الإثنين 24 يوليو 2017 / 08:55

أنصاف الحلول مرفوضة

ابن الديرة - الخليج

التفاوض حول قضايا تتنازع أطرافها حول تفاصيلها، وتختلف مواقفها تجاهها، أمر مفهوم وواقعي، ولا يخرج عن منطق التعامل، وهو سبيل محبذ لتقريب وجهات النظر بين المختلفين، تمهيداً للوصول إلى اتفاقات يقبل بها الجميع.

لكن عندما يتعلق الأمر بالمبادئ والعقائد والمصالح الوطنية، فلا تجوز القسمة على اثنين هنا، ولا يكون مقبولاً التنازل واللقاء في منتصف الطريق، خاصة عندما تغيب الدقة عن وصف "نزاع" لما يدور من أحداث، ويكون الصراع الدائر بين الحق والباطل، المنطق واللاعقلاني، المصلحة الوطنية والمصالح الذاتية الضيقة، التي لا تكون إلّا على حساب الآخرين.

فبماذا نتنازل إذا جلسنا على طاولة واحدة مع رعاة الإرهاب، وحضنة الإرهابيين؟

حول ماذا يمكن أن نتفاوض، وما الذي يمكننا أن نتنازل عنه لينهي الطرف الآخر عداءه لنا ومساعيه الدؤوبة لوأد استقرار دولنا وتدمير إنجازاتها؟

أين اختلفنا لنحاول أن نصل إلى حلول وسط ترضي الجميع، وتكون مفتاح أمن دول المنطقة وأمانها؟

نحن أمام طرف لا نتنازع معه على أرض ولا سماء ولا زرع، لكنه يصر على أن يناصب دول المنطقة وشعوبها العداء، يريد أن يكون له شأن وحضور ومكانة رفيعة، ولكن بدل أن يسلك الطرق المثالية لتحقيق هذه الأهداف، وجد أن العنجهية، والتلويح بالقوة، والغطرسة، سبيل يوصله إلى تحقيق مآربه، فبات يتدخل بصورة غير مباشرة في شؤون دول المنطقة، عبر رعايته للتكفيريين، الإرهابيين الذين يعادون الإنسانية والإنسان على هويته البشرية، ومدهم بكل أسباب القوة لتحقيق أهدافهم المشتركة.

لا مجال للتفاوض هنا، لأنه غير مقبول التنازل في قضايا الوطن والوجود والكرامة، وكلها من مكونات السيادة التي لا تتحمل المساس بها من قريب أو بعيد.

الدعوة إلى التفاوض يجب أن تصحح وتصبح دعوة المتطفلين على مصالح الدول والشعوب أن يكفوا أيديهم عنها، ويتخلصوا إلى غير رجعة من سياساتهم القائمة على الغدر والمكيدة، وازدراء الآخرين، والمناقضة لقيم المحبة والتسامح والتآخي والتعاون المشترك لتحقيق المصالح الوطنية والإنسانية.

الجميع حازمون في هذا الأمر، فلا يوجد ما يمكن التفاوض حوله، والتنازل عن بعض المطالب بشأنه، فالمشكلة شديدة الوضوح وغاية في البساطة، فهناك داعمون للإرهاب بالمال والسلاح والتدريب والغطاء السياسي، يجب أن يتخلوا عن هذه المواقف الإجرامية إلى غير رجعة، ومن دون التحدث إلى أي طرف كان، فالمشكلة مفتعلة، وعلى الفاعلين أن يتوبوا ويكفوا عن أفعالهم.