جندي عراقي جالساً على ركام منزل في الموصل. (أرشيف)
جندي عراقي جالساً على ركام منزل في الموصل. (أرشيف)
الأحد 26 مارس 2017 / 15:14

بعد داعش.. الموصل تنتقل إلى الفوضى

24- زياد الأشقر

عن القتال بين القوى التي تحرر الموصل من داعش واحتمال أن يفتح ذلك الباب أمام عودة التنظيم الإرهابي، كتب كامبل ماكديارميد في مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أنه في صباح هادئ أواخر فبراير (شباط)، اخترق موكب من سيارات الدفع الرباعي وسيارات البيك- أب ضواحي الضواحي الشرقية لمدينة الموصل بسرعة 75 ميلاً في الساعة. وكان داخل هذه السيارات مسلحون يلتقطون بعصبية سجائر رفيعة فيما تصدح موسيقى عسكرية من الراديو.

مهمة اعتقال مقاتلين من داعش ستنتهي بدل ذلك الى اقتتال بين القوى الأمنية العراقية المتنافسة

وواصل موكب استخبارات الأمن الوطني طريقه إلى ضاحية ثانية. وعمد العناصر إلى خلع أبواب المنازل المشتبه فيها. في هذا الوقت كان موكب ثانٍ من سيارات الهامفي عليها رسم الأسد البابلي يترجل منها جنود غاضبون من الفرقة ال16 وأسلحتهم في أيديهم.

عدم تنسيق
وصرخ ضابط من الفرقة ال16 في وجه عناصر الإستخبارات قائلاً:" ماذا تفعلون؟ لم تنسقوا معنا". ورد عنصر من الاستخبارات: "إننا نقوم بواجبنا فقط!". وعندما ازداد النقاش حماوة، لاحظ جنود الفرقة ال16 وجود الصحافيين. وصاحوا بهم: "لا تصورونا! سنأخذ منكم كاميراتكم".

ويضيف الصحافي: "عندما طوقت سيارات الهامفي التابعة للفرقة ال16 المكان، لم يكن بامكان عناصر الإستخبارات المغادرة. وقال لهم ضابط من الفرقة ستأتون معنا"، ثم رافقهم الجنود إلى نقطة تفتيش قريبة حيث استمر الجدال. وبدا أن مهمة اعتقال مقاتلين من داعش ستنتهي بدل ذلك الى اقتتال بين القوى الأمنية العراقية المتنافسة. ويلفت الصحافي إلى أن مشاهد مثل هذه باتت عادية في المناطق المحررة من الموصل. وفيما يستمر القتال في غرب الموصل، المعقل المديني الأساسي الأخير لداعش في العراق، تتنافس القوى العسكرية التي طردت داعش من الشرق في ما بينها على النفوذ عوض التعاون من أجل الحفاظ على النظام. ويأتي التنافس بين الجماعات على حساب جهود مقاتلة الخلايا النائمة للتنظيم، الذي شن حملة من التفجيرات الإنتحارية في المناطق المحررة.

استعادة الأمن
وبعد أشهر من إعلان شرق الموصل منطقة محررة، يكاد يظهر تخطيط ضئيل من أجل استعادة الأمن، ناهيك عن المصالحة وإعادة البناء. وقال مستشار الأمن الوطني السابق موفق الربيعي لفورين بوليسي: "ليست ثمة خطة لدى الحكومة العراقية لما بعد الموصل". لكن المسؤولين العراقيين ينفون هذا الزعم، قائلين إنهم يطورون استراتيجية لاستعادة الأمن والخدمات في هذه المدينة التي مزقتها الحرب. ويشير مستشار محافظ نينوى وليد البياتي إلى وثيقة من ست صفحات تحتوي على مبادرات لإعادة البناء واستعادة الحياة الإقتصادية إلى المدينة.

الميليشيات تعقد الأمر
وإذا كان التنافس بين الوحدات الفيديرالية يعقد مهمة إعادة الأمن إلى الموصل، فإن دخول ميليشيات مؤيدة للحكومة على الخط، زادت من تعقيد الوضع المتقلب أصلاً. وتتحمل ميليشيا "قوة شجعان الموصل"، التي تتألف في معظمها من مقاتلين سنة، جزءاً من مسؤولية الأمن اليومي، لكنها تفتقد إلى العديد الذي يمكنها من حراسة المدينة بفاعلية.

وأوجدت ميليشيا الحشد الشعبي الشيعية حضوراً لها في الموصل. وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي أول الأمر إن الميليشيات الشيعية ستستثنى من الهجوم لإستعادة مدينة الموصل. وفيما الجزء الأساسي من قوات الحشد الشعبي منتشرة في الصحراء غرب الموصل لمنع مقاتلي داعش من الفرار إلى سوريا، فإن أعداداً من منظمة بدر وقوات العباس وكتائب حزب الله، قد فتحت مكاتب لها في شرق الموصل. وتشاهَد أيضاً في وسط المدينة ميليشيات عرقية الشبك المعززة بعناصر شيعية موالية لإيران، التي كان يفترض أن تحفظ الأمن في قرى الشبك خارج المدينة.
ويخلص الكاتب إلى أن الوضع الأمني المتوتر قد أعاق استعادة الخدمات شرق الموصل. ولا يزال معظم الأحياء من دون مياه صالحة للشرب أو كهرباء أو مواد غذائية صحية.