البوابات الإلكترونية التي نصبتها إسرائيل على مداخل الأقصى.(أرشيف)
البوابات الإلكترونية التي نصبتها إسرائيل على مداخل الأقصى.(أرشيف)
الثلاثاء 1 أغسطس 2017 / 19:45

ذرائع داعشية لليمين الاسرائيلي

كانت المناخات التي وفرها توحش داعش ملائمة لتبرير نظرة اليمين الموغلة في "الاستعلائية" و"العنصرية" واعتبارها ردة فعل على التطرف الديني

في محاولة واضحة لرد تهمة السعي لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى وتبرير حرمان المصلين المسلمين من الصلاة فيه، ركز خطاب اليمين الإسرائيلي أثناء أزمة "البوابات الإلكترونية" و"الكاميرات" على ربط أحداث القدس بالتطرف الداعشي من خلال مقاربات بين الإجراءات التي تتخذها الحكومة الاسرائيلية والمتبع في دول عربية وإسلامية تعرضت المساجد ودور العبادة فيها لإرهاب الدواعش.

إغفال اليمين الإسرائيلي لفوارق بينها "الاحتلال" الذي حول الأقصى لقضية وطنية، إلى جانب بعدها الديني لم يكن المفارقة الوحيدة في ذلك الخطاب الذي تجاهل أيضاً الاستفادة الإسرائيلية من إفرازات الإسلامين السياسي والجهادي في المنطقة.

لم يكن غائباً عن نشطاء العمل الوطني في الأراضي الفلسطينية مطلع ثمانينيات القرن الماضي التسهيلات التي كانت تقدمها الأجهزة الإسرائيلية لتشكيلات الحركة الإسلامية التي عرفت في وقت لاحق باسم "حماس" وكان واضحاً لقراء المشهد السياسي في ذلك الحين رغبة الإسرائيليين في إيجاد ند عقائدي لفصائل الحركة الوطنية الفلسطينية إذا لم تكن هزيمتها النهائية ممكنة وتمخض عن الجهد الإسرائيلي والظروف الذاتية والموضوعية الفلسطينية التي رافقته وأعقبته أطوار من الانقسام الفلسطيني أقساها وجود كيانين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

قبل الإعلان عن تشكيل حركة حماس اتجهت الانظار نحو ظاهرة عبدالله عزام و"الجهاد العربي" في أفغانستان التي أدت إلى انقسام العرب والمسلمين بين قضيتين وفي كثير من الأحيان طغت الحرب الأفغانية على تطورات القضية الفلسطينية في الاهتمام الدولي مما يعني ـ من بين ما يعنيه ـ تقليل الكلفة المفترضة لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.

التداعيات التي أحدثها ظهور "داعش" بعد المراحل التي مر بها تنظيم "القاعدة" وضعته على مسار حالة الاستقطاب التي ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي حيث ساهم مع إفرازات ما يعرف بالربيع العربي في إبعاد القضية الفلسطينية عن دائرة الضوء.

كيفية التعاطي الإسرائيلي مع أزمة الأقصى الأخيرة أظهرت تجاوز استخدام ظواهر الاسلام السياسي والجهادي حدوده السابقة فقد كانت المناخات التي وفرها توحش داعش ملائمة لتبرير نظرة اليمين الموغلة في "الاستعلائية" و"العنصرية" واعتبارها ردة فعل على التطرف الديني في المنطقة رغم جذورها الممتدة إلى عمق التفكير الصهيوني.

تتيح قابلية "الاستخدام الإسرائيلي" لـ "التطرف الإسلامي" تفريخ وظائف اسرائيلية متعددة لقوى وأطراف الإسلام السياسي والجهادي ـ بأقل جهد إسرائيلي ـ بدءاً بدفع القضية الفلسطينية إلى هوامش الاهتمام الإقليمي والدولي، مروراً بتشظية المشهد السياسي الفلسطيني وتكريس الانقسام، ولن ينتهي الأمر بإيجاد الغطاء لممارسات الاحتلال أو تغذية التطرف اليهودي وتبرير وجوده وسياساته وتعويم حجج مناوئيه بإظهاره جزءاً من صراع التطرفات في المنطقة.