زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.(أرشيف)
زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي.(أرشيف)
الخميس 20 يوليو 2017 / 14:11

مقتل البغدادي ليس النهاية.. إنه بداية تهديد جديد

في الحادي عشر من يوليو (تموز) الجاري، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل أبو بكر البغدادي الذي نصب نفسه خليفة وقائداً لدولة داعش المزعومة، وكان البغدادي أكثر رجل مطلوب في العالم منذ ثلاث سنوات عقب إعلان خلافة داعش في صيف عام 2014. وعلى الرغم من أن الجناح الإعلامي لداعش (أعماق) لم يؤكد خبر مقتل البغدادي، فإن وفاته (إذا كانت صحيحة) من شأنها أن تشكل خسارة مدمرة لداعش.

سواء أكان ميتاً أم حياً، فمن الواضح أن البغدادي سيظل أيقونة للحركة الجهادية العالمية المعاصرة

ويرى الباحث سايمون مابون، في مقال نشرته مجلة فورتشن، أن وفاة البغدادي يمكن أن تقود إلى الإسراع بتطور داعش من جماعة مسلحة تستولي على أراضٍ في منطقة الشرق الأوسط إلى منظمة إرهابية غير متبلورة قادرة على شن هجمات في أي مكان في العالم في أي وقت، ومن ثم فإنه يتعين على قادة الغرب إيلاء اهتمام شديد برد فعل داعش على هذه الأزمة، لاسيما أن التنظيم الإرهابي لديه القدرة فعلاً على زيادة التهديد بشن هجمات إرهابية في دول الغرب.

انشقاقات في صفوف داعش
ويقول الباحث: "يمكن إدراك كيفية استجابة الداعشيين لوفاة قائدهم من خلال إمعان النظر في رد فعل تنظيم داعش على الانتكاسات السابقة، ذلك أنه بعد فقدان داعش لمساحات واسعة من الأراضي التي كان يستولي عليها خلال السنوات القليلة الماضية، تحول هدف التنظيم الإرهابي من الاستحواذ على الأراضي إلى إثارة حملات التمرد. وفي مراحله التكوينية، كان التنظيم يعمل في خلايا صغيرة نشأت من المظالم المحلية وانصهر أعضاؤها مع إيديولوجية عدد من الأعضاء السابقين في تنظيم القاعدة والجناح العسكري لحزب البعث".

وينوه الباحث إلى اندلاع الصراع الداخلي على القيادة بين صفوف تنظيم داعش عقب مزاعم وفاة البغدادي، ويُقال إن أبا هيثم العبيدي، مسؤول بارز في داعش في الحويجة، قد انشق ومعه عدد كبير من الأتباع وأعلن نفسه خليفة. ولا شك في أن غياب وجود قائد يتمتع بكاريزما خاصة لقيادة داعش من شأنه أن يقود إلى استمرار حدوث مثل هذه الانشقاقات، بيد أن ذلك سيزيد من صعوبة هزيمة داعش على الأرض بالنسبة لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

إيديولوجية داعش
ويشدد الباحث على ضرورة الاهتمام بتأثير وفاة البغدادي على داعش دولياً، سواء بالنسبة إلى من يلتزمون بمغادرة بلدانهم والانضمام إلى داعش أو هؤلاء الذين تتوافر لديهم الرغبة في ارتكاب أعمال عنف في جميع أنحاء دول الغرب. وسوف يتردد صدى الرسالة الإيديولوجية لداعش لفترة طويلة عقب وفاة البغدادي. وتركز كتابات الداعشيين في البوق الإعلامي للتنظيم "مجلة دابق" على الترويج لفكرة نهاية العالم النابعة من اندلاع حرب بين داعش و"جيوش روما"، في إشارة إلى الحروب الصليبية، ويشجع هذا السرد المروع بصورة حتمية الداعشيين على ارتكاب أعمال الإرهاب في جميع أنحاء العالم، كما حدث في بريطانيا وجميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.

تهديد جديد
وعلى رغم أن وفاة البغدادي تُعد بمثابة ضربة قوية لداعش، فإنها سوف تغذي سردية النضال الوجودي للتنظيم الإرهابي، بحسب الباحث، ومن المؤكد أن رسالة اليقين التي كان يحملها البغدادي بشكل مقنع قد تضررت، وسوف ينخفض عدد الأشخاص الذين ينضمون إلى داعش من الخارج، ولكن ربما يقود ذلك إلى ارتكاب بعض الأشخاص فظائع في بلدانهم الأصلية تعويضاً عن الانضمام إلى داعش، ولذلك من الأجدر ألا نعتقد أن وفاة البغدادي ستكون نهاية داعش، وإنما هي على الأرجح بداية لتهديد من نوع مختلف.
   
الحركة الجهادية العالمية
ويلفت الباحث إلى أن مقتل البغدادي قد يسفر عن تنشيط تنظيم القاعدة الذي كان مهمشاً منذ صعود داعش في عام 2014 الذي جمع بين الخطاب الأصولي واستخدام العنف الشديد مما جذب إليه العديد من المقاتلين الأجانب الذي سافروا من قبل للالتحاق بتنظيم القاعدة. وسعى تنظيم القاعدة إلى إعادة اختراع نفسه في السنوات التي أعقبت ظهور داعش؛ حيث أدان وحشية الأخير والعنف الطائفي الذي بات محوراً رئيسياً في أجندة داعش. ومع وفاة البغدادي، قد يشعر تنظيم القاعدة بأن الفرصة قد حانت لاستعادة المكانة التي فقدها بسبب داعش في النضال من أجل أن يكون في طليعة الحركة الجهادية العالمية، وسيؤدي ذلك إلى شن مجموعة من الهجمات في محاولة من الجماعات الإرهابية لإظهار حيويتها وقدراتها.
  
ويختتم الباحث قائلاً: "سواء أكان ميتاً أم حياً، فمن الواضح أن البغدادي سيظل أيقونة للحركة الجهادية العالمية المعاصرة، وفي الوقت نفسه لاشك في أن إرث البغدادي لا يزال يشكل الإرهاب في جميع أنحاء العالم".