مسلحون من ميليشيات الحشد الشعبي العراقية. (أرشيف)
مسلحون من ميليشيات الحشد الشعبي العراقية. (أرشيف)
الثلاثاء 15 أغسطس 2017 / 19:11

الحشد التائه

تأخذ إعادة التوظيف المحلي للحشد شكل استقواء مكون سياسي على مكونات أخرى الأمر الذي يظهر واضحاً في حماس المالكي والتنظيمات الأكثر ميلاً لإيران إلى الابقاء عليه وخشية رئيس الحكومة حيدر العبادي من مواجهة القوى المدافعة عن بقاء التشكيل

في المشهد السياسي العراقي أسئلة كانت تطرح بخجل قبل انتهاء معركة الموصل بانتصارات على داعش والانتقال إلى ملاحقة فلوله وتنظيف جيوبه وأهم هذه الاسئلة ما دار حول المصير المفترض للحشد الشعبي.

بين دوافع ومبررات السؤال الذي احتفظ بديمومته وتضخم بعد أن وضعت الحرب أوزارها الأرضية التي تشكلت عليها فكرة الحشد وهي القيام بالمهمة التي عجز عنها الجيش العراقي ـ المتمثلة في التصدي للتنظيم الإرهابي ووقف تمدده واستعادة الأراضي التي استولى عليها خلال فترتي حكم نوري المالكي ـ الأمر الذي يعني من بين ما يعنيه أن أبرز الدوافع التي ينطلق منها سؤال ما بعد الموصل مبني على مدى الحاجة لجيش يوازي جيش الدولة.

مثل كل الأجوبة العراقية المعلقة تصطدم الإجابة على هذا السؤال بحالة الفوضى التي تمر بها البلاد منذ إسقاط نظامها السابق وقدرة تطوراتها على تفريخ معطيات جديدة.

إحدى هذه المعطيات غياب المرجع الديني الذي أصدر الفتوى بتشكيل الحشد عن المشهد السياسي بعد أن ضاق ذرعاً بممارسات مفرداته واستثمارها معادلة المحاصصة الطائفية في نهش موارد الدولة مما يعني صعوبة صدور فتوى مماثلة تجب ما قبلها.

يضاف إلى هذا العامل تضخم الحشد خلال العامين الماضيين والدور السياسي الذي انتزعه بفعل مشاركته في الحرب على داعش علاوة على توظيفاته الإقليمية وتركيبته وأجندات المسيطرين عليه.

لا يخلو الأمر من عوامل أخرى بينها الرغبة في استثمار التشكيل ـ الذي يجمع بين العسكري والمليشياتي ـ في ترتيب أوضاع الدولة العراقية لمرحلة ما بعد داعش وتحديد مساراتها السياسية بما يخدم بعض المكونات السياسية المحلية ومصالح امتداداتها الاقليمية.

لهذه المقدمات والعوامل وغيرها من الظروف المحيطة بها ما يكفي لإيجاد أدوار جديدة للحشد تنقسم بين المحلى والإقليمي.

تأخذ إعادة التوظيف المحلي للحشد شكل استقواء مكون سياسي على مكونات أخرى الأمر الذي يظهر واضحاً في حماس المالكي والتنظيمات الأكثر ميلاً لإيران إلى الابقاء عليه وخشية رئيس الحكومة حيدر العبادي من مواجهة القوى المدافعة عن بقاء التشكيل الذي تعده مكونات طائفية واجتماعية عراقية سيفاً مسلطاً عليها وجيشاً لطائفة بعينها.

وهناك أكثر من منحى للتوظيف الإقليمي للحشد الشعبي، ففي هيمنته استكمال لترتيب البيت العراقي وفق التصور الإيراني ولسلاحه القدرة على إرباك الاستفتاء الكردي علاوة على قيامه بمهام مرتبطة بالأجندات الإيرانية خارج الجغرافيا العراقية.

مع انتهائه من مهمته المعلنة وهي المساهمة في القضاء على داعش يتحول بقاء الحشد الشعبي إلى أداة لتغييب إمكانيات التوافق بين المكونات السياسية والاجتماعية والطائفية العراقية وإدامة الانقسام الداخلي والمساهمة في الابقاء على حالة التوتر الإقليمي مما يعني استمرار تدويل الأزمات العراقية المتلاحقة وتفويت فرص اغلاق الباب أمام التدخلات الدولية والإقليمية على المدى المنظور. وفي كل ذلك مناخات ملائمة لإعادة إنتاج دوامات العنف التي تشهدها البلاد.