السبت 3 ديسمبر 2016 / 18:18

وأنت في الخامسة والأربعين

غردت البارحة في موقع تويتر "نعيش الآن اللحظة الذهبية في التاريخ الإماراتي، حكومة فعالة وقوية، دولة غنية، التسامح والسعادة شعارات البلد، مع وزن دولي ثقيل". من المدهش حقاً لأي قارئ للتاريخ أن يعود لتلك اللحظة الفارقة في شتاء 1971، كما هي الآن كانت أجواء المنطقة متوترة وغامضة حتى أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات وصف ذلك بـ "عام الضباب". وقبل ذلك بعامين وقع انقلاب في ليبيا على الحكم الملكي، وفي 1970 توفي الزعيم المصري جمال عبدالناصر، وبوفاته تلقت القومية العربية أقوى ضربة سياسية لها. وفي تلك السنوات كانت هناك حرب أيديولوجية مستعرة في الجزيرة العربية تجذب أنظار العالم، وسط كل تلك الفوضى (وإن كانت أقل من الفوضى الحالية) تم الإعلان عن اتحاد الإمارات.

لم يأت الإعلان وحيداً فقد رافقه في نفس الفترة الإعلان عن استقلال عدد آخر من الدول الخليجية، لكن ما كان يميز ما حصل في الإمارات أنه لم يكن فقط إعلاناً للاستقلال عن بريطانيا، بل أيضاً كان توحيداً لسبعة كيانات سياسية متفرقة ليجمعها في دولة واحدة. المعنى الرمزي مهم حقاً، لماذا؟

حاول العرب طويلاً أن يوقفوا الانحدار في تاريخهم السياسي، متى بدأ الانحدار؟ انهيار الخلافة العباسية؟ أو ربما كان هو خروجهم من جنوب إسبانيا أو ما نسميه بالأندلس. وهكذا دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة في كتب التاريخ العربي، كمحاولة جديدة لصنع نموذج تستطيع تحقيقه الملايين الممتدة من خليج عمان إلى المحيط الأطلسي. لكن لم يكن هناك الكثير من المؤشرات في شتاء 1971 التي تؤكد أن هذه الدولة الجديدة قد تنجح.

مرت الآن 45 عاماً، ولا يزال بعض من شارك في ذلك الحدث بيننا. مرت 45 عاماً واستطاعت الدولة الجديدة أن ترسخ وجودها وأن تكسب مكاناً كبيراً تحت الشمس. قبل عامين تحدثت صحيفة واشنطن بوست الرصينة عن الإمارات، وسمتها "اسبارطة الشرق الأوسط" و"إسبارطة الصغيرة". و يالها من تسمية لطيفة ومقارنة تاريخية ذكية، إسبارطة إمارة يونانية قديمة كانت مثالاً في حكومتها الفعالة وشعبها المنضبط ومؤسساتها الكفؤة، إسبارطة هذه مارست تأثيراً إيجابياً في حوض البحر الأبيض المتوسط استطاع أن يوقف انهيار الثقافة اليونانية القديمة، وأن يجعلها تعيش لقرون طويلة حتى عصر النهضة في أوروبا الحديثة.

نحن نتمتع في الإمارات بخليط متوازن بين أفضل ما توفره الحضارة الحديثة من التكنولوجيا الحديثة ونظم إدارة وحوكمة دقيقة، هذا طبعاً بالإضافة للمعجزة الثقافية التي نسميها ببساطة حكم القانون. في نفس الوقت نحن لا نزال على صلة عميقة بجذورنا وبآبائنا المؤسسين.

لنأمل أننا سنحافظ مطولاً على هذا النجاح والتوازن.