قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ووزير الخارجي الروسي سيرغي لافروف.(أرشيف)
قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ووزير الخارجي الروسي سيرغي لافروف.(أرشيف)
الأحد 17 سبتمبر 2017 / 14:27

روسيا في ليبيا..محاولة إصلاح ما أفسدته واشنطن

24- زياد الأشقر

كتب لينكولن بيغمان وكايلي أورتون في مجلة "فورين بوليسي" أن ليبيا التي تعاني عدم الاستقرار والعنف منذ عام 2011، تعود لتكون نقطة تنافس جيوسياسي. ومع الصراع الذي تخوضه القوى المتنافسة للسيطرة على البلد الذي مزقته الحرب، تحظى حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي بدعم من الأمم المتحدة، فيما بدأت القوى الخارجية بالوقوف إلى جانب هذا الطرف أو ذاك، مما يساهم في تدويل النزاع.

إذا أعطت مغامرة بوتين ثمارها في ليبيا، فإن روسيا ستظهر أنها قادرة على تشكيل النتائج السياسية في الخارج من دون غزو بري مكلف أو حملات مدمرة

وبالنسبة للمراقبين الأجانب، فإن التدخل المتزايد لروسيا، الحليف الأساسي لقائد الجيش الوطني خليفة حفتر، يكتسب ميزة خاصة.
فبعد التدخل العسكري الروسي في سوريا، يبدو كأن الدور الروسي في الحرب الأهلية الليبية مألوف، إذ يعمل الكرملين على تعزيز سلطة الرجل الإقليمي القوي ويؤسس "هلال نفوذ روسياً" في أنحاء الشرق الأوسط. ونظراً إلى أوجه الشبه بين حفتر والرئيس السوري بشار الأسد، يمكن تفهم درجة معينة من القلق. وعلى غرار الأسد، الذي يتوجه إلى الحكومات الأجنبية منذ وقت طويل لاعتبار الثوار السوريين إرهابيين، يقدم حفتر نفسه حصناً ضد عنف المتطرفين في ليبيا، حيث لا يزال داعش ناشطاً فيما أنشأ الإسلاميون ميليشيات قوية ودخلوا في الحياة السياسية العامة.

استثمار في حفتر
ومع ذلك لا تشمل الاستراتيجية الفعلية لروسيا قصف ليبيا لإرغامها على القبول ب"رجل موسكو" كقائد لها، ذلك أن نوايا روسيا في ليبيا هي أكثر من التعاون مع الأسرة الدولية، ولا تقل عن تحقيق مصالحها الوطنية الخاصة. ومن أجل ضمان ذلك، فإن روسيا تستثمر في حفتر، وقد استقبلته في موسكو كزعيم أجنبي يتولى منصباً فعلياً، ورتبت له اجتماعات مع وزراء رفيعي المستوى وكذلك مع مسؤولين أمنيين، بمن فيهم وزير الخارجية سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو وسكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف. وتعززت صورة حفتر ك"شخصية قيادية سياسية وعسكرية"، وفق ما وصفه أخيراً نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، بتوزيع صور له على متن حاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزنيتسوف" التي زارت ليبيا خلال جولة في البحر المتوسط.

3 مليارات دينار ليبي
وأضاف الباحثان أن المساعدة المادية هي أهم بكثير من التقاط الصور وتبادل الكلام الودي. وهنا أوفى الكرملين بالتزاماته، إذ طبعت موسكو ثلاثة مليارات دينار ليبي باسم البنك المركزي الحليف لحفتر، كما أرسلت فنيين روساً للمساعدة في ترميم وتطوير القدرات العسكرية للجيش الوطني الليبي، الذي يعتمد بالكامل على الأسلحة السوفياتية. وانسجاماً مع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إرسال السلاح إلى ليبيا لا يمكن لموسكو أن تقوم بتسليح حفتر بشكل مباشر. لكن في امكانها إرسال السلاح عبر مصر، الجار المؤيد لحفتر والذي تحاذي الأراضي التي يسيطر عليها في شرق ليبيا الأراضي المصرية، ويقال إنها تستضيف قوات خاصة روسية.

 وفوق ذلك، فإن البعض في ليبيا، مثل عبد الباسط البدري، سفير حكومة الوفاق الوطني إلى السعودية وحليف حفتر الذي زار موسكو في مارس (آذار)، يشجع علناً على نشر قوات روسية في ليبيا في إطار تدخل مماثل لما جرى في سوريا. وعندما سئل حفتر عن التعاون العسكري مع موسكو، أجاب أنه "يرحب بأي دور" لروسيا في ليبيا. 

إصلاح ما أفسدته واشنطن
واعتبر الباحثان أنه في نهاية المطاف، فإن العودة الروسية للإستثمار في روسيا لا تتلخص في قاعدة أو عقد. بل إنها القدرة على تجسيد الرواية المركزية لموسكو التي تقولها للعالم ولمواطنيها في الأعوام الأخيرة، إن ما تفسده الولايات المتحدة، تصلحه روسيا. ويدأب المسؤولون الروس على القول إن ليبيا سقطت في الفوضى نتيجة تدخل حلف شمال الأطلسي عام 2011، الذي انتقده بشدة رئيس الوزراء الروسي عامذاك فلاديمير بوتين. وإذا أعطت مغامرة بوتين ثمارها في ليبيا، فإن روسيا ستظهر أنها قادرة على تشكيل النتائج السياسية في الخارج من دون غزو بري مكلف أو حملات مدمرة. وقد يكون هذا النصر النفسي الجائزة الأثمن من أي شيء آخر.