انتخاب الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد (أرشيف)
انتخاب الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد (أرشيف)
الجمعة 23 يونيو 2017 / 11:20

في السعودية.. المهام تستدعي رجالها

المدينة - عبدالمنعم مصطفى

قبل أعوامٍ، وأثناء التخطيطِ لإصدار ملحقٍ خاصٍّ بمناسبةِ اليوم الوطني السعوديِّ، اقترحتُ على الصحيفةِ، ملفًاً بهذه المناسبة بعنوان: "عالم بغير السعوديَّة"، نطرح من خلاله سؤالاً بذات العنوان على محلِّلين سياسيين، ومراكز أبحاث، وخبراء، وكتَّاب ومثقفين، انتهوا جميعاً عند الإجابة عن السؤال، إلى أنَّ السعوديَّة ضرورةٌ، واحتياجٌ دوليٌّ لا ينتهي، ليس فحسب باعتبارها مركزاً للطاقة والنفط، ولا فقط باعتبارها قبلةَ أكثر من مليار مسلم حول العالم، كحاضنة للحرمين الشريفين في مكَّة والمدينة، وإنَّما أيضاً باعتبارها عاملَ استقرارٍ إقليميٍّ ودوليٍّ، لا يمكن الاستغناءُ عن دورها في صناعته وإدارته.

استقرارُ السعوديَّة، حاجةٌ عالميَّةٌ، وضرورةٌ إقليميَّةٌ ودوليَّةٌ، أمَّا أهم مقوِّمات هذا الاستقرار، فهو ضمان الانتقال السلس للحكم في المملكة، دون هزَّات، أو هنَّات، وهو ما تحقَّق في كلِّ عمليات التسليم والتسلُّم، منذُ تولى الملك سعود الحكمَ خلفاً لوالده الراحل العظيم الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة، وحتَّى تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم خلفاً لشقيقه الراحل الملك عبداالله بن عبدالعزيز.

اعتاد العالمُ أن يهتم بانتقال السلطة في المملكة، من أخٍ إلى أخيه، في هدوءٍ وبلا صخبٍ، لكنَّه كان على موعد أول أمس الأربعاء مع انتقال السلطة لأوَّل مرَّة من جيلٍ إلى جيلٍ، ومن عصرٍ إلى عصرٍ.

لحظة، اختصتها مراكز الدراسات الدوليَّة بكلِّ الاهتمام، وأحاطتها بكلِّ القلق والانشغال، لولا أن أدارها أبناءُ الملك عبدالعزيز وأحفاده، بذات القواعد والأصول والقيم، التي حكمت عمليَّات الانتقال، ووفَّرت لها سياجاً من الأمانِ على مدى أكثر من 60 عاماً.

وراء الانتقال السلس للقيادة في المملكة العربيَّة السعوديَّة، قِيَم مستقرَّة، أراها بين أهمِّ مكوِّنات ومقوِّمات الأمن القومي السعوديِّ، أمَّا المشهدُ الذي جسَّد تلك القِيَم في أجلى صورها، فهو مشهدُ الأمير محمد بن نايف ولي العهد المغادر، وهو يُبايع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الجديد، على السمع والطَّاعة، في المنشط والمكره، صورة اختصرت كلَّ شيءٍ، ولخَّصت مصدرَ القوة والاستقرار الحقيقي في المملكة العربيَّة السعوديَّة.

بانتقالِ ولاية العهد إلى الأمير محمد بن سلمان (٣٢ عاماً) تنتقل القيادة في السعوديَّة من جيلٍ إلى جيلٍ.

يُمثِّل جيلَ بن سلمان أكثر من 60% من السعوديين، ويعكس بدرجة ملموسة تطلعاتهم، للوظائف، والسكن، والتعليم، والرعاية الصحيَّة، وهو ما عبَّرت عنه رؤية 2020/ 2030 التي طرحها ولي العهد السعوديّ.

بانتقال مهام ولاية العهد إلى الأمير محمد بن سلمان، تدخل رؤية المملكة 2030 طوراً جديداً، يتطلَّع معه قطاعٌ واسعٌ من السعوديين إلى استكمال إصلاحات هيكليَّة تتَّسم بالشجاعة وروح المبادرة، كان قد بدأها محمد بن سلمان منذ طرح رؤيته لمستقبل المملكة.

بروح براجماتيَّةٍ جريئةٍ، تمضي إصلاحاتُ بن سلمان الداخليَّة، باتجاه تحفيز حراك اجتماعيٍّ أسرع، يتيح للشباب والفتيات، فرصَ عمل حقيقيَّة، بأجورٍ حقيقيَّةٍ، تتيحُ لهم مستوى للمعيشة يليق بدولة ضمن أضخم عشرين اقتصاداً على مستوى العالم، وبذات الروح وربما بسببها شهدت سوق الأسهم السعوديَّة ارتفاعاً في قيمة أسهمها تجاوز نسبة 4% بعد ساعات فقط من مبايعة ولي العهد الجديد.

المهام تستدعي رجالها، والتحدِّيات التي تواجهها السعوديَّة في الداخل، هي مَن استدعت أصغر من تولوا ولاية العهد في السعوديَّة منذ قيامها على الإطلاق، ليطرح رؤية تستوعب التحدِّيات وتعكس الطموحات.

على مدى ما يقرب من 80 عاماً، حرصت السعوديَّة على تكريس عوامل الاستقرار، باستعدادٍ محدودٍ للمغامرةِ والتجديدِ، وبوصول أميرها الشاب محمد بن سلمان إلى موقع ولي العهد، بات لدى السعوديَّة مدير للمستقبل، يتحلَّى بالجرأةِ، وروح المغامرة، ويبدي استعداداً ملحوظاً لتبنِّي مبادراتٍ اجتماعيَّةٍ واقتصاديَّةٍ وسياسيَّةٍ غير مسبوقة في تاريخ المملكة، بجرأة تُحسب له، وبإقِدامٍ يُحسد عليه.

محمد بن سلمان لا يديرُ فحسب مستقبل المملكة، وإنَّما يُجسِّد بحضورِه تحدِّياً قيمياً وعمليّاً لمحيطها الإقليمي، قد يدفع الدماء الشابَّة إلى مواقع المسؤوليَّة على مستوى الإقليم كله.