السبت 22 يوليو 2017 / 19:40

نتانياهو يغسل آثامه بالدم

الذين قُتلوا وجرحوا من الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي يتحمل مسؤولية دمهم بنيامين نتانياهو ولا أحد غيره.

قبل العملية الأخيرة في القدس، والتي لا صلة لأي تشكيل فلسطيني بها، كان وضع نتانياهو في إسرائيل قد بلغ أدنى درك من السوء، فما من فضيحة تقوم الشرطة بالتحقيق فيها إلا وكان أقرب الأقربين إليه ضالعاً فيها بصورة مباشرة، ما وضع رئيس الوزراء تحت طائلة الاتهام بالمشاركة أو الدعم أو الحماية، ولربما يصل نتانياهو إلى الرقم القياسي في عدد الساعات التي قضاها وسيقضيها في مكاتب التحقيق التابعة للشرطة، ورغم قاعدته اليمينية التي هي أفسد منه، إلا أنه لم يعد يشعر بالأمان، فالصحافة الإسرائيلية القوية والمؤثرة، لا تتوانى عن ملاحقته ووضعه داخل دائرة الاتهام المباشر، والقوى السياسية غير اليمينية المتشددة، تبحث عن وسيلة لخلق تحالف يقصيه عن السلطة عبر انتخابات مبكرة أو حتى في الانتخابات القادمة، ويبدو أن نتانياهو المتشبث بالسلطة حتى لو غرقت المنطقة في بحر من الدم، وضع خطة يظن أنها تنجيه من حتمية سقوطه عاجلاً أم آجلاً، فهو يكثر من الرحلات الخارجية، كي يوجه رسالة إلى جمهوره بأنه يشكل ضمانة لإسرائيل من خلال تطوير علاقات مع محيط دولي هو يعرف أنه غير قابل باحتلال إسرائيل واستيطانها مغطياً ذلك بسلسلة اتفاقات اقتصادية وأمنية لا تخلو من مسحة استعراضية.

ما حدث في المسجد الأقصى حيث الاختراق الأمني الفاضح لتبجحات نتانياهو حول نجاحاته في هذا المجال، يظهر الجانب الآخر من الخطة، وهو افتعال حرب مع الفلسطينيين تتجاوز في قسوتها وشمولها ما يوصف بالإجراءات الأمنية والاحترازية، فقد ركّب أجهزة إلكترونية ليس من أجل كشف الأسلحة، وإنما من أجل خفض أعداد المصلين تمهيداً لإجراءات أخرى، إنه يحتاج في حرب البقاء إلى استدراج عنف وعنف مضاد، فإذا ما تفاقم الوضع الأمني وهو في سبيله إلى ذلك، فمن هو الذي سيقف أمام فضائح الشمبانيا والسيجار أو حتى صفقات بيزك والغواصات وغيرها من الملفات الساخنة المفتوحة على تحقيق تفصيلي.

الدم إذاً هو المخرج وفي أمر كهذا يتساوى الدم الفلسطيني مع أي دم آخر ما دامت خطة البقاء تتطلب ذلك.

المنزلق الذي يدفع باتجاهه نتانياهو سيؤدي في وقت ما بل إنه أدى إلى ذلك بالفعل، أي إلى فقدان السيطرة على عناصر اللعبة الدموية، فالمستوطنون ستطلق أيديهم بفعل المناخ السائد وهذا ما حدث بالأمس حول القدس، ورجال وفتيات السكاكين الذين لا يتلقون توجيهاً أو أمراً من أي جهة سياسية لابد وأن يفاجئوا الجميع بأعمال غاية في الخطورة والتأثير مثل عملية حلميش على أبواب مدينة رام الله.

هذا هو الثمن التلقائي للعبة السلطة عند نتانياهو، فهل من يستوعب هذا البعد في الصراع المتجدد على الدائرة الفلسطينية الإسرائيلية، هل يتلمس السيد ترامب هذا البعد وهو يعد بصفقة تاريخية.

إن الوضع مرشح لمزيد من الانفجارات التي قد تخبو أياماً لتنفجر في لحظة ما وتعيد الجميع إلى نقطة الصفر بما في ذلك أرباب الصفقة التاريخية.
إن مساراً جديداً يفرضه نتانياهو على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي أفضل الأحوال سيبعد احتمالات الحل، وفي أسوأ الأحوال سيجعل الحل مستحيلاً والصراع أبدياً.