حرب الإمارات الإعلامية على قطر كما قال هافنغتون بوست (من المصدر)
حرب الإمارات الإعلامية على قطر كما قال هافنغتون بوست (من المصدر)
الأربعاء 24 مايو 2017 / 15:45

بعد عاصفة "تصريحات تميم المُلفقة".. ماذا يجري في الإعلام القطري؟

24 - سليم ضيف الله

فجأة اندلعت في الخليج عاصفة إعلامية وسياسية، لا يبدو أنها في طريقها للهدوء قريباً، بعد تفجر قضية "التصريحات القطرية" عن "سحب السفراء، وعن أطماع دول الجوار في الدوحة، والعلاقات مع إيران، وبالإرهاب، وحزب الله، وحماس" وغيرها من الاتهامات الصريحة التي كيلت للدوحة في الساعات الماضية، والتي حاولت قطر السيطرة عليها، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال، وعلى العكس من الهدف منها، تسببت في استعار الحريق أكثر.

ومنذ ساعات الصباح الأولى، ضجت المواقع الإخبارية وبعض الصحف، والقنوات بالخبر عن التصريحات القطرية الخطيرة، التي انتشرت بعد منتصف الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والأربعاء، وهو ما سارعت الدوحة إلى نفيه، بتأكيد اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، أولاً والتشديد على تحريف حديث وزير الخارجية القطري، وإخراجه عن سياقه.

ولكن التصريحات، والتصريحات المناقضة، تسببت في ضرر أكثر من الضرر الأول لأسباب كثيرة، ويأتي على رأس هذه الأسباب الحجج الضعيفة، التي استند إليها الإعلام الرسمي في قطر، لتكذيب هذه التصريحات، دون القدرة على تفسير بعض المعطيات الفنية، مثل ظهور هذه التصريحات على كل المواقع الرسمية، بما فيها موقع الوكالة القطرية الرسمي، وباللغتين العربية والإنجليزية، وعلى جميع منصات التواصل، وبأكثر من لغة، الأمر الذي يُعد سابقةً حقيقية في تاريخ الاختراق الإلكتروني بما يتجاوز ربما، أكبر اختراق في التاريخ، الاختراق الأخير الذي ضرب مئات ملايين أجهزة الكمبيوتر في العالم لطلب فدية مالية، بفضل الفيروس باسم "واناكراي" المدمر.

غياب الحجة
أما الخلل الأخطر والأكبر، والذي يُثير بالضرورة نظر الإعلامي المحترف، والمتابع، وحتى القارئ العادي، فيتمثل في غياب التفنيد بالحجة والدليل، فعندما يتهم المرء بالحديث عن مسألة مُعينة، أو الإدلاء بتصريح، فإن القاعدة الأساسية في عالمي الإعلام والاتصال، تتمثل في عرض الأصل، ومقارنته بالنسخة، لضرب الباطل بالحق، "إن الباطل كان زهوقاً"، الأمر الذي لم ينتبه له الساهرون على موقع وكالة الأنباء القطرية، أو منصات التواصل الأخرى، ولا مكتب الاتصال الحكومي الذي تصدى لتنسيق حملة التكذيب والتفنيد.

أما السبب الثالث فيتمثل في تفادي التضارب والروايات المتعددة، فبعد أن خرجت البيانات القطرية نافيةً صحة التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية عن استدعاء السفراء، ومشددة على إخراجها عن سياقها وتحريفها، عادت الجهات الرسمية القطرية بعد بعض الوقت، لتنفي الإدلاء بأي تصريح، عن الموضوع جملةً وتفصيلاً، ما يطرح أسئلةً إضافيةً عما يحصل في الإعلام القطري الرسمي.

أما السبب الرابع والأهم بالنظر إلى الظروف الحالية، فيتمثل في الانفلات الكامل والشامل، للإعلام "الإخواني القطري" إلى جانب الارتباك الرسمي، بعد أن انقض على الحدث للتعريض والقذف في ذمة الإعلام الإماراتي والسعودي، وكل من لم يقتنع للأسباب الواردة أعلاه بمحاولة التكذيب القطري الرسمي، مثل "العربي الجديد" الذي يسخر عبر خبر "اختراق "قنا" يتحوّل عرساً رقصت فيه "العربية" و"سكاي نيوز"، في عدد الأربعاء، أو "حجب موقع الجزيرة في السعودية والإمارات" في استغراب مُثير للاستغراب فعلاً من استبلاه، القارئ بمثل هذه الأخبار التي سبقت المصادر الرسمية في البلدين بإعلانها، قبل انتباه "العربي الجديد" وانفراده بالخبر.

الموقع التوأم
أما الموقع التوأم "الخليج الجديد" فيؤكد من جهته أن قناتي العربية وسكاي نيوز "انفردتا بالخبر، ونشرتاه رغم النفي الرسمي القطري" وكأن القناتين المذكورتين، مسؤوليتين عن هذا "الاختراق" ولم يصلهما الخبر، مثل مئات المواقع والقنوات العربية والدولية التي ضجت بهذا الخبر، وتفاعلت معه سلباً وإيجاباً، وفق موقعها، ووفق ما تُمليه عليها مهنيتها، وضميرها، وانتماؤها.

ولم يكتف الموقع "المحايد" بذلك، ولكنه ينقل عن الزميل في الجزيرة، جمال ريان، أن "رؤساء التحرير في الفضائيات العربية كشفوا عن تآمرهم مع الهجوم على قطر" في حين ذهب زميله المحترم أيضاً الكاتب في جريدة "الشرق القطرية المستقلة" إلى القول في تصريح نقله الموقع "هناك عهر إعلامي كما هو الحال مع بيوت تُسمى قنوات".

هافنغتون أيضاً
أما موقع هافنغتون بوست عربي، فلم يشذ عن القاعدة بدوره، ولكنه أراد على طريقته أن يُمعن في السادية، بنشر تقرير تحت عنوان "الإمارات تحظر موقع الجزيرة وتشنُّ حرباً إعلامية على قطر بعد #تصريحات_تميم الملفَّقة" بكل بساطة وبرود أعصاب.

إن الخبر "الملفق" أو "المُحرف" لم يعد بعد كل هذه الفوضى الإعلامية والاتصالية المشكلة، ولكن المشكلة على ما يبدو أكبر من ذلك بكثير، إذ يوحي الوضع في الدوحة، بضباب لندني كثيف، يحجب الرؤية، وقراءة الأحداث، وصناعة القرار، بما يكشف تعدد مراكز صناعته واتخاذه ربما، أكثر مما يعكس سذاجة بعض الساهرين على الأمن الإلكتروني لموقع في استراتيجية وأهمية موقع قنا الرسمي.