تقرير تلغراف الشهير عن دعم قطر للإرهاب (أرشيف)
تقرير تلغراف الشهير عن دعم قطر للإرهاب (أرشيف)
السبت 27 مايو 2017 / 16:25

قطر والإرهاب.. سُمعة سيئة راسخة وأدلة دامغة على أعمدة الصحف العالمية

24 - رواد سليمان

منذ وصول الأمير الوالد إلى سدة الحكم في قطر، وبعد فترة من الهدوء، أصبح اسم قطر وقيادتها يرتبط بشكل دوري في الإعلام الدولي، والعربي أيضاً بالإرهاب، وذلك على عكس ما تُشدد عليه السلطات القطرية، التي سارعت بإصدار بيان رسمي "شديد اللهجة" اتهمت فيه بعض الأطراف في الخارج خاصة في الويات المتحدة، بالوقوف وراء الحملة الهادف إلى تشويه صورتها في الخارج.

وكان البيان الأخير الذي أصدره مكتب الاتصال الحكومي القطري، قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض، آخر حلقة في سلسلة طويلة من الاتهامات القطرية للإعلام الدولي، فضلاً عن الإعلامين الخليجي والعربي، بالتحامل والتآمر، قبل ظهور سلسلة من التقارير الأمريكية في الأيام القليلة الماضية.

ولكن الإعلام لم يتوقف يوماً عن كشف خفايا السياسة القطرية بدايةً من قرار إحداث قناة الجزيرة، وانتهاءً بسياسة اللعب على الحبال الكثيرة المتناقضة والمختلفة، التي كشفتها عشرات التقارير الصحافية، قبل الاستخباراتية، والإعلامية المختلفة والكثيرة، والكتب والمؤلفات العديدة التي وضعها أصحابها لسبر ما يُعرف في الصحافة الفرنسية تهكماً "عبوة الغاز" القطرية، استناداً إلى كتاب الصحافيين الفرنسيين الشهيرين، كريستيان شينو، وجورج مالبرونو، والصادر في آخر 2013، على يد اثنين من أفضل الخبراء والعارفين بأسرار وماكينة القرار في الدوحة، ودور المخابرات القطرية، في تغذية روافد الإرهاب في المنطقة والعالم، بفضل الثروة التي تتمتع بها "عبوة الغاز".

ومن أشهر الكتب الخاصة بهذه الأدوار القطرية السرية، كتاب الصحافيين الفرنسيين الشهيرين أيضا، نيكولا بو، وجاك ماري بورجي تحت عنوان "البطة اللئيمة الصغيرة قطر"، وفيه فكك الخبيران الفرنسيان، شبكة الفساد والرشوة التي أقامتها قطر في فرنسا أو في دول كثيرة أخرى، لوضع يدها على مقدرات اقتصادية ومالية هامة، باللجوء إلى الرشوة، والتوريط، والابتزاز مروراً بالجريمة المنظمة وتمويلها، وانتهاء بتمويل الجماعات الإرهابية المختلفة في سوريا، واليمن، والعراق، وليبيا، وغيرها.

ومنذ 2011، وعاصفة التطورات التي شهدتها المنطقة العربية، أصبحت الدوحة، في طليعة العواصم التي تعرضت إلى أكبر قدر من الانتقادات والهجومات، والاتهامات خاصة بدعم الإرهاب والتورط فيه، بشكل مباشر أحياناً، أو غير مباشر أحياناً أخرى، ومن أشهر المقالات غير الأمريكية، التي تعرضت لدور قطر المشبوه منذ سنوات طويلة، مقال ديلي تلغراف البريطانية فيThe Club Med " for terrorists ".

