السلفيون المغاربة ورقة "رابحة" دائماً في يد الإخوان (أرشيف)
السلفيون المغاربة ورقة "رابحة" دائماً في يد الإخوان (أرشيف)
الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 / 19:33

إخوان المغرب يمهدون للانتخابات بفتوى إلغاء الجمعة.. والتزوير

24 - سليم ضيف الله

يشعر إخوان المغرب ممثلين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، بتزايد الضغوط عليهم، قبل أيام قليلة من الانتخابات البرلمانية في 7 أكتوبر(تشرين الأول) التي يتوقع المتابعون للمشهد المغربي، أن تترافق بتراجع وأفول نجم الإخوان المسلمين تمهيداً لإقصائهم عن السلطة، بسبب تعدد الفضائح الأخلاقية وتردي الأداء الحكومي، وأخونة الدولة السرية، ما دعا الحزب إلى محاولة تدارك الهزيمة المحتملة بشكل مسبق بحشد تأييد السلفيين بشقيهم "الجهادي" و"العلمي"، وإطلاق حملة انتخابية قائمة على شعار النجاح في الأداء، من جهة والتعرض لل

لا يشك المراقبون في تكبد حزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب، ضمن ائتلاف متنافر، هزيمةً سياسيةً يوم 7 أكتوبر(تشرين الأول) المقبل، في ظل عناصر ومعطيات موضوعية، أبرزها فساد الحزب الحاكم نفسه، وصراع القيادات، وتناحر الطوائف داخله، بين اعتدال وتشدد، وبين براغماتية وانتهازية.

وإلى جانب ذلك تمثل الانتخابات البرلمانية، ساعة حساب عسير لكل حزب حاكم، وبعد انتخابات 2012 التي تقدم فيها العدالة والتنمية، دون فوز كبير أو حاسم، اضطر الحزب إلى تشكيل حكومة ائتلافية، نجحت رغم الخلافات داخلها في تفادي انتخابات مبكرة، ولكنها لم تنج من المناورات الحزبية، ومن الضربات غير الشريفة، لينتهي الأمر بتعريض الحزب الإخواني إلى جملة انشقاقات وتمردات داخلية، بعد إقصاء بعض الوجوه منه خاصةً التاريخية منها، التي لم تتوان عن كشف المستور، وعورة الفساد الداخلي المالي والإداري، ليدفع الحزب ثمن ذلك في الانتخابات الجهوية الأخيرة ليفقد سيطرته خاصةً على الأرياف والمدن الصغرى، التي تعد خزانه الانتخابي الأول، إلى جانب بعض المدن الكبرى.

فشل الاستقطاب
ولأن للسلطة إغراؤها، وفي انتظار انتخابات البرلمان الحالي، عاود الحزب اللجوء، إلى الخزان الأيديولوجي الآخر ممثلاً في الحركة السلفية المغربية، الأكثر انضباطاً من العدالة والتنمية والأقرب في هيكلتها إلى الحركات اليسارية المتطرفة، تنظيماً والتزاماً وهرميةً، ولكن العدالة والتنمية الذي انقلب على السلفية بشقيها "العلمي" أو الدعوي، و"الجهادي" أي المتطرف، فشل في استقطاب مؤثر على الساحة السلفية، بعد كشف خياناته للاتفاقات السرية التي موقعها معها قبل وصوله إلى السلطة ووعوده لها بتمكينها من حرية التحرك والعمل في المغرب.

وخسر الحزب أيضاً معركة السلفية، بسبب دخول أحزاب أخرى على خط الاستقطاب من اليمين واليسار، مثل الأصالة والمعاصرة أو الاستقلال، ونجاحها في تشكيل قوائم انتخابية في المدن والأرياف المغربية، تضم أسماء وشخصيات سلفية معروفة، بماضيها "السلفي" وبشعبيتها وخاصةً بعدائها الجديد لحزب العدالة والتنمية.

ولمواجهة هزيمة انتخابية مذلة، وإنقاذ آخر معقل للإخوان في شمال أفريقيا، ينفخ إخوان الأطلس في رماد بارد، في محاولة لإذكاء نار "الطائفة المضطهدة" من جديد، باللعب على خطاب المؤامرة، والاستهداف والعداء الأعمى للمشروع الإسلامي في المغرب والمنطقة من قبل العلمانيين، والليبيراليين، واليساريين، وسائر التيارات المنتمية "للعرجاء والنطيحة وما خلف الضبع"، في إعادة لكلاسيكيات السلوك الإخواني، المتمثلة في استهداف التنظيم وفروعه، من قبل المنافسين، بالقانون إذا أمكن وبغيره إذا استحال استعمال السلاح الأول، وفي الانتخابات ليس أمضى من التزوير والتزييف سلاحاً في يد العدو.

التمهيد للأزمة
وفي هذا السياق بدأ الإخوان، الرسميون أي المنتمين إلى التنظيم الرسمي، وإخوان الإفتاء من العاملين من خلف كواليس التنظيم مثل الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، أو اتحاد يوسف القرضاوي، في التمهيد لأزمة سياسية في المغرب، بالإيحاء بوجود إرادة في تزوير نتائج الانتخابات القادمة، لسرقة الإخوان من حقهم الانتخابي.

وكان لافتاً في اليومين الأخيرين المنحى الديني والفقهي الذي تزينت به الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، وصولاً إلى فتوى محمد بولوز، الناشط الإخواني المعروف في المملكة، وعضو اتحاد القرضاوي، الذي أفتى بجواز إلغاء صلاة الجمعة يوم 7 أكتوبر(تشرين الأول) المقبل، الموافق ليوم الانتخابات والتخلف عن صلاة الجمعة يوم الاقتراع والاكتفاء بأداء الصلاة الظهر، عوضاً عن الجمعة.

ولكن الغريب أن الفتوى التي تبيح التخلف عن الجمعة، لم تصدر بسبب حرص الشيخ بولوز، على الانتخابات أو لتشجيع المغاربة على الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع وممارسة حقهم في انتخاب ممثليهم الذين يثقون بهم مهما كان لونهم الحزبي، وانتماؤهم السياسي، بقدر ما كان للتحذير من "تزوير إرادة الأمة" أي الأمة الإخوانية، بما أنه لا وجود لأمة غيرها، في مؤشر على استعداد الإخوان المسلمين لتوتير الساحة السياسية، واستعادة أشباح الماضي البعيد نسبياً، وفتح بوابة جحيم الفتنة على مصراعيها، واتهام الفائز من غير الإخوان مهما كان بتزييف النتائج وتزويرها، فلا فائز إلا الإخوان، وفق هذه الفتوى.

الدين في السياسة
وعلى هذا الأساس أصدر محمد بولوز، فتواه التي تُذكر بتمسك الإخوان بتوظيف الدين لأهداف سياسية حزبية ضيقة، للدعوة كما قال بجواز التخلف عن الجمعة، ليس من باب الحرص على أداء الواجب الانتخابي، ولكن لمنع تزوير نتائج الانتخابات ويضيف في معرض حديثه متحدثاً عن المخاوف التي تبيح ترك الجمعة، وهي كما قال الخوف على النفس، وعلى المال، وعلى الأهل‏، ليؤكد بعد ذلك" فكيف بالخوف الذي يهم أمر الجماعة والمصلحة العامة، ومالية الجماعات المحلية والوزارات، والميزانية العامة، وأموال الشعب المغربي من أن ينهبها المتحكمون والفاسدون المفسدون، لا شك سيكون الأمر أدعى للأخذ بهذه الرخصة، ويجوز فيها التخلف عن صلاة الجمعة يوم الاقتراع وأداء الصلاة ظهراً: أربع ركعات".

هذه الفتوى التي جاء فيها أيضاً أن "حراسة إرادة المواطنين يوم الاقتراع وغيره مصلحة كبيرة أكثر من حفظ مال النفس ومال الغير من الأفراد، ويكون الخوف من التزوير والتلاعب بالنتائج وتغيير الصناديق عذراً شرعياً واضحاً" تكشف استعداد الإخوان لاتهام خصومهم بتزوير الانتخابات إذا ما كانت النتائج عكس توقعات وانتظارات الإخوان، خاصةً في ظل تعدد الفضائح المتعلقة بالفساد المالي والأخلاقي والسياسي والإداري، التي طالت وجهوهاً بارزة في الحزب، وفي المنظمات والجمعيات التابعة له والدائرة في فلكه، مع تجاهل كامل لحقيقة بسيطة واضحة، وهي أن الإخوان يقبضون بيد من حديد في المغرب على أكبر قسط يتيحه الدستور من السلطة، رئاسة الحكومة، المالية، المسائل الدينية، والتربية والتعليم، وغيرها، ومع ذلك يُصر المفتي الإخواني على وجود خطر يُهدد فوز الإخوان، ممثلاً في المفسدين والفاسدين، الذين يسعون إلى سرقة حق الإخوان في السلطة.

مثل هذا التحذير يعزز واحدة من الفرضيات التي لا تخدم في مطلق الأحوال قضية هذا المفتي ولا حزبه ولا التنظيم الذي ينتمي إليه، فإذا كان الوضع في المغرب بهذه الخطورة، فماذا فعل الإخوان بالسلطة المخولة لهم دستوراً وقانوناً وممارسةً منذ خمس سنوات؟ وإذا كان الوضع بهذا السوء، فيستوجب استنفار ملايين المغاربة للدفاع عن نتائج الانتخابات، فمسؤولية من؟ وماذا إذا كان الإخوان بعجزهم، أو بتآمرهم، شركاء في الفساد الذي يُحذر منه المفتي بولوز، أو ماذا إذا كانوا هم المعنيين بهذا الكلام، فهل سيدعو المفتي مريديه إلى معاقبة الإخوان؟