من احتفال توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب.(أرشيف)
من احتفال توزيع جائزة الشيخ زايد للكتاب.(أرشيف)
الأربعاء 15 مارس 2017 / 20:04

إسهامات الثقافة النوعية في الإمارات

ثمة إنجازات ثقافية أحدثت فرقاً جوهرياً في العمل الثقافي في الإمارات، ومنها المهرجانات والأنشطة الثقافية، والمؤتمرات الفكرية، وإشاعة ثقافة السلم

المشهد الثقافي الإماراتي الذي يزداد ألقاً وحضوراً لافتاً هو حصيلة السعي الحثيث إلى جعل الإمارات من أفضل دول العالم من خلال الرؤية التي تبنتها وتمتد حتى 2021.

إن أهم ما يميز "الأجندة الوطنية" لدولتنا هو النهوض بالثقافة العربية وتفعيل أدوارها، وقد أصبحت الإمارات ـ بكل عفوية ـ سفيرة للثقافة العربية، لأن الثقافة الوطنية والعربية والإسلامية في الإمارات فيها من الزخم المعرفي لثقافة التسامح والسلام ما يكفي لأن تتبوأ هذه المكانة، لأن الثقافة لا تنمو إلا بالتعايش السلمي والانفتاح، ما أضفى عليها تفرداً وتميزاً يشار إليهما بالبنان.

إن فلسفة الثقافة النوعية في الإمارات ايجاد ثقافة مناهضة للإرهاب، لاسيما أن تهميش الدور الثقافي في حياة أوطاننا كانت كفيلة لتصبح بؤرة للصراع، مفتاح النبوة لمحمد عليه الصلاة والسلام كانت كلمة -اقرأ- ليتم مبدئيّاً إعمال العقل وبناء الفكر الإسلامي ليزهق الباطل بالحجة الدامغة والبرهان.

كما ركزت الإمارات على مجابهة قوى التطرف والإرهاب، وتوضيح زيف وفساد أفكاره، وعدم إيجاد الحواضن الثقافية لأفكار الغلو والعنف، لتتفرغ حينئذٍ لرسالتها الأخلاقية والمعرفية بنشر الآداب والمعارف والفنون، وتفعيل أدوار المفكرين وإعلاء من شأن الكُتاب وتسهيل الإنتاج الأدبي لهم، وكل هذا لكي لا نترك الشباب نهباً للأفكار المتصارعة أو لتيارات التي تفرخ العنف في سبيل الحصول على ما تريد من مكاسب اجتماعية وسياسية.إلى ذلك، بذل الجهود المضنية في إنتاج ثقافة السّماحة من خلال حزمة من الفعاليات على مدار السنة، يترأسها المثقفون، والمفكرون، والعالم الرباني الذي يجمع بين الأصول الثابتة والواقع المتغير، الذين يؤصلون في مجتمعاتهم قيمة الاختلاف، وتعدد الاجتهادات، والحفاظ على الإسلام من أهل الأهواء والمصالح، والمتحايلين لرغباتهم وتوجهاتهم السياسية.

ولأن ثقافة العنف والارهاب السائدة اليوم عابرة للحدود، وليست ثقافة أصلية في الكثير من المجتمعات، فالإمارات أرادت أن تظهر للعالم أنموذجاً عربياً إسلامياً يبرهن أن الإرهاب ليس بصمة إسلامية مسجلة، وهو موجود في كل الاديان والمذاهب والفلسفات العالمية. وأعلنت الليبرالية والرأسمالية المعاصرة اسوأ مافيها، واستطاع الغرب أن يحكم العالم ليس فقط بسبب ألق أفكاره وقيمة أو أدبياته الدينية وإنما لقدرته الباهرة في تحويل العقلانية إلى هيمنة ولغة للمصلحة وقناع لتطبيق العنف المنظم.

هناك إرث ثقافي سلفى ممتد أدى الى تهميش أدوار المثقفين والمفكرين الذين يؤمنون بالعروبة وبالتعددية وحق الاختلاف، فتم تكفيرهم وإقصاؤهم، ولا يمكن خلق قفزة حقيقية لثقافة عربيّة تحيي مكانتها وتعيد أدوارها بدون تفعيل دور الثقافة عموماً. المثقّف قادر على إبراز الهوية العربية، وتعزيز مكانتها الوطنية، لاسيما الثقافة النيرة قادرة على معالجة هذا التدين الممقوت والأحادي، ناهيك عن دور الثقافة في إعمال العقل والفكر، وبالثقافة واللغة العربية الصحيحة المفتاح الذي نأخذ مِنْ الدين بما لا يتعارض مع الحس الإنساني والأخلاقي.

تؤمّن الحكومة الإماراتية لمواطنيها بيئة ثقافية غنية ومناخاً صحياً يعمق الوعي بالقيم الثقافية والإنسانية والحضارية. ثمة إنجازات ثقافية أحدثت فرقاً جوهرياً في العمل الثقافي في الإمارات، ومنها المهرجانات والأنشطة الثقافية، والمؤتمرات الفكرية، وإشاعة ثقافة السلم، وإحياء كل المناسبات التراثية والوطنية، والسعي إلى إنعاش الأدب من خلال ضخ شباب واعد يسخر طاقاته الخلاقة لترسيخ الإبداع والتميز، ثم المسابقات الشهرية من شاعر المليون إلى جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة خليفة التربوية، وتحريك النهر الراكد في شتى ميادين الأدب كالرواية والشعر .. إلخ، ما أدى إلى ظهور جيل من الطلائع الملهمين والمبتكرين.

تبنّت الإمارات فكرة التواصل مع اللغة العربية من خلال ترجمة الثقافات الإنسانية المعاصرة والمؤثرة دون تمييز، من خلال ترجمة أمهات الكتب الغربية التي غيّرت تاريخهم، مما نشط حركة التأليف والترجمة والإنتاج المعرفي، والأخذ من الثقافات الإنسانية دون تمييز، إضافة إلى بناء المتاحف مثل: متحف الشيخ زايد ومتحف اللوفر .. إلخ، واستقطبت الباحثين والمفكرين والأدباء والإعلاميين للإنجاز وهذه كلّها حزمة من المشروعات الخلاقة تعبر عن عمق التسامح مع كل الأطياف، وإحدى المؤشرات الدالة التي أهلت الإمارات لتكون في مصاف الدول المتقدمة.