وفي هذا المقال الشهير الذي تمحور حول النفاق والرياء القطري، باللعب على أكثر من حبل، كشف الكاتب عشرات الوقائع والحجج عن تورط مسؤولين قطريين ثانويين في تمويل الإرهاب الدولي، من القاعدة، وطالبان إلى جبهة النصرة، انتهاء بداعش، الذي كان في أوج صعوده يومها، أي في 2014.
ويكشف التقرير دور بعض الجهات القطرية في تمويل القاعدة، ثم داعش، على غرار مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني، في أقرب صلة بين الإرهاب الدولي والمحيط العائلي الأول، أو بعض الأمراء القطريين شخصياً، واللعب على المتناقضات مثل العلاقات الودية مع إسرائيل، والولايات المتحدة، ومع حركة حماس، وحركة طالبان، وحزب الله، وسواء كان عبر الاتصالات غير السرية بالنسبة لإسرائيل، أو بتوفير قاعدتين عسكريتين أمريكيتين، تساهمان بالقسط الأكبر في الحرب على الإرهاب في المنطقة، بما فيها أفغانستان، في الوقت الذي تفتح فيه الدوحة الباب واسعاً لسفارة طالبانية شبه رسمية، لدعم حرب التنظيم ضد الولايات المتحدة، وضد حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

ولكن الإعلام الفرنسي، أو البريطاني مثلاً، ليسا النموذج الوحيد للتقارير التي نشرتها الصحف المختلفة في أوروبا، وأمريكا، وآسيا، ما ينفي أي مصداقية عن الاتهامات القطرية الرسمية الأخيرة، وتأكيدها وجود حملة منسقة في الولايات المتحدة ضد قطر، والإصرار على ربطها بالإرهاب، ويهم الأمر بدرجات متفاوتة الصحف الإيطالية والإسبانية، خاصة بسبب الأطماع القطرية في أندية البلدين الأهم كروياً في العالم في السنوات القليلة الماضية.
ومن أشهر النماذج التي نشرت في السنوات الماضية لرفض الخضوع لقطر والإرهاب الدولي الذي تُموله، الحملات الشعبية التي انتظمت ضد قطر، في فرنسا، وإسبانيا مثلاً بسبب تمويل الدوحة فرق باريس أو برشلونة لكرة القدم، ما اعتبرته قطاعات واسعة من الشعبين الفرنسي والإسباني، زجاً بسمعة ومكانة البلدين في أتون الإرهاب الدولي، عبر ضخ أموال ضخمة في ميزانية الناديين.

ونُشر في إسبانيا مقال صحيفة "الدياريو" الكبرى الناطقة بالاسبانية في المقاطعة الكاتالونية في أغسطس (آب) 2014 عن "قطر تُمول برشلونة والإرهاب الإسلامي".

وفي فرنسا وعلى امتداد أشهر طويلة هددت إدارة النادي الباريسي باريس سان جرمان، ممثلة في رئيسها ناصر الخليفي، بمراجعة حضورها في فرنسا، إذا تواصلت "حملة الافتراءات الظالمة" بعد أن شهدت فرنسا عاصفة من الحملات المتواصلة التي اتهمت على امتداد 2015، قطر بدعم الإرهاب وتمويل باريس سان جرمان لصرف الأنظار عن دورها الحقيقي في فرنسا، وفي العالم بدعم القاعدة وداعش، خاصة.

وبعد تطور الموضوع في الفترة الماضية من ملف رياضي إلى ملف سياسي حارق، فلا يُستغرب التزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد فوزه بتنفيذ وعوده الانتخابية التي قطعها على نفسه، مثل "وضع حد للامتيازات المالية والضريبية التي تتمتع بها قطر في فرنسا"، في تصريحاته قبل الدور الأول من الانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) الماضي.

إن اتهام السلطات القطرية الأخير بعض "الأطراف الخارجية بتنظيم حملة للتشويش على صورة قطر، وربطها بالإرهاب"، كما جاء في بيان مكتب الاتصال الحكومي الرسمي، اتهام مُثير للاستغراب، ذلك أن الأدلة على التورط القطري في ملف الإرهاب، وخندق تبييضه وإعادة تدويره، أصبحت بمثابة الأركان القارة، أو الأعمدة الثابتة في الصحف الدولية الكبرى، من الأمريكية إلى الكندية، إلى الأسترالية وغيرها، بفضل غزارة وحجم الأدلة والوثائق، والمؤيدات، التي تفضح لعب القائمين على سياسة الدوحة الخارجية مع الذئاب، ومغامرتهم بخسارة الكثير بسبب ذلك، وبسببهم الغرور الذي يجعل بعض الأشخاص يعتقدون أنهم قادرون على ترويض الذئاب، قبل أن يتحولوا إلى وجبة بين فكي المفترس الشرس.