أتراك يحتفلون بعد صدور نتائج الاستفتاء على التعديلات الستورية.(أرشيف)
أتراك يحتفلون بعد صدور نتائج الاستفتاء على التعديلات الستورية.(أرشيف)
الثلاثاء 25 أبريل 2017 / 20:00

الخريف التركي والربيع العربي

في موازاة الانبهار تظهر بين المتحمسين العرب للاستفتاء التركي النزعات الطائفية ورهانات بعث دولة الخلافة في زمن العولمة رغم وضوح البعد القومي المعادي للآخر في الخطاب الأردوغاني الموجه إلى الداخل والخارج

تراوح فلول ما يعرف بـ "الربيع العربي" بين ذاكرة بيضاء لا تتراكم فيها الأحداث ورهان على بياض ذاكرة جمهور تحركه الإثارة ويسهل خداعه بشعارات معلبة فاقدة الصلة مع الواقع.

عادت هذه المقاربة للظهور في سياق جدل الشارع العربي حول نتائج وتداعيات الاستفتاء التركي الذي منح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات إضافية.

بعض الدعاية الإخوانية للاستفتاء الأردوغاني يقوم على الإبهار وتجاهل التراكمية في بناء التجارب والدول بربط المنجز التركي بأردوغان وحزبه مما يترك انطباعاً بقدوم الدولة التركية من الفراغ وامكانية بقائها فيه لولا وصول الإسلام السياسي إلى السلطة وفي هذا المنطق استعادة لديماغوجيا البعثين السوري والعراقي لم ينتبه لها المنبهرون بتجربة العدالة والتنمية وربما انتبهوا لها دون اكتراث بمحاذير استخدام الأساليب الدعائية التي كانوا ينتقدونها.

في موازاة الانبهار تظهر بين المتحمسين العرب للاستفتاء التركي النزعات الطائفية ورهانات بعث دولة الخلافة في زمن العولمة رغم وضوح البعد القومي المعادي للآخر في الخطاب الأردوغاني الموجه إلى الداخل والخارج.

الحملة الإعلامية التي شنها أردوغان على الغرب كانت حاضرة في الخطاب المنبهر بالاستفتاء ونتيجته حيث تعامل معها البعض باعتبارها فرصة لتصفية الحسابات مع الإرث الاستعماري وعامل اصطفاف وأداة استقطاب دون اكتراث بمخلفات الحكم العثماني وآثاره التدميرية على الشعوب والبلدان العربية.

أمام هذه المعطيات غاب العديد من المعايير المفترض حضورها لتقييم الموقف المثير للجدل بينها تراجع الحريات والاعتقالات وتجاهل الآثار التي يمكن أن تلحق بمكونات سياسية وازنة تعارض تركيز السلطات في يد الرئيس وترجيحات تفاقم أوضاع الأكراد .

المزاجية وازدواجية الموقف في خطاب الحماسة العربي للاستفتاء الأردوغاني تلتقي مع سهولة الافتتان بالبطل الفرد الذي تمثله شخصية أردوغان في الحالة التركية مثلما يمثله بشار الأسد أو صدام حسين في الحالتين السورية والعراقية لتكشف عن نمطية تفكير أبعد ما تكون عن جوهر المشاركة والديمقراطية في صناعة القرار.

وبذلك تحول الاستفتاء ببعده التركي إلى خطوة للتخلص من النموذج الديمقراطي والتماهي مع النظام الرسمي العربي ومحاكمة غير معلنة وليست مقصودة لمشروع الربيع المفترض الذي لم توفر أنقرة فرص اللعب على حباله والارتداد عنه بعد استنفاذ احتمالات نجاحه.

يتجاوز التعلق بقشة "الباب العالي" في زمن "الانكفاء الأردوغاني" عن التجربة الديمقراطية خطأ الرهان وضبابية الرؤية الى الكشف عن حالة من الافلاس السياسي بلغتها قوى ما كان يعرف بـ"الربيع العربي" بعد سلسلة اخفاقاتها التي مهدت لدخول المنطقة إلى حالة من الفوضى وبذلك تتحول الشكوك في مصداقية الإسلام السياسي إلى ثوابت يمكن البناء عليها واستخدامها في قراءة المراحل المقبلة.