الجمعة 21 أكتوبر 2016 / 18:00

الرجوب وفتح والبطريركية الأبوية

الحركة ذاهبة نحو مزيد من الانقسام والتشرذم وهي نتيجة مرعبة سواء بالنسبة للحركة نفسها أو بالنسبة للحالة الوطنية الفلسطينية بصورة عامة، ولكن السؤال، لماذا يجري ذلك ولحساب من ؟

كما هي التعليقات المرادفة للمقاطع الفكاهية المركبة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تقول "مطلوب حياً أو ميتاً مركب الصوت أو المقطع"، فإني أطالب بتقديم الشخص الذي اقترح على جبريل الرجوب وصف حقبة حكم محمود عباس بأنها "بطريركية " للمحاكمة العلنية وذلك لسببين:

الأول: لأن هذا المصطلح هو اجتماعي وليس سياسياً، ويعني السيطرة الذكورية المتعسفة للرجال على النساء وقد اشتهر استخدامه في أوساط التحرر النسائي في العالم العربي حسب دراسة للباحث عصام عبدالباسط ابو زيد حيث يقول في تعريف المصطلح ( فهذه النزعة الأبوية البطريركية تظهر كما يقول التيار النسوي في سيطرة الأب على العائلة، فالأب هو المحور الذي تنتظم حوله العائلة، وهو رب البيت وعموده، وسيطرة الأب هذه في العائلة، وكذلك في المجتمع كله، تجعل إرادته مطلقة، بحيث تقوم على التسلط من جهة (الذكور)، والخضوع والطاعة من جهة أخرى (الإناث).

وجبريل الرجوب حدد مفهومه للمصطلح بأنه الحكم الأبوي دون أدنى معرفة منه بأصل المصطلح ومعناه حيث اعتقد انه نظام "أبوي" قائم على الحب والتسامح وشتان بين ما فهم وبين المعني الحقيقي للمصطلح.

ثانياً: جزم الرجوب وخلال لقائه التلفزيوني أن البطريركية السياسية التي تحكم فتح هي استمرار "لأبوية أبو عمار" وهو اجتهاد خاطئ استند كلياً إلي فهم خاطئ لمعنى البطريركية، ويبدو أن الرجوب أغرته غرابة المصطلح فأراد تمييز نفسه باستخدامه في اللقاء الذي طلبه من التلفزيون الفلسطيني الرسمي وأجري معه في الثالث عشر من هذا الشهر!

من الناحية العملية فإن عدم إلمام جبريل الرجوب بمعنى المصطلح جعله يرتكب خطأين كبيرين:

الأول، أنه وبحسب التعبير "البطريركية الأبوية"، فقد اعتبر أن حركة فتح أشبه ما تكون "بحالة أنثوية " وأن محمود عباس هو "الذكر المسيطر والمتحكم بها "، وهذا أمر يجافي واقع وحقيقة الحركة فهي حركة "تتدفق رجولة"، ورئاسة أبو مازن لها منذ 2005 وإلى اليوم ربما تكون ساهمت في تقليص "هذا المنسوب المتدفق".

ثانياً، إن حقبة ياسر عرفات لم تكن أبوية بالمعني الذي "ذهب إليه الرجوب" أو الذي أوقعه به "كاهن سياسي" غرر به، بل كان عرفات رحمه الله قائداً لرجال، ونجح منذ أن امتطى صهوة الثورة إلى يوم استشهاده أكتاف رجال عتاة ثقات وازناد عمالقة أوفياء ولم يكن في يوم من الأيام يُحب التعامل إلا مع الرجال أما أشباه الرجال أو أنصافهم أو "صغارهم" فقد كان يستخدمهم لمهمات لا تليق إلا بغير الرجال .

من لقاء الرجوب مع التلفزيون الفلسطيني للحديث عن المؤتمر السابع لحركة فتح وبناء على مصطلح "البطريركية" الذي كرره مرات عديدة بطريقة ملفتة خلال المقابلة "البطريركية" فقد بات المشهد واضحاً من أن "فتح الرسمية" تتجه إلى عقد المؤتمر السابع للحركة بأي شكل من الأشكال وهو ما يعني في النتيجة أن هذا التحرك وبدون توافق ومصالحة داخلية للحركة فإن "الحركة ذاهبة نحو مزيد من الانقسام والتشرذم وهي نتيجة مرعبة سواء بالنسبة للحركة نفسها أو بالنسبة للحالة الوطنية الفلسطينية بصورة عامة، ولكن السؤال، لماذا يجري ذلك ولحساب من؟

وهل الحالة الفلسطينية تحتاج إلى ذلك، وهل تحتاج للرجوب ونظريته في تكريس الأبوية البطريركية المأزومة أم تحتاج لتجديد دماء فتح وإحياء النظام السياسي الفلسطيني المتكلس الذي بات عبئاً على النظام العربي وعلى الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية؟

بات واضحاً أن هدف المؤتمر الأساسي في حال انعقاده في الشهر القادم سيكون تكريس النهج "البطريركي" لمحمود عباس وأتباعه، في مواجهة نهج التجديد و التمسك بالوحدة الوطنية وأجندته الداعية إلى ضرورة وضع الاحتلال ومواجهته كأولوية وطنية عليا وحشد كل الإمكانيات لدعم هذه المواجهة.