رجال شرطة أتراك يعتقلون ناشطين أكراداً.(أرشيف)
رجال شرطة أتراك يعتقلون ناشطين أكراداً.(أرشيف)
الإثنين 8 مايو 2017 / 15:07

قمع الأكراد مستمر.. حزب الله بديل للشعوب الديموقراطي؟

رأى عمر تكدمير في مقاله ضمن موقع "ذا كنفرسايشن" الأسترالي، أنّ الكثير من الشكوك تحوم حول مصير الأكراد بعد تمكّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من توسيع صلاحياته في الاستفتاء الذي طرحه على التصويت الشهر الماضي.

طالما لا يملك الأكراد صوتاً سياسياً موحداً، فإنّ أردوغان الجديد الذي أعطي صلاحيات واسعة سيستمر بالتعامل معهم بالعنف لا بالسلم وسيبقى مصيرهم في تركيا "خارجاً عن سيطرتهم"

وكتب تكدمير وهو باحث في مدرسة التاريخ والسياسة والعلاقات الدولية في جامعة ليستر البريطانية أنّ الاستفتاء أعطى أردوغان نصراً أساسيّاً بالنسبة إليه على الرغم من "الظروف المتنازع عليها بشدة".

الرافضون للتعديلات الدستورية والذين يقودهم حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي (حزب كردي يميل لليسار)، أعلنوا أن مليوناً ونصف المليون من بطاقات الاقتراع المؤيدة للتعديلات تمّ احتسابها بالرغم من كونها غير ممهورة بالختم الرسمي. لكنّ هذه الشكاوى فشلت في إلغاء النتائج وبدأ الواقع السياسي الجديد يرتسم معلناً إعطاء أردوغان العديد من الصلاحيات الإضافية.

نظام رئاسي خارق ... ومفاجآت

يشرح تكدمير أن النظام "الرئاسي الخارق" هو التحقيق النهائي للبيانات حول "تركيا الجديدة" التي سوّق لها طويلاً حزب أردوغان "اليميني الشعبوي" حزب العدالة والتنمية. ومهما كانت الأحداث التي ستحملها السنوات المقبلة، ستكون "مليئة بالمفاجآت". ولا أحد، حتى أردوغان وحزبه، يبدو واثقاً ممّا عليه أن يتوقعه بحسب الباحث. لكنّ تأثيرات النظام الجديد "غير واضحة" على وجه التحديد بالنسبة إلى الأكراد.

عثمانية جديدة أم أخونة أم فرصة؟

إنّ المسألة الكردية تشكل "نقاشاً محتدماً" على جميع المستويات. وهو يعود إلى الأسئلة التي تلوح حول ما إذا كانت تركيا الجديدة هي "نظام ملل عثماني متجدد" أو "مشروعاً إسلامياً على نمط الإخوان المسلمين" أو "فرصة لتحقيق الحلم الكردي الطويل بالحكم الذاتي"، كما يتساءل الباحث. ويضيف أنّ الأكراد تمكنوا من أن يكون لهم صوت سياسي قوي عبر حزب الشعوب الديموقراطي الذي يتمتع بشعبية بين مختلف التيارات الكردية. ونجح بتحريك الشارع سنة 2013 في ساحة تقسيم ثمّ بتخطي عتبة 10% من التصويت الشعبي في انتخابات 2015 حاصداً 80 مقعداً.

يوضح كاتب المقال، أن تلك النتائج كانت بارقة أمل للكثيرين، في تركيا وخارجها، لكنّها أفلت سريعاً بعدما نجح أردوغان في الحصول على غالبية مطلقة في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 2015 فيما خسر حزب الشعوب 20 مقعداً. ومنذ ذلك الحين، باتت مقاربة أردوغان أكثر تشدداً.

الحُجة نفسها
يتهم الرئيس التركي حكومات سابقة بكونها "ضعيفة" في مواجهة حزب العمال الكردستاني. ولام فشلها على مستوى الخروقات التي حصلت داخل الشرطة والجيش والمخابرات، "المتسللون الخبيثون أنفسهم" الذين يتهمهم بالتحضير لمحاولة الانقلاب في يوليو(تموز) الماضي، بحسب كلمات تكدمير. وبعد انهيار الهدنة التركية مع الأكراد، عادت أعمال العنف إلى الجنوب الشرقي في تركيا. مفكّرة "الأمن الإنساني" لحزب الشعوب الديموقراطي عانت من نزاع مسلح جديد بين القوات الأمنية وتيار الشباب الثوري الوطني التابع لحزب العمال الكردستاني. وقد امتلك هذا التيار أسلحة ثقيلة كما حفر الخنادق وأقام الحواجز في الشوارع الجانبية للمدن والبلدات.

احتيال وظلم وإكراه علني
"أن تستمع لأردوغان، فقد تظن أن لا شيء من هذا قد حدث" يتابع تكدمير. ففي خطابه الذي تلا الاستفتاء، أعلن أن دعمه نما بشكل جوهري في الشرق والجنوب الشرقي حتى مع تصويت تلك المناطق ضدّ الإصلاحات بهامش كبير، بينما يرد عليه حزب الشعوب بأنّ ما يجعله يتقدم يعود إلى الاحتيال والظلم والإكراه العلني. سنة 2016 تمّ استبدال جميع السلطات تقريباً على المستوى البلدي بأشخاص عينتهم الدولة فيما اعتُقِل العمدات المنتخبون على وقع قانون الطوارئ بحسب تكدمير.

البديل عن حزب الشعوب.. حزب الله؟

بالنسبة إلى كاتب المقال، يبدو أردوغان باحثاً عن تمثيل سياسي جديد للأكراد يدعمه في مواقفه. لكن طالما أنه يقمع حزب الشعوب، لن يستطيع السياسيون الأكراد التمتع بصوت سياسي شعبي واحد. الأحزاب الكردية العلمانية أو الاشتراكية أو حتى الاستقلالية والتي هي خارج إطار حزب العمال ما زال عليها أن تتحرك بفاعلية لتتمتع بوزن سياسي. لذلك، سيملأ لاعب جديد الفراغ – "لكن ليس بالضرورة لاعب علماني أو سلمي". ويذكر الباحث حزباً طامحاً للعب هذا الدور هو هودا بار، حزب راديكالي على صلة بحزب الله. لكن معظم الأكراد ما زالوا يربطون هذا الأخير بالـ "عنف الوحشي" فيما تتمتع بعض الفصائل العلمانية الموالية للأكراد بالشعبية، خصوصاً بعد انتصارها على داعش.

ويخلص تكدمير إلى أنه طالما لا يملك الأكراد صوتاً سياسياً موحداً، فإنّ أردوغان الجديد الذي أعطي صلاحيات واسعة سيستمر بالتعامل معهم بالعنف لا بالسلم وسيبقى مصيرهم في تركيا "خارجاً عن سيطرتهم".