مصريون يتظاهرون خلال ثورة 25 يناير في القاهرة.(أرشيف)
مصريون يتظاهرون خلال ثورة 25 يناير في القاهرة.(أرشيف)
الأحد 24 سبتمبر 2017 / 12:35

هكذا خطف الإخوان المسلمون الربيع العربي (2)

عندما انطلقت انتفاضات الربيع العربي، ظهرت ظروف جديدة للإخوان الإرهابيين، مع أنهم لم يكونوا هم الذين بدأوا التحركات. ولم يكن الإسلام مباشرة شعاراً في الاحتجاجات العابرة للخطوط الدينية والسياسية والاجتماعية.

الأحزاب العلمانية لم تكن منظمة جيداً، ولم تكن بالتالي بديلاً قابلاً للحياة. فقد افتقر إلى الرسالة الواضحة، وإن تكن الأحزاب الإسلامية افتقرت إلى الهيكلية

ويقول الباحث نواف عبيد في دراسته "الإخوان المسلمين: إخفاق في التطور السياسي" إن إسلاميين كثراً وقفوا على هامش الانتفاضات. ولكن الإخوان كانوا سريعين في استغلال الاضطرابات. ففي الانتخابات النيابية في مصر والتي أجريت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 ويناير (كانون الثاني) 2012، ذهب ثلثا أصوات الاقتراع الشعبي للإسلاميين (37% من الأصوات ذهبت لحزب الحرية والعدالة). ولم تذكر الأحزب الإسلامية المسائل الدينية إلا مرات قليلة في برامجها خلال انتخابات أجريت إبان الربيع العربي. ففي برنامج حزب النور السلفي مثلا وردت كلمة "شريعة" خمس مرات و"الإسلام" 25 مرة في مقابل 58 مرة لكلمة "اقتصاد".

الاقتصاد والتنمية في مقدمة الأولويات
بالنسبة إلى كثيرين (أكثر من 50 %)، كان الاقتصاد والتنمية الاقتصادية في مقدمة الأولويات. ولكن لأن مصر دولة نامية، لم تتطلع الكتلة الناخبة الفقيرة إلى الوعود الطويلة الأمد، وإنما إلى الوعود القصيرة المدى، على غرار الخدمات الاجتماعية التي قدمها الإسلاميون والتي قد تجعل حياتهم أسهل.

ويلفت الباحث إلى عامل آخر حاسم ويتعلق بتغير التركيبة الديمغرافية لأولئك الذين يتبعون الإسلام. فالأجيال الشابة من المسلمين حول البلاد والتي شاركت في تظاهرات الربيع العربي لم تكن تركز على الإسلام أو الدين بذاته، وإنما كانت مهتمة بالحصول على وظائف اعتقدت أنه يمكن الوصول إليها عند التخرج. فمثلاً، كان 54% من خريجي الجامعات في القاهرة عاطلين عن العمل عند اندلاع الربيع العربي. إلى ذلك، يلفت الباحث إلى أن التدين ينحسر بين الأجيال الشابة، وخصوصاً أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلتهم أكثر تساهلاً خيال الجنس واللباس.

القيم الأساسية وحقوق الإنسان
ومع ذلك، وبينما لم تكن الإسلاموية في شكلها الأنقى، شعبية، فإن قيمها الأساسية التي يمكن اعتبارها حقوقاً أساسية، لا تزال قوية. فكما قال العالم السياسي بسام طيبي، الإسلاموية هي إيديولوجية سياسية مختلفة عن الإسلام وتعاليمه. إنها تتعلق بالقيم الأساسية أكثر منها مظاهر دينية محددة. ولأن هذا المعنى من الإسلاموية يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية، سجلت الأحزاب الإسلامية بعض النجاح على رغم أن غالبية ناخبيها هم من الشباب الأقل تديناً من الأجيال الأخرى وتشعر بأنه يجب إبقاء الدين بعيداً من الحياتين السياسية والاجتماعية.

ووفقاً لتقرير عربي، يعتبر الشباب مصدر الدعم للأحزاب الإسلامية بنسبة 80%، ومع ذلك يشعر ثلثا هؤلاء بأن رجال الدين يجب ألا يكون لهم تأثير على قرارات الحكومة.

ضعف الأحزاب العلمانية
وفي الأسباب الأخرى التي ساهمت في صعود الإخوان الإرهابيين خلال "الربيع العربي"، يقول الباحث إن الأحزاب العلمانية لم تكن منظمة جيداً، ولم تكن بالتالي بديلاً قابلاً للحياة. فقد افتقر إلى الرسالة الواضحة، وإن تكن الأحزاب الإسلامية افتقرت إلى الهيكلية.
كان الزعماء العلمانيون غير محترفين ولا يتمتعون بالخبرة، بينما حقق الإسلاميون لأنفسهم الشهرة عبر التلفزيون والمناشير ووسائل التواصل الأخرى. وافتقرت الأحزاب العلمانية في تونس خصوصاً إلى الهدف المشترك، وغالباً ما تشتتت الأصوات بين أحزابها، مما حرم حزباً واحداً النصر. كذلك، اعتبر اليساريون أقل تنظيماً من الإسلاميين.

ويختصر الباحث قائلاً إنه على رغم التناقضات الكبيرة والوعود غير المحققة أحياناً، اعتبر الإسلاميون أكثر موثوقية، بإظهارهم التزاماً للتغيير الاجتماعي. ففي ظل اضطرابات اقتصادية ومع وجود حزب جذاب وملتزم مواجهة هذه الاضطرابات، يصير لأكثر ترجيحاً أن يحقق هذا الحزب النجاح.