جانب من الموصل بعد تحريرها من داعش.(أرشيف)
جانب من الموصل بعد تحريرها من داعش.(أرشيف)
الإثنين 10 يوليو 2017 / 14:55

سقطت الموصل والرقة تترنح.. داعش يعود إلى حرب العصابات

24- زياد الأشقر

قبل ثلاثة أعوام، صعد رجل دين يضع عمامة سوداء يدعى أبو بكر البغدادي المنبر في مسجد بمدينة الموصل العراقية وخاطب العالم زعيماً لدولة إرهابية جديدة. وكان الإعلان عن "الخلافة" نقطة الذروة للمقاتلين المتطرفين في داعش. وساعدهم عنفهم العلني وإيديولوجيتهم المروعة في السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، وعلى استقطاب كتائب من المقاتلين الأجانب وإنشاء إدارة مع موظفين ومحاكم وحقول للنفط. أما الآن فدولتهم تتداعى.

تم تنفيذ 51 هجوماً ناجحاً في أوروبا وشمال إفريقيا منذ يونيو (حزيران) 2014، عقب إعلان "الخلافة" وحتى يونيو (حزيران) 2017

وكتب بن هوبارد وإريك شميت في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه في سوريا، تطوّق الميليشيات المدعومة من الأمريكيين الرقة "عاصمة" داعش، واخترقت أسوارها التاريخية. وفي الجانب المقابل من الحدود، استولت القوات العراقية على بقايا المسجد الذي ظهر فيه البغدادي وعلى ما تبقى من شوارع كانت بأيدي الجهاديين. لكن خسارة أكبر مدينتين لن تشكل هزيمة نهائية لداعش وفق محللين ومسؤولين أمريكيين وشرق أوسطيين. فالتنظيم الإرهابي عاد فعلاً إلى جذوره كقوة متمردة، لكن هذه المرة مع إمكان الوصول إلى العالم ومع إيديولوجية تستمر في تحفيز المهاجمين في أنحاء العالم.

ضربات أساسية ولكن
ونقل الصحافيان عن الزميل الباحث في مؤسسة "تحرير" لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن حسن حسن أن "هذه ضربات أساسية لداعش لأن مشروع دولته انتهى، ولم يعد هناك خلافة، وهذا ما سيقلل عنها الدعم والمجندين.. لكن داعش اليوم تنظيم عالمي. وقيادته وقدرته على النمو مجدداً لا تزالان قائمتين".

ولفت الصحافيان إلى أن داعش غطى على تنظيمات جهادية سبقته مثل القاعدة لا لناحية السيطرة على أراضٍ وإنما بإدارة مدن ومناطق نائية لفترة طويلة، وحاز على مصداقية في عالم التشدد، مما أتاح له بناء تنظيم معقد. وهكذا بينما يخسر داعش أراضٍ، فإن كوادره الذين نجوا والفنيين ذوي الخبرات المتوسطة وخبراء الأسلحة والحملات الدعائية وعاملين آخرين، سيوظفون خبرتهم في العمليات المستقبلية للتنظيم. وحتى مع اهتزاز سيطرته على مراكز حضرية أساسية، فإن داعش لم يفقد المأوى بعد.

تلعفر والحويجة
وفي العراق لا يزال التنظيم يسيطر على تلعفر والحويجة ومدن أخرى ومساحات واسعة من الأنبار. وفي سوريا، فر معظم مسؤولي داعش من الرقة في الأشهر الأخيرة إلى مدن لا تزال تحت سيطرة التنظيم في وادي الفرات وفق مسؤولين أمريكيين وغربيين يتلقون إيجازات استخباراتية. وأعاد الكثير من هؤلاء تمركزه في الميادين، وهي مدينة على مسافة 110 كيلومترات من الرقة بالقرب من منشآت نفطية وخطوط امداد عبر الصحراء المحيطة.

ويقول مسؤولون أمريكيون إن هؤلاء الجهاديين اصطحبوا معهم معظم المجندين الأساسيين والخبراء في الدعاية والعمليات الخارجية. ونُقل قياديون آخرون من الرقة بواسطة شبكة من المساعدين الموثوقين إلى سلسلة من المدن من دير الزور إلى البوكمال.

1500 هجوم

ونسبا إلى دراسة نشرها مركز ويست بوينت، إن داعش نفذ نحو 1500 هجوم في 16 مدينة في أنحاء العراق وسوريا بعد تحريرها من سيطرة الجهاديين، مما يظهر ان التنظيم عاد إلى جذوره في حرب العصابات، ما يشكل تهديدات أمنية على المدى الطويل. وعالمياً، عوض داعش جزئياً خسائره في الداخل من طريق تشجيع مجنديه في الخارج في ليبيا ومصر واليمن وأفغانستان ونيجيريا والفيلبين، ومن خلال تنشيط عملائه في مناطق أخرى.

51 هجوماً في أوروبا
ونقل الصحافيان عن مسؤولين في الإستخبارات الأوروبية، ان ما بين 100 و250 من الأجانب المدفوعين إيديولوجياً، هُرّبوا إلى أوروبا بين أواخر 2014 وأواسط 2016، معظمهم عبر تركيا بعد اجتيازهم الحدود التي باتت تخضع لإجراءات أمنية مشددة الآن. واظهرت دراسة حديثة لبرنامج مكافحة التطرف في جامعة جورجتاون بواشنطن أنه تم تنفيذ 51 هجوماً ناجحاً في أوروبا وشمال إفريقيا منذ يونيو (حزيران) 2014، عقب إعلان "الخلافة" وحتى يونيو (حزيران) 2017، وكشف أن 18 في المئة فقط من هذه الهجمات ال65 نفذها أشخاص كانوا يقاتلون في العراق وسوريا.