الثلاثاء 6 ديسمبر 2016 / 14:41

بسبب أردوغان... تركيا على حافة الهاوية

وصف المحلل السياسي روبرت إليس، بمجلة "فرونت بيج" الأمريكية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه "يائس"؛ إذ يواجه اضطرابات في الداخل والخارج، وبخاصة مع هبوط الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية، وبات "مغضوباً عليه" دولياً، محذراً من أن نهج أردوغان يجعل تركيا على حافة الهاوية.

ربما تتمكن الولايات المتحدة، من خلال القضاء الأمريكي، من إثبات صحة اتهام أردوغان وحكومته بالفساد والرشوة

ويبدأ كاتب مقاله بالإشارة إلى أن مشروع أردوغان لإطلاق حزبه العدالة والتنمية باعتباره "ديمقراطية محافظة" حظي بداية بالترحيب من الليبراليين الغربيين والأتراك عندما وصل إلى السلطة قبل 14 عاماً.

ومذذاك، بادر الحزب إلى مهاجمه خصومه المعارضين من العسكريين والعلمانيين؛ إذ تم احتجازهم في سلسلة من المحاكمات الصورية خلال الفترة ما بين عامي 2008 و2013، ثم جاء الدور على الليبراليين الذين طردوا من المجموعة البرلمانية عام 2011، ولكن عقب القمع الوحشي للتظاهرات التي اندلعت في "جيزي بارك" عام 2013 تراجعت أسهم حزب العدالة والتنمية لدى مؤيديه الأوروبيين.

الإسلاموية بديلاً لنهج أتاتورك

ويستعرض الكاتب وجهات نظر عدد من الأعضاء البارزين في ما أطلق عليه "جماعة أصدقاء تركيا" في البرلمان الأوروبي والتي مفادها أن "الإسلاموية" قد حلت محل نهج كمال أتاتورك (مؤسس تركيا الحديثة)، وأن الحلم بتركيا الأوروبية تحول إلى كابوس، وقد حان الوقت للاستيقاظ منه. وعلاوة على ذلك، فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما (الذي اعتبر في السابق العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة "شراكة نموذجية" ووصف أردوغان بأنه زعيم المسلمين المعتدلين) يشعر أيضاً بخيبة أمل.

ويرى الكاتب أن حملات التطهير الواسعة التي شنها أردوغان ضد معارضيه في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها أنقرة في منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي دفعت غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي للدعوة إلى التصويت على قرار تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي.

استبداد أردوغان
ويضيف الكاتب أن ثمة عزوفاً مريباً من قبل الحكومة التركية عن إجراء تحقيق دقيق حول ملابسات محاولة الانقلاب، والأدهى من ذلك أنه تم إلقاء اللوم بشكل صريح على حليف أردوغان السابق فتح الله غولن (رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة) الذي كان لحركته الفضل في تمكين أردوغان وحزبه العدالة والتنمية من الصعود إلى السلطة.

ويلفت الكاتب إلى اعتراف أردوغان بأن إعلان حالة الطوارئ وتعليق الحقوق المدنية قد منحه الفرصة والنفوذ للقيام بأشياء لم يكن تنفيذها أمراً ممكناً في الأوقات العادية. والنتائج واضحة فعلاً؛ إذ تم اعتقال أكثر من 92 ألف شخص، وإلقاء القبض على 40 ألف مواطن، إضافة إلى طرد 115 ألف موظف من وظائفهم الحكومية، وأصبحت السجون التركية مكتظة، وثمة تقارير عن سوء المعاملة والتعذيب، فضلاً عن حدوث 25 حالة انتحار بالسجون.

حافة الهاوية
وينوه الكاتب إلى الإشكاليات الأخرى التي جعلت تركيا على حافة الهاوية ومنها تعمد أردوغان لتجديد الحرب مع حزب العمال الكردستاني؛ بهدف الحصول على الدعم البرلماني لإجراء التغيير الدستوري لتوسيع سلطاته الرئاسية ليصبح "رئيساً تنفيذياً" من دون ضوابط وتوازنات الحكم الديمقراطي. وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، أشعل أردوغان لهيب المشاعر القومية وأعلن "حرب استقلال ثانية" من النفوذ الغربي، من أجل تقويض إرث مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.

وبحسب الكاتب، يتجاهل أردوغان معاهدة لوزان (عام 1923) التي تحدد حدود تركيا الحديثة، ويشير إلى الميثاق الوطني "ملي ميساك" الذي أقره البرلمان العثماني في عام 1920. وبموجب هذا الميثاق الأخير ثمة مناطق تركية في اليونان وسوريا والعراق، الأمر الذي قاد فعلاً، برأي الكاتب، إلى اندلاع الصراع ما بين العراق والجيش التركي في شمال سوريا؛ حيث أن القوات التركية لا تدعم الجيش السوري الحر في حربه ضد داعش كما يبدو الأمر ظاهرياً.

فساد أردوغان
ويختتم الكاتب بأنه ربما تتمكن الولايات المتحدة، من خلال القضاء الأمريكي، من إثبات صحة اتهام أردوغان وحكومته بالفساد والرشوة (قضية الفساد التي برزت في ديسمبر -كانون الأول عام 2013، وأغلقتها النيابة العامة التركية)، حيث أن رجل الأعمال رضا ضراب الذي يحمل الجنسيتين التركية والإيرانية والذي تم اتهامه برشوة الوزراء الأتراك بملايين الدولارات لتسهيل تصدير الذهب إلى إيران (وهو ما يعد انتهاكاً للعقوبات المفروضة على إيران) قد تم القبض عليه في ميامي بالولايات المتحدة خلال شهر مارس (آذار) الماضي.

وعلى الرغم من محاولات الحكومة التركية للتدخل ومطالبة الولايات المتحدة بالإفراج عن ضراب وتسليمه إلى تركيا، فإن كل المحاولات باءت بالفشل، ومن المقرر أن تبدأ محاكمة ضراب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) العام المقبل، وعلى الأرجح أن مثل هذا الأمر يزيد من مخاوف أردوغان.