بمثابة فرصة مفرحة له، لكي ينفخ من جديد في بوق التخويف من الإرهاب والهجرة.

وبهجومه على منافسته هيلاري كلينتون، ادعى ترامب بأنها "ترغب بالسماح لمئات الآلاف من نفس نوعية الأشخاص بالقدوم إلى أمريكا"، وهم نفس الأشخاص الذين وصفهم بكونهم معبئين بمشاعر الحقد والكراهية.

المولودون خارج أمريكا
ويقول الكاتب إنه ليس واضحاً إلى من يشير ترامب بكلامه، ولكن ليس بوسع أي مستمع إلا أن يفترض أنه يشير إلى المسلمين، وخصوصاً أولئك الذين ولدوا خارج الأراضي الأمريكية.

ولا شك بأن تعليقاته تدعم حملته وسط هؤلاء الذين ما زالوا داعمين لموقفه المعادي للمسلمين، ولكن هناك ما يؤكد أن ترامب أخطأ البوصلة هذه المرة.

مواقف عنصرية
ويتابع أحمد استعراض رأيه في شأن مواقف ترامب العنصرية، ويقول إن إصراره على التدقيق في أوراق ووثائق خاصة بمسلمين، كإجراء لمحاربة الإرهاب، ليس مجرد موقف عدواني ومهين وحسب، بل هو يعزز مقولة "نحن ضدهم"، وهو نفس الخطاب الذي يستخدمه الإرهابيون ممن يسعى إلى القضاء عليهم.

فقد وصف الهجوم الذي حصل في بداية العام الجاري على نادي بالس في أورلاندو بأنه أكثر عمليات إطلاق النار دموية في تاريخ أمريكا. ولم يكن عمر متين، مرتكب الجريمة، مهاجراً أمريكياً، وإنما ولد في نيويورك وكان مواطناً أمريكياً بالمولد. ولكن ذلك لم يمنعه من قتل عشرات الأبرياء، وجرح أعداد آخرين.

العولقي
ويلفت الكاتب أيضاً إلى أن أحد أشد المنظرين الجهاديين نفوذاً، وبالتأكيد في العالم الغربي، كان أمريكياً. إنه أنور العولقي، المولود في أمريكا، وكان شخصية مركزية في بروباغندا روج لها فرع للقاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ويقال إن إيديولوجيا العولقي لعبت دوراً كبيراً في زرع أفكار متشددة عند الأخوين تسارناييف، منفذي التفجير الدموي في ماراثون بوسطن.

تجاهل إيديولوجيا
ويرى أحمد أن تسليط الضوء على قضية الهجرة بوصفها أنجح وسيلة لكبح الإرهاب يؤدي لتجاهل مشكلة حقيقية، وهي الإيديولوجيا. فإن العقلية السامة المدمرة وغير المتسامحة في قلب الفكر المتشدد، هي المجرم الحقيقي. تلك الإيديولوجيا التي تقدم نفسها كانعكاس" حقيقي" للإسلام، هي لا شيء أكثر من كونها وجهة نظر مدفوعة سياسياً، من أجل نشر الكراهية والعنف في العالم.

خلفيات متعددة
ويقول الكاتب إن دراسات عدة أثبتت أن الذين ينساقون نحو تلك الأفكار يأتون من خلفيات متعددة. يخرج بعضهم من مناطق فقيرة، فيما يأتي أخرون من بيئات أكثر غنى، وبعضهم متعلمون فيما آخرون جهلة. وتؤكد حقائق أنه ليس هناك نمط محدد للإرهاب، بل هو قاسم مشترك، بمعنى أن المنضوين تحت لوائه يتشاركون إيديولوجيا واحدة. وهكذا لا يفيد التركيز على قضية الهجرة بوصفها مصدراً لإرهابيين، سوى في الفشل بالاعتراف بالمساحة الواسعة والمتنوعة التي يخرجون منها.

تشويه
إن الإيديولوجيا التي تشوه التراث المشترك لقرابة 1,6 مليار مسلم موزعين حول العالم، لا تشكل خطراً على الولايات المتحدة وحسب، بل على العالم أجمع. ولا يمكن لأي جدار مهما علا ارتفاعه، ولا لخندق مهما بلغ عمقه، ولا لقنبلة مهما بلغت قدرتها التدميرية على القضاء على هذه الإيديولوجيا.

وفيما يتم التركيز على داعش في الشرق الأوسط، شهد العالم، خلال العام الحالي، هجمات فتاكة نفذها التنظيم في إندونيسيا وبنغلادش وفرنسا وألمانيا وبلجيكا. إن هذه الإيديولوجيا التي تحرك القتل والعنف عابرة للحدود، وهي خطر عالمي يتطلب رد دولي.

إعاقة جهود
ويقول الكاتب أحمد إن ترامب في معركة الأفكار هذه، لا يعمل سوى على عرقلة مساعي دولية لمحاربة تنظيمات مثل داعش وأمثاله، بل هو، فعلياً، يعزز أفكاراً يطرحها متطرفون.

ويختم بأن "من واجب زعمائنا عدم الانسياق وراء المواقف المتشددة وغير المتسامحة التي يتخذها أعداؤنا أو نظرتهم الثنائية للعالم".