أتش آر ماكماستر في العراق.(أرشيف)
أتش آر ماكماستر في العراق.(أرشيف)
الأربعاء 22 فبراير 2017 / 17:33

جنرالات ترامب الثلاثة

هل سينجح الجنرالات الثلاثة في تكييف ردود الأفعال، المزاجيّة كما الإيديولوجيّة، التي بات يُعرف بها رئيسهم ترامب؟

لاحظ بيتر بايكر وإريك شميت في صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ الرجال الثلاثة الذين باتوا يتولّون مسؤوليّات قياديّة، استشاريّة وأمنيّة، في الإدارة الأمريكيّة الجديدة، هم جنرالات متقاعدون سبق لهم أن خدموا في العراق وأفغانستان. إنّهم من رموز الحروب الأمريكيّة التي تلت جريمة 11 سبتمبر(أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن. والثلاثة هم: هـ. ر. ماكماستر، آخر الذين عُيّنوا، وهو سوف يكون مستشار الرئيس لشؤون الأمن القوميّ، وجيم ماتيس، وزير الدفاع، وجون إف. كيللي، وزير شؤون الأمن الداخليّ.

وقد رتّبت المشاركة في حروب السنوات الـ 16 الماضية أكلافاً شخصيّة كان كيللي أكثر من تكبّدها: ففي 2010 قُتل نجله الضابط روبرت مايكل كيللي حين داس على لغم أرضيّ في أفغانستان. وهذا ما جعل والده العسكريَّ الأرفع رتبة الذي يفقد ابناً أو ابنة في أيّ من الحربين.

هؤلاء الثلاثة قد يتحوّلون إلى أصوات تدافع عن درجة أعلى من الواقعيّة في إدارة دونالد ترامب. ولن يكون مستبعداً، في تحفظاتهم على الحروب الخاسرة، وربّما على الحروب عموماً، أن يصطدموا بإيديولوجيّي الإدارة الذين يتصدّرهم ستيفن بانون، كبير استراتيجيّي الرئيس الذي مُنح، على غير العادة، مقعداً في مجلس الأمن القوميّ.

واقع الحال أنّ الجنرالات الثلاثة، وكثيرين غيرهم من القيادات العسكريّة التي خدمت في العراق وأفغانستان، هم خرّيجو سجالات لم تنقطع مع وزير الدفاع آنذاك دونالد رمسفيلد والمحيطين به من رموز "المحافظين الجدد". ونحن لا نزال نذكر أنّ المدنيّين (رمسفيلد وصحبه) كانوا أكثر تشدّداً من العسكريّين الذين نظروا إلى الأمور ببراغماتيّة رفضتها النزعة الإيديولوجيّة المتشدّدة لدى المدنيّين. وقد استغرق الأمر الكثير من الأخذ والردّ إلى أن ظهرت تقارير عدّة، أمريكيّة وبريطانيّة، تؤكّد على دور الخلفيّة الإيديولوجيّة في التسبّب بعدد من الإخفاقات الميدانيّة والعمليّة.

ولا يزال المثل الأشدّ تكراراً إرسال عدد غير كافٍ من الجنود إلى العراق، من دون تنسيق كافٍ مع البلدان الحليفة، ومن دون تطوير خطّة واضحة لليوم التالي. أمّا ارتكاب هذه الأخطاء جميعاً فكان مصدره الأبرز يقين رمسفيلد و"المحافظين الجدد" أنّ العراقيّين لن يكتفوا بالقتال إلى جانب الجنود الأمريكيّين إذا دعت الحاجة، بل سيُغرقونهم أيضاً بالورد والأرزّ ويسرعون بالتالي إلى... بناء الديمقراطيّة!

على أيّة حال فإنّ الجنرالات الثلاثة المذكورين يمكن أن يشكّلوا حالة صالحة للمقارنة بجيل الستينات، من زاوية واحدة هي الموقف السلبيّ من الحروب. بطبيعة الحال لا تصحّ المقارنة لجهة المواقف الثقافيّة والقيميّة، كما لجهة الاتّساع الشبابيّ والشعبيّ للظاهرة الستينيّة. بل حتّى في ما يتعلّق بالحرب، صدر الستينيّون، ممّن عاشوا هول الحرب الفيتناميّة، عن موقف إنسانيّ عامّ يتعالى على السياسة. أمّا الجنرالات – وبحكم طبيعة عملهم – فإنّ موقفهم من الحرب سيكون محكوماً بنظرتهم إلى مصالح الدولة والجيش الأمريكيّين، وإلى الطرق المثلى لخدمة هذه المصالح.

وهذه في مجملها قد تكون تقديرات يصعب الآن الحسم فيها. بيد أنّ السؤالين اللذين سيبقيان مطروحين إلى حين، هما:
- في حال صحّة التقدير المتعلّق بالموقف السلبيّ من الحروب لدى الجنرالات الثلاثة، كيف سيصار إلى توفيق هذا الموقف مع الاضطرار إلى التشدّد في أوضاع ومناطق تتطلّب المصالح الأمريكيّة التشدّد فيها؟
- وفي مطلق الحالات، هل سينجح الجنرالات الثلاثة في تكييف ردود الأفعال، المزاجيّة كما الإيديولوجيّة، التي بات يُعرف بها رئيسهم ترامب؟