الأحد 23 أكتوبر 2016 / 15:10

تحالف عسكري خطير على أبواب الموصل

قبل أيام، بدأت الحكومة العراقية معركتها لطرد داعش من الموصل، ويستعد آلاف من مسلحي الميلشيات الشيعية للمشاركة في القتال، لذا حذرت جماعات ناشطة في مجال حقوق الإنسان، مع العديد من وسائل الإعلام والمتابعين من تكرار مجازر ارتكبت في الربيع الماضي، عندما شنت الحكومة العراقية، هجوماً لاستعادة الفلوجة ونفذت مئات من عمليات الإعدام السريعة بحق مدنيين ومسلحين مشتبه بهم.

نشرت الحكومة العراقية آلافاً من رجال الميلشيات الشيعية للمشاركة في معركة الموصل. وتدير الحكومة الإيرانية عدداً من تلك الوحدات العسكرية، ولمعظمهم سجل دموي قديم في قتل مدنيين

 وحذر ديكستر فيلكينز، في مجلة نيو يوركر، من خطر تكرار ذلك الأداء الوحشي في الموصل، وربما على نطاق أوسع. فبحسب مسؤولين عراقيين التقاهم فيلكينز ومسؤول استخباراتي أمريكي سابق عمل في العراق، نشرت الحكومة العراقية آلافاً من رجال الميلشيات الشيعية للمشاركة في معركة الموصل. وتدير الحكومة الإيرانية عدداً من تلك الوحدات العسكرية، ولمعظمهم سجل دموي قديم في قتل مدنيين.

وحدات من حزب الله
ويلفت فيلكينز إلى كون الوحدات التي أرسلت إلى الخطوط الأمامية تضم عناصر من حزب الله، الذي يعتقد أنه مسؤول عن تفجير السفارة الأمريكية وثكنات المارينز في بيروت في عام 1993، ومقتل ما مجموعه 329 شخصاً.

مجتمع متعدد الطوائف
ويشير الصحافي إلى تعهد قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والبيت الأبيض لإبقاء العراق كمجتمع متعدد الطوائف، والامتناع عن تشجيع سياسات قد تشعل توترات عرقية وطائفية في البلاد. ولم ينس القادة أن حرباً طائفية مروعة نشبت بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وقتل فيها عشرات الآلاف من الأشخاص، وأدت لظهور التنظيم الذي انبثق عنه داعش لاحقاً.

الجميع يعرفهم
ولكن، يقول فيلكينز، تنشر الميلشيات الطائفية بعلم مسؤولين أمريكيين، ممن يؤكدون أنه سيتم لجمها ومنعها من ارتكاب نفس الجرائم التي اشتهرت بها. وقال المسؤول الاستخباراتي الأمريكي السابق: "لقد ارتدوا زي الجيش العراق، ولكن الجميع يعرفونهم".

تنظيمين اقتربا من الموصل
وينقل الكاتب عن تقرير صدر عن معهد دراسات الحرب في واشنطن، أن تنظيمين من الميلشيات التابعة لإيران اقتربا من مدينة الموصل، وهما كتائب حزب الله وعصائب الحق. ويقال أن قرابة ألفي من عناصر تلك الميلشيات قدموا من سوريا، حيث كانوا يقاتلون لصالح النظام السوري. ولكلا المجموعتين سجلات قديمة في عمليات قتل طائفية ارتكباها خلال الحرب الأهلية العراقية.

وبحسب التقرير، التقى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نهاية الأسبوع الماضي، بقادة ميليشيات، ومنهم هادي العامري، زعيم لواء بدر، والمعروف، كغيره من المجموعات، بارتكابه عمليات قتل طائفية. وذكر تقرير المعهد أن العامري التقي بقاسم سليماني، المشرف على عمليات إيران العسكرية في الشرق الأوسط، والذي وضعته الحكومة الأمريكية على قائمتها لرعاة الإرهاب.

عجز الجيش العراقي
ويقول فيلكينس إن السبب الرئيسي لطلب الحكومة العراقية العون من الميلشيات الشيعية يعود إلى عدم قدرة الجيش العراقي أداء المهام العسكرية بمفرده.
ومنذ غزو داعش للموصل ومعظم أنحاء شمال وغرب العراق، في صيف 2014، وانهيار الجيش العراقي الذي دربته أمريكا، لم توفر الولايات المتحدة لا الأموال ولا الجهود الكافية لإعادة بناء ذلك الجيش.

ثلاثة ألوية
ونقل الكاتب عن المسؤول الاستخباراتي الأمريكي السابق قوله إن ثلاثة ألوية عراقية فقط ( أقل من خمسة آلاف جندي) قادرة على الصمود في المعركة، وأما الأخرى فهي بحسب المسؤول "غير مستعدة ولا مدربة على القتال". وإذا كان هجوم الفلوجة نموذجاً، يقول فليكينز إن الاستعانة بميلشيات شيعية سيكون كارثياً.

احتجاج
وقال مسؤول عراقي: "عندما دخلت ميلشيات، بمن فيها كتائب حزب الله وعصائب الحق المواليتين لإيران، الفلوجة في مايو( أيار) الماضي، احتج قادة أمريكيون على تواجدهم وأوقفوا الغارات الجوية. ولكن تلك الميلشيات رفضت الانسحاب، وارتدى مقاتلوها زي الجيش العراقي، وقاموا بعمليات قتل فوري بحق كل من اشتبهوا بكونه من تنظيم داعش".

وأقر مسؤول أمريكي بأن الميلشيات الشيعية قاتلت في عملية الفلوجة، وسرت "شائعات" عن أن بعضهم استبدل زيه العسكري بزي الجيش العراقي. كما وافق على ما قيل عن وقوع عمليات إعدام فورية، لكنه اعتبر أن أعداد القتلى التي أعلنتها جهات عراقية، مضخمة.

موقف أمريكي غريب
ولكن، كما يلفت الكاتب، يبدو أن الحكومة العراقية تكرر، في معركة الموصل، نفس الديناميكية. وفي مؤتمرات صحفية، اتخذ مسؤولون أمريكيون موقفاً غريباً، بقولهم أنهم فيما يعارضون تحرك ميلشيات شيعية "داخل" مدن سنية كالموصل والفلوجة، لكن أداء تلك الميليشيات "خارج" تلك المناطق، يبدو جيداً.

كما اعترفوا بأن قدرتهم محدودة على إقناع قادة عراقيين بلجم تلك المليشيات، وحتى في ظل شن مقاتلات أمريكية غارات ضد مواقع لداعش دعماً لنفس العملية.