الأربعاء 26 أكتوبر 2016 / 18:16

مكتب الأمم المتحدة للمرأة ... لا يحدث إلّا في الإمارات

هذا الاختيار من قبل الأمم المتحدة يعدّ انتصارًا لنهج ورؤى الدولة، ويعدّ منصة حضارية وعالمية تؤسس لشراكة قوية مع دول المنطقة في ما يتعلق بقضايا المرأة الشائكة ، خاصة المرأة العربية التي مازالت تعاني من ثقافة إقصائية، وبقايا من الموروث الاجتماعي

منذ إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تحقق انتصارات ونجاحات الواحدة تلو الأخرى في مجال المساواة بين الجنسين، وتعزز أدوارها لكي تكون في المراكز التنافسية. وما حققه ويحققه الاتحاد النسائي العام، والتنمية الأسرية ـ بتوجيهات ودعم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله- يستحق التأمل والإعجاب البالغ، حيث حققت المرأة الإماراتية كل الآمال والأدوار الريادية في مدة وجيزة، والتعويل كان على التثقيف المباشر وغير المباشر من قبل الاتحاد والقيادة الحاكمة، ومواجهة كل الموروث الاجتماعي والعرف السائد الذي يؤثر- إلى حد- بعيد في قضية المساواة والمشاركة مع الرجل، أو يغذي السلبية في المرأة أو اللامبالاة أو الانسحاب في المشاركة الفاعلة، وشيوع مناخ ثقافي في الإمارات يتسم بالانحياز للمرأة والتسامح معها، والقضاء على التمييز بين الجنسين، وتحقيق المساواة والمشاركة وحق الترشح للمناصب العليا، وتجاوزت كل الثقافات الإقصائية التي تقوض أدوارها و تعطل عطائها الإنساني، لأنّه لا يحدث إلّا في الإمارات.

لا غرابة في اختيار دولة الإمارات العربية لافتتاح مكتب الأمم المتحدة للمرأة في أبوظبي ليكون مكتب اتصال لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بهدف تمكين المرأة في المجالات المتعددة، والمساواة بين الجنسين. هذا الاختيار من قبل الأمم المتحدة يعدّ انتصارًا لنهج ورؤى الدولة، ويعدّ منصة حضارية وعالمية تؤسس لشراكة قوية مع دول المنطقة في ما يتعلق بقضايا المرأة الشائكة ، خاصة المرأة العربية التي مازالت تعاني من ثقافة إقصائية، وبقايا من الموروث الاجتماعي الذي تنتمي مرجعياته إلى الجمود الفكري ونوعية من التدين المتشدد لا يمت لسماحة هذا الدين العظيم بصلة.

آن الأوان لنوجّه شكرنا بالكليّة لحكومتنا الرشيدة لما حققته المرأة من إنجازات حضارية ناجمة عن القفزة النوعية للمرأة الإماراتية وسباقها مع الزمن، وهو الأمر الذي أكدته تشريعات ودستور الدولة بما في ذلك العمل والضمان الاجتماعي والتملك والتمتع بخدمات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية كافة وفق أجندات وطنية راسخة، جعلت من دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أسرع الدول نمواً في التنمية والاقتصاد والابتكار والإبداع، وهناك العديد من الإنجازات على مستويات متعددة قيد التنفيذ عن طريق جهود البرامج المعنية بالتمكين وريادة المرأة في الدولة، وفق رؤية 2021.

لعل تلك المعطيات توضح، التأكيد على الأدوار المختلفة للمرأة، وتدريب القيادات النسائية على اكتساب مفاهيم تؤمن بالمشاركة والمساواة، وتولي الأدوار القياديَّة الهامة، وذلك حينما عُين ثمانية وزراء جدد في الحكومة، 5 منهم نساء، من أصل 29 وزيراً في الحكومة، وتجاوزت كل ذلك حينما أصبحت تصنع التسامح والسعادة وتتصدر المعرفة والتطلع نحو المستقبل من خلال تمكينها في أن تكون وزيرًا للتسامح والسعادة وتتبوأ مركز العلماء وغيرها من المناصب العليا.

لا عجب أن تكون الإماراتيَّة صانعة ريادة التسامح والسعادة، لأنها تعززت خصائصها وترسخت معانيها وحان لها أن تقطف لوطنها ثمارها، لهذا ترسخ هذا الوعي عند صناع القرار، ودفعوا عجلة تقدم المرأة بشكل مبهر و حاز على استحسان العالم، وتم تأكيد حقوقها الشرعيَّة كشريكٍ في مسيرة التَّطورِ والبناء. انطلاقًا من مبادئ وطنية لا يمكن الإخلال بها.

من الإنصاف والاعتراف بالطَّاقة النوعيَّة التي حباها الله للمرأة، وأهمية الاعتراف بالمساواة بين الجنسين، وتغيير ثقافة المجتمع بما يتلاءم مع حاجات المستقبل، والمرأة تمتلك الشفافية ومسايرة المتغيرات العالمية، لأنها تمتلك القدرة على المقاومة وقهر اليأس والمثابرة، إذ باتت المرأة العاملة من أفضل الحلول للتحول الثقافي في الإدارة، لأنها تمتلك الشغف والحماسة، وجودة الأداء، ومهارة حل المشكلات، حيث أثبتت الأبحاث أنّ المرأة لديها القدرة أكثر من الرجل على مسايرة العصر والبحث عن كلّ جديد، ولا تتقن العمل من أجل شهوة المناصب والمراكز بغية الوصول إلى الإدارة العليا، لأنه ليست من أولوية اهتماماتها، وما يثير شغفهن الجودة في الأداء، والمثابرة والانضباط، لاسيما أهمية دورها المحوري في رفع رفاهية المجتمع، وهي قادرة على صناعة السعادة والتسامح والحرية والتعايش والسلام في المجتمع، لأنه نابع من شغفها الإنساني، وضمن دائرة اهتمامها كأنثى طالما المرأة قَدْ ناضلت من أجل انتزاع هذه القيم العليا من المجتمع، وأثبت انتصارها وجدارتها في هذا الميدان، كما تمتلك كل الأفكار الخصبة التي يمكن أن تسهم في رفع وعي الناشئة، والأخذ بما يفيد مجتمعها ووطنها، حيث لديها من القدرات الكامنة لحماية أطفالها وأسرتها ومجتمعها من أضرار الإرهاب والعنف والتطرف، ما يعزز ويزيد من مشاعر السلام والأمان داخل المجتمع، لهذا ترسخ هذا الوعي عند صناع القرار، ودفعوا عجلة تقدم المرأة بشكل لافت ومبهر للغاية.

هناك ملمح دقيق يحتاج التأمل، إذ تمثل قضية التمييز ضد المرأة -عمومًا- أهم القضايا الخلافية والأخلاقية التي يثار من أجلها النزاع والشقاق في عالمنا العربي، ومع هذه الإرهاصات ، تصّدرت الإمارات المرتبة الأولى عربياً في تمكين المرأة، وفقاً للتقرير السنوي لمؤسسة المرأة العربية، كما تصدرت في "مؤشر احترام المرأة" "ومؤشر السعادة"، والفضل يرجع لدور الدّولة بإجراء مراجعة شاملة دائمة لواقع المرأة الإماراتية، وتذليل كل المعوقات، بالمقارنة مع مسارات دولية مختلفة، عن طريق نسق قيمي وتوجه حكومي وقانوني يفرض مجموعة من السلوكيات والتصورات الإيجابية لتصحيح أوضاع المرأة الإماراتية. حتماً هذه خبرات أدائية متراكمة حققت أفضل التجارب والممارسات المفيدة تجاه تمكينها، وستكون هذه الأليات عاملًا مهمًّا في مساعدة المرأة العربية والخليجية على السير قدمًا نحو مسيرتها كأنموذج يستحق الاهتداء واقتفاء أثرها.