الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.(أرشيف)
الجمعة 7 أبريل 2017 / 19:05

السيسي في أمريكا.. ونواح الإخوان

تخيلوا أي غباء كان يتحكم في التنظيم حينما قبل أن يمول فكرة أو يرسل رسالة لدولة عظمى، ليقول لها، يا الهي انظروا إلى السيسي إنه يريد الانضمام لمحور روسي،

بطفوليةٍ معتادة، قام مذيع إخواني معروف، بإطلاق كلامه النابي وأوصافه المقززة، ليقلل من احترام الرئيس السيسي، وينتهي للقول إنّه لم يتم احترامه احترامًا كافيًا، وغير ذلك من أوهام. كان ذلك ضمن التعليقات التي أطلقت لوصف الزيارة التاريخية للرئيس السيسي، للولايات المتحدة الأميركية، ولا غرو أن يغيظ ذلك الإخوان.

بالطبع لا يمكن أن نتوقع أي شيء غير ذلك منهم، ولكن كان بالود أن تنتهي حفلات الشتائم والألفاظ التي تعري صاحبها، بيد أن صاحب الطبع لا يمكن أن نغيره. وعوضًا عن بذل الآمال لمن لا رجاء فيه، فلنسأل أنفسنا يا ترى، من الذي يحتاج للآخر حقًا، مصر أم أمريكا؟ لنضع الجواب ببساطة، ولكن قبل ذلك، دعونا نفهم لماذا يرتعب الإخواني من زيارة السيسي لأميركا؟.

متلازمة التفكير الإخواني، لا يمكنها أن تتغير بسهولة، فهم لا يزالون يعرفون أن وجودهم السياسي على الأرض مرتبط باستمرار سياسات الدعم التي كانوا يتلقونها من إدارة الرئيس أوباما، وهم يطمحون أن تستمر هذه السياسات بشكل من الأشكال، ويعرفون أن مجرد استقبال الرئيس الجديد للزعيم السيسي، واستقباله بالصورة الهائلة التي جرت، فإن هذا يعني أن خططهم لا تمضي في اتجاه سليم، وربما تكون خاطئة كل الخطأ، فالتصريح النادر الذي قاله ترامب، بأن السيسي لديه حليف في واشنطن، ينطوي على رسالة عميقة جدًا، ورد لكل أحلام الإخوان. وأعني بها أحلامهم بأنّ تنقلب الإدارة الجديدة على السيسي، وتصدق الترهات التي ظل يروجها إعلام الإخوان.

كان الإخوان قبل زيارة السيسي يروجون لأشياء مضحكة، هل تصدقون أنهم تخلوا عن رواية صلته باليهود، ولكن لصالح ماذا؟ لصالح أن السيسي لديه خلفية اشتراكية وأن علاقته بموسكو هي سر تحركه في ليبيا، فهو حسب النظرية المؤامراتية العظيمة التي يريدون تسويقها، السيسي يعمل في ليبيا مع حفتر لتأمين قاعدة روسية، تحقق الطموحات الروسية التي تراوح مكانها منذ وفاة القذافي. ويستدلون على هذا بالزيارات التي قام بها لروسيا، ويعتقدون أنهم عبر نظرية مفككة كهذه يستطيعون أن يغيروا موازين القوى والحقائق. ألم نقل سابقًا أنهم يظنون أنهم يديرون نادي للغيرة أو الطلاب بجامعة فرعية يمكن التفريق فيه بين المتنافسين بحكاية للغيرة، تثير المراهقات.

تخيلوا أي غباء كان يتحكم في التنظيم حينما قبل أن يمول فكرة أو يرسل رسالة لدولة عظمى، ليقول لها، يا الهي انظروا إلى السيسي إنه يريد الانضمام لمحور روسي، وستخسرون بسبب ذلك ليبيا والبحر المتوسط برمته، إنه يدعم بشار الأسد لهذا السبب. كم هم حمقى.

والآن، من الذي يحتاج إلى الآخر؟ مصر أم أمريكا؟ الجواب. أن هذا السؤال أحمق أيضًا، وعلينا أن نتوقف عن التفكير بهذا الأسلوب التبادلي، فالعالم اليوم يحتاجنا كلنا للتخلص من شروره ولحل مشاكله المؤجلة. مصر تحتاج إلى أمريكا لكي تتوقف حيل التلاعب بالتركيبة الداخلية المصرية، تحاج من أمريكا أن توقف الضغوطات بأسماء الديموقراطية، وأن تسمح لها ممارسة ديمقراطيتها الخاصة. وما تحتاجه أمريكا من مصر، هو شراكة حقيقة لوقف الإرهاب في المنطقة، ومجال للحفاظ على الأمن في المنطقة يسهم في توقف هجرات الإرهابيين والعمليات المخيفة، كما تحتاج إلى استمرار العمليات التجارية. وفي كل الحالات فإن نجاح الزيارة والعلاقة يعني أن محور الاعتدال العربي يربح.

نجاح الاعتدال العربي، يقتل التطرف في مقتل، نتمنى أن لا تختار أمريكا الطرف الخطأ دائمًا. وليذهب الإخوان إلى "ماما لوبيهات" ليشتكوا إذًا. ويبلغوها مخاوفهم. ولننتظر رد فعل التنظيم الدولي، وذراعه الداعشي.