من معرض آيدكس.(أرشيف)
من معرض آيدكس.(أرشيف)
الجمعة 24 فبراير 2017 / 19:13

استئناف الحضارة: آيدكس وجامعة خليفة

رهنت الإمارات أن رجالها في اليمن يقودون الانتصارات وبيارقهم زاهية بالنصر. ويمتشق زملاؤهم سلاحًا مصنوعًا في الإمارات وسمّي بعض منه باسم الشهداء

شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي في الأسابيع الأخيرة، تجليّات تؤكد أن الوعي المتجاوز الذي يقود البلاد، مؤهل لبناء مرحلة جديدة مختلفة تمامًا، وأنّ ما كان يقال عن استئناف الحضارة، هو في زاوية من زواياها، وصف لبرنامج استئناف الحضارة.

ربما يكون الأوّل في هذه التجليّات المعرض العسكري الباهر الذي انعقد وصار يؤمّه كل خبراء السلاح من كل فج عميق، ولعل سرد الأرقام والأسماء يصيبنا بالملل، ولكنّ الفكرة التي انتزعها هذا المعرض هي إنهاؤه دوّامة الحديث الدائم عن "نحن لا ننتج سلاحنا". هذه الدوّامة من الحكايات كانت تغزو كل المجالس منذ تحقق استقلال الدول العربية، ويردفون معها الحديث البعيد عن "نحن لا ندافع عن أنفسنا". اليوم، برهنت الإمارات أن رجالها في اليمن يقودون الانتصارات وبيارقهم زاهية بالنصر. ويمتشق زملاؤهم سلاحًا مصنوعًا في الإمارات وسمّي بعض منه باسم الشهداء.

ألا يدعو هذا الإنجاز للفخر العميق، أن نعرف أن بلادنا اليوم، تجرّب بواخر وبارجات بحرية، وصناعات معقدة، تدعم القطاع العسكري، ويدور في الإعلام الغربي الكلام عن أنّ الإمارات تقضم لقمة كبيرة من سوق الصناعات العسكرية، وهذا في حد ذاته يضع نفوسنا في مقام كبير. لقد بدأنا مرحلة تجتمع فيها أطراف الأشياء، لتقود إلى بناء واستئناف حضارة قويّة، يستطيع رجالنا حمايتها بسلاحهم.

ملمح آخر، تمثّل في إصدار رئيس الدولة سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بصفته حاكمًا لأبوظبي، قانوناً يضم فيه ثلاث جامعات لتشكل جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا التطبيقية. وقد كانت كل جامعة من الجامعات التي تشكل لبنة الجامعة الوليدة، تحمل رصيدًا علميًا مرموقًا. فالمعهد البترولي بدأ بمنح شهادة الدكتوراه في أكثر المجالات تخصصًا، وعقد كثيرًا من التعاقدات مع هيئات نفطية داخلية وخارجية، وكذلك الحال بالنسبة لمعهد مصدر وجامعة خليفة، وحينما يتم توحيد هذه الجهود كلها، ودمجها في مؤسسة واحدة بذمة مالية مستقلة، فإنه بكل تأكيد يعبّر عن نقلة يستطيع كل متابع لميادين الصناعات أن يتأملها، ويعرف أبعادها.

في عصر التحولات الأوروبية بالنسبة للمؤرخين لم يكن الذكاء إلا تتبع جدول لقدرة الجامعات على الابتكار العلمي الملموس، وضخ عقول قادرة على ممارسة وتطبيق المعرفة في مجالات صناعية وتطبيقية معقدة، ومن ضمنها بالتأكيد "الصناعات العسكرية". كان تتبع ذلك، هو السبيل لتحديد القوّة بالإضافة إلى منتج "الفحم" آنذاك، ولكن هل هذا كل شيء؟ هل آيدكس وجامعة خليفة فقط يكفيان؟

لا. معهما دفقة النور والفن العظيم الذي يملأ سماء الإمارات، الشعر الذي يجب أن يواكب كل هذه الأشياء، ينطلق لا ليوثق فحسب، بل ليساهم في المعالم الجديدة لحضارة سيذكرها التاريخ كثيرًا، لأنها لم تصنع بيدٍ واحدة، ولكنها كانت قصة نجاح لرجال أدركوا قيمة الاتحاد.