صورة مركبة للرئيس الإيراني حسن روحاني والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون.(أرشيف)
صورة مركبة للرئيس الإيراني حسن روحاني والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون.(أرشيف)
الثلاثاء 8 أغسطس 2017 / 14:25

هل تحذو إيران حذو كوريا الشمالية؟

أثارت التجارب الصاروخية الباليستية الطويلة المدى التي أجرتها كوريا الشمالية مؤخراً، والتي أظهرت تقدماً بشان قدراتها على ضرب الأراضي الأمريكية بسلاح نووي، مخاوف لدى الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين. ولكن الشعور بتبعات تلك التجارب طال مناطق بعيدة عن آسيا وأمريكا الشمالية.

ضربة وقائية ضد برنامج إيران النووي ستكون مكلفة ومثيرة لمشاكل، ولكن بالنظر لكلفات وتبعات امتلاك إيران لسلاح نووي، فإنه يبقى الخيار الحقيقي فيما لو دعمه عدد من جيران إيران

وكتب، في مجلة "فورين أفيرز" فيليب غوردون زميل بارز لدى مجلس العلاقات الخارجية، ومنسق سابق في البيت الأبيض لقضايا الشرق الأوسط بين عامي 2013-2015، أن ثمة تساؤلاً يتم تداوله في الشرق الأوسط، ويتعلق بما إذا كان استعداد واشنطن الظاهري للتعايش مع أسلحة كوريا الشمالية النووية ينبئ بما سيحصل أيضاً حيال إيران.

مخاوف محقة
ويرى غوردون أن تلك المخاوف لها ما يبررها، لأن أوجه الشبه بين الحالتين كبيرة. فقد أعلنت إدارة بيل كلينتون في عام 1994 عن إطار عمل يقضي بتجميد وتفكيك برنامج كوريا الشمالية النووي، على وعد بأن" كوريا الشمالية وحلفاء أمريكا الآخرين سيكونون محميين، وأن العالم أجمع سيكون أكثر أمناً، والولايات المتحدة والمفتشين الدوليين سيراقبون عن كثب كوريا الشمالية لضمان التزامها بتعهداتها. ولكن بيونغ يانغ خدعت العالم، وانهارت الصفقة، وخلال عشر سنوات، عاودت كوريا الشمالية السير على طريق تصنيع قنبلة نووية.

عقيدة جديدة
ويشير الكاتب لمحاولة الرئيس الأسبق جورج بوش اتباع نهج أكثر تصادمية، ولكنه أخفق أيضاً. وبالرغم من تطبيق عقيدة جديدة، والتعهد بمنع أطراف معادية مثل كوريا الشمالية من الحصول على أسلحة دمار شامل، لم يستطع بوش فعل أي شيء سوى" شجب هذا السلوك الاستفزازي"، عندما اختبرت بيونغ يانغ سلاحاً في 2006.

صبر استراتيجي
ومنعاً لمواجهة عسكرية، وكذلك رفض مكافأة كوريا الشمالية على سلوكها عبر محادثات، لجأت إدارة باراك أوباما في عام 2009 إلى سياسة "الصبر الاستراتيجي"، ولكنها لم تستطع عمل أي شيء سوى مراقبة بيونغ يانغ وهي تبني ترسانة نووية وتطور أنظمة نقلها.
وعندما أعلن ديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ ـ أون، عن نيته اختبار صاروخ باليستي بعيد المدى يحمل رأساً نووياً، تفاخر ترامب على تويتر بأن ذلك "لن يتم". وأعلن لاحقاً أنه سوف يرسل "أسطولاً" إلى المنطقة. وعزز نائب الرئيس مايك بنس تلك الرسالة عندما قام بزيارة للمنطقة الكورية المنزوعة السلاح، وحذر بيونغ يانغ من "اختبار عزم ترامب، أو قوة الجيش الأمريكي". ولكن كوريا الشمالية أجرت تجارب أخرى، وتشير جميع المؤشرات إلى أن الرد الأمريكي لن يكون أكثر فعالية عما كان عليه عند مواجهة تجارب كورية شمالية أخرى طوال السنوات العشرين الأخيرة.
  
فروق أساسية
ونظر إلى ذلك السجل من الأحداث، يمكن تقهم زعماء وأشخاص شرق أوسطيين عندما يتساءلون عما إذا كانت الجهود الأمريكية لمنع إيران من تصنيع قنبلة ستكون أكثر نجاحاً. ولكن هناك فروق كبيرة بين الحالتين، ومن المهم استخلاص بعض الدروس من التجربة الكورية الشمالية. فما زال هناك مجال لمنع إيران من السير على خطا كوريا الشمالية، ولكن في حالة واحدة فقط، عندما يتعامل زعماء في واشنطن وفي مناطق أخرى بجدية مع ذلك التحدي، ومع الاعتراف بأن الحالتين مختلفتين.

عزلة اقتصادية وديبلوماسية

وبحسب الكاتب، لربما يرى البعض أن فشل الديبلوماسية مع كوريا الشمالية، يفترض أن يدفع أمريكا وشركاءها لتجنب المشاركة في أية مفاوضات، والتركيز فقط على عزلة اقتصادية وديبلوماسية لحين انصياع النظام الإيراني أو انهياره. ولكن ذلك سيكون خطأ كبيراً لعدة أسباب.

ففي حالة كوريا الشمالية، انهار اتفاق إطار العمل لأن الكونغرس الأمريكي لم يف بتعهداته بتزويد كوريا الشمالية بالطاقة. كما وفي غياب أية صفقة، لم تنهر كوريا الشمالية، ولا أذعنت، بل نجحت في تطوير أسلحة نووية.

بدائل كارثية
ويرى غوردون أن النهج الأسلم في حالة إيران اليوم يفيد بعدم التخلي عن المفاوضات، وإلا فإن بدائل كارثية ستواجهها أمريكا والعالم ، وتقوم على القبول بقنبلة إيرانية، أو قصف إيران.

وهناك وجه اختلاف أساسي آخر، وهو أن خياراً عسكرياً لمنع إيران من حيازة قنبلة يبقى مطروحاً كملاذ أخير. وفي كوريا الشمالية، لطالما أعاق واقع استراتيجي الحل العسكري، ذلك أن سكان كوريا الجنوبية، ومنهم سكان العاصمة سيئول، هم على مرمى عشرات الآلاف من الصواريخ الكورية الشمالية، فضلاً عن معارضة جميع جيران بيونغيانغ، ومنهم كوريا الجنوبية، لأي عمل عسكري من أجل حظر انتشار نووي.

ضربة وقائية
ولكن في حالة إيران، فإن ضربة وقائية ضد برنامجها النووي ستكون مكلفة ومثيرة لمشاكل، ولكن بالنظر لكلفات وتبعات امتلاك إيران لسلاح نووي، فإنه يبقى الخيار الحقيقي فيما لو دعمه عدد من جيران إيران.

وعوضاً عنه، يدعو الكاتب أمريكا وأطراف دولية أخرى للاستفادة من الوقت الذي حددته الصفقة النووية للتخطيط لاحتمال أن تتخلى إيران عن فرصتها، وأن تسعى لطمأنة المجتمع الدولي، مع وجوب دخول الولايات المتحدة في حوار مع جميع الاطراف المعنية بالقضية